ناذا عن سياسة دونالد ترامب؟
تشهد نخبة السياسة الخارجية العالمية حالة من القلق المتزايد بشأن إمكانية عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة. ومع ذلك، يعتقد ألكساندر غراي من مجلة “ناشيونال إنترست” أنه لا يوجد ما يدعو للقلق.
في المؤتمرات الدولية ومنصات الرأي في الصحف والمعلقين التلفزيونيين، تنتشر توقعات كارثية حول عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تتراوح بين انهيار الديمقراطية الأمريكية إلى انسحاب الولايات المتحدة من القيادة العالمية وحتى صعود زعيم موال لموسكو يسيطر على الأمن القومي الأمريكي.
لكن تقييم سجله في السياسة الخارجية كرئيس يُظهر أن الكثير من هذه التحذيرات غير متطابقة مع الواقع، بل وتتناقض مع أفعاله ومواقفه خلال فترة ولايته.
منذ لحظة دخوله السباق الرئاسي في 2016، أدانه المعلقون المؤسسيون باعتباره متهوراً ويشكل تهديداً للسلام الدولي. واعتبروا أسلوبه الفريد في الدبلوماسية خطراً، متوقعين صراعات وشيكة طوال فترة رئاسته.
لكن الأحداث التي وقعت منذ مغادرته المنصب تُظهر عكس ذلك.
فهم ترامب لكيفية الحفاظ على نظام عالمي مستقر ومزدهر كان يعتمد على القوة العسكرية والاقتصادية الأمريكية، مستلهماً من مبدأ “السلام من خلال القوة” الذي عبّر عنه رونالد ريغان.
على عكس أسلافه، لم يتورط ترامب في تدخلات عسكرية غير ضرورية أو يسمح بتآكل الردع الأمريكي من خلال تصريحات فارغة، كما حدث في سوريا وأفغانستان وأوكرانيا وبحر الصين الجنوبي.
غياب الصراع العالمي في عهده لم يكن صدفة، بل نتيجة لسياساته المتعمدة.
يصف منتقدو ترامب بأنه انعزالي ويتبنى سياسة “أمريكا أولاً”، التي تعود إلى مناهضي التدخل في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية.
بينما شارك ترامب مخاوفه من التشابكات العسكرية الطويلة، إلا أن سياسته الخارجية لم تكن انعزالية. بل سعى إلى تغيير طرق التفاعل الأمريكي على المستوى العالمي، على عكس الرؤساء أوباما وبايدن.
رأى ترامب أن أمريكا منهكة اقتصادياً وعسكرياً وتحتاج إلى إعادة التركيز على مصالحها الأساسية، مما أدى إلى تبني سياسة جديدة تركز على المنافسة بين القوى العظمى.
وحقق إنجازات في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط والبلقان، وعزز الشراكات مع الهند واليابان وأستراليا، ودعم التحالفات الحاسمة مثل الناتو.
غالباً ما يتهم منتقدو ترامب إدارته بعدم وجود استراتيجية شاملة. لكن من الأيام الأولى لرئاسته، بدأ في مواجهة التهديد الذي يشكله الحزب الشيوعي الصيني.
أعادت استراتيجية الأمن القومي التي تبناها تنظيم جميع عناصر القوة الوطنية الأمريكية لمواجهة هذا التهديد.
بالوقت الذي غادر فيه منصبه في 2021، كانت كل جهة في الحكومة الفيدرالية تعمل على تعزيز الولايات المتحدة ضد تأثير الحزب الشيوعي الصيني، مما يعتبر إنجازاً كبيراً خلال أربع سنوات فقط.
أسطورة أخرى ضارة هي أن ترامب كان يميل بطريقة أو بأخرى إلى الزعيم الروسي.
بينما اعتقد ترامب أن موسكو تستعيد أمجادها كقوة عظمى، فقد زود أوكرانيا بذخائر حيوية، وفرض عقوبات على الروس، وحارب ضد خط أنابيب نورد ستريم 2، ودعم حلفاء مثل بولندا ورومانيا ودول البلطيق.
ومع اقتراب الانتخابات في 2024، من المرجح أن يستمر ذعر المؤسسة بشأن عودة ترامب.
ولكن من الأفضل للأمريكيين أن يتجاهلوا مخاوف الطبقة السياسية الخارجية وأن يقيموا الوضع الذي كان قائماً خلال فترة رئاسة ترامب: نظام دولي يتمتع بازدهار أمريكي وتركيز على المصالح الأمريكية الأساسية والردع القوي كضمانة للسلام.
الإخفاقات الواضحة لرئاسة بايدن ينبغي أن تذكر الأمريكيين بضرورة الاعتماد على ما يرونه بأعينهم، بدلاً من الاستماع إلى الأساطير التي ينشرها المثقفون المناهضون لترامب.
المصدر: ناشيونال إنترست
إضافة تعليق جديد