أميركا في سوريا: «انتشار» استثنائي لا يردع المقاومة
شهدت حادثة استهداف قاعدة “التنف” الأمريكية في سوريا، التي وقعت في يناير الماضي، تصعيدًا غير مسبوق في الصراع الميداني، حيث كانت بمثابة رسالة قوية من قبل فصائل المقاومة بأن لديها القدرة على تنفيذ هجمات مميتة ضد القوات الأمريكية في المنطقة. ومنذ ذلك الحين، استمرت الولايات المتحدة في تعزيز وجودها العسكري في سوريا، من خلال نشر أنظمة دفاع جوي ومعدات متطورة للمراقبة والتعقب، بهدف التصدي لهجمات المقاومة المتزايدة على القواعد الأمريكية المنتشرة في مختلف أنحاء سوريا. ورغم هذه الإجراءات، بما في ذلك الضربات الجوية والبرية التي استهدفت مناطق في ريف دير الزور، استمرت وتيرة الهجمات بشكل متسارع.
ad
90 هجومًا في 10 أشهر
منذ بداية العام، استهدفت فصائل المقاومة أكثر من 90 مرة مواقع أمريكية في سوريا، بما في ذلك القواعد الرئيسية مثل “كونيكو” و”العمر” في دير الزور، بالإضافة إلى قواعد أخرى مثل “الشدادي” و”خراب الجير”. وقد تراوحت الهجمات بين إطلاق صواريخ وقصف بالطائرات المسيّرة، ما أسفر عن مقتل العديد من الجنود الأمريكيين في “التنف” و**”خراب الجير”**. كما كان الاستهداف الأخير للقاعدة في “الشدادي” في ريف الحسكة الجنوبي بمثابة اختراق أمني دفع القوات الأمريكية إلى تكثيف إجراءاتها الأمنية.
تصعيد مستمر
كان الهجوم الأخير على قاعدة “الشدادي” تحت سيطرة “قسد”، بمثابة نقطة فارقة في التصعيد، حيث اعتُبر بمثابة تهديد مباشر للأمن الأمريكي في المنطقة، مما دفع واشنطن إلى اتخاذ تدابير أمنية مشددة. كما شهدت الأشهر الأخيرة محاولة لإطلاق نار مباشر على دورية أمريكية قرب بلدة ذيبان في ريف دير الزور، في ما يُعدّ أول هجوم بري على القوات الأمريكية في المنطقة.
الإجراءات الأمريكية
في رد فعل على تصاعد الهجمات، قامت واشنطن بتعزيز دفاعاتها بشكل كبير، حيث استقدمت أنظمة دفاع جوي من طراز “أفينجر”، بالإضافة إلى مئات الكاميرات الحرارية والمناطيد المراقبة لمراقبة الأنشطة في محيط قواعدها. ومنذ بداية هذا العام، أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 1100 شاحنة محملة بالأسلحة والمعدات العسكرية عبر المعابر غير الشرعية، إلى جانب أكثر من 120 طائرة شحن تحمل ذخائر وآليات ومعدات إلى القواعد الأمريكية في سوريا. هذه الإجراءات لم تمنع من تصعيد الهجمات، حيث تزايدت العمليات ضد القواعد الأمريكية في دير الزور، ما دفع واشنطن إلى بناء 143 برج مراقبة على امتداد ضفاف نهر الفرات لوقف محاولات التسلسل البري.
المقاومة مستمرة
رغم هذه الإجراءات، تواصل فصائل المقاومة استهداف القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، وهو ما يُعدّ نجاحًا كبيرًا لها من الناحية العسكرية والمعنوية. تؤكد المصادر الميدانية أن المقاومة مستمرة حتى تحقيق أهدافها الأساسية، وفي مقدمتها إجبار القوات الأمريكية على الانسحاب من سوريا والعراق. وفي الوقت نفسه، تتعامل المقاومة بحذر مع الديبلوماسية العراقية في ملف وجود القوات الأمريكية في المنطقة، ولكن في حال تنفيذ أي اعتداء على الفصائل أو التباطؤ في تطبيق خطة الانسحاب المشتركة بين بغداد وواشنطن المقررة لعام 2026، فإن التصعيد العسكري سيكون خيارًا مفتوحًا أمام فصائل المقاومة.
في النهاية، يبقى الوضع في سوريا مهددًا بالتصعيد في أي لحظة، حيث تؤكد المقاومة أنها ستواصل الضغط العسكري حتى تحقيق هدف الانسحاب الأمريكي من المنطقة.
إضافة تعليق جديد