ما هي الأهداف غير المعلنة لزيارة رايس إلى إسرائيل والضفة الغربية
الجمل: سوف تقوم وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس خلال الفترة من 16 إلى 20 تموز الحالية بزيارة إلى الضفة الغربية، وإسرائيل، حيث تقوم بإجراء المقابلات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله، وفي تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت، ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني.
• توقيت الزيارة:
تعتبر هذه الزيارة الأولى بعد الأحداث الدراماتيكية التي حدثت في الأراضي الفلسطينية، والتي تمثل أبرزها في:
- استيلاء حركة حماس بالقوة العسكرية على قطاع غزة.
- قيام محمود عباس بحل حكومة الوحدة الوطنية التي تم تكوينها بموجب اتفاق مكة، وإعلان تكوين حكومة جديدة برئاسة سلام فياض الموالي للغرب.
- الانقسام السياسي والسيادي على الأراضي الفلسطينية بحيث أصبحت حماس تسيطر على القطاع وفتح تسيطر على الضفة.
كذلك على الساحة الأمريكية، تجري التطورات الآتية:
- الإدارة الأمريكية ترغب بدعم محمود عباس وحركة فتح على النحو الذي يجعل الضفة الغربية كياناً قائماً بذاته عن قطاع غزة الذي ترغب الإدارة الأمريكية في فرض المزيد من الحصار والعزلة عليه بالتعاون مع إسرائيل ومصر.
- اللوبي الإسرائيلي يعارض محمود عباس باعتباره زعيماً واجه الخسارة في الانتخابات وبالتالي أصبح لا يتمتع بالمصداقية، ويرى اللوبي بضرورة العودة إلى صيغة الحكم ا لكونفيدرالي بحيث تشرف الحكومة الأردنية على حفظ الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، أما بخصوص قطاع غزة فيتفق اللوبي الإسرائيلي مع الإدارة الأمريكية حول ضرورة عزله وتشديد الحصار عليه، ولما كان اللوبي الإسرائيلي يشكك في مصداقية السلطات المصرية بتشديد الحصار على غزة، فقد طالب اللوبي بضرورة الضغط على السلطات المصرية، والعمل من أجل الاستعانة بقوات دولية وأمريكية لمراقبة الحدود بين القطاع ومصر.
- الحكومة الإسرائيلية: تعتبر الحكومة الإسرائيلية ما حدث في الأراضي الفلسطينية بمثابة فرصة نادرة يتوجب استغلالها، والاستفادة منها بأكبر ما يمكن، خاصة وأن انقسام الأراضي الفلسطينية إلى كيانين منفصلين أحدهما في غزة والآخر في الضفة هو (الحلم الذي كان يتمناه ارييل شارون)، وقد سارع الكثير من زعماء الليكود، وكاديما إلى الحديث عن ضرورة عدم تدخل الجيش الإسرائيلي في غزة، أولاً بسبب الإبقاء على حالة الانقسام، وثانياً لتجنب الخسائر الكبيرة التي يمكن أن تحدث بسبب اقتحام مدينة غزة عسكرياً.
• الأهداف المعلنة لزيارة كوندوليزا رايس:
نقلت بعض الصحف الأمريكية، والإسرائيلية عن مصادر وزارة الخارجية الأمريكية، أن كوندوليزا رايس سوف تقوم بزيارة المنطقة لاستئناف عملية سلام الشرق الأوسط، وإعطائها دفعة جديدة، ولإجراء المزيد من المباحثات مع محمود عباس، ورئيس وزرائه الجديد سلام فياض، والمسؤولين الإسرائيليين.
• الأهداف غير المعلنة لزيارة كوندوليزا رايس:
وهي الأهم والأكثر خطورة بسبب الوضع الجديد الذي أصبح مواتياً للإسرائيليين والأمريكيين تحقيق نقلة نوعية جديدة في عملية سلام الشرق الأوسط، ومكوناتها المتمثلة في خارطة الطريق، فك الارتباط، قضية المستوطنات، محاربة الإرهاب. وغير ذلك.
وعلى خلفية وجود طوني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق، ومبعوث سلام اللجنة الرباعية الخاص للشرق الأوسط، فإن كوندوليزا رايس تحاول من خلال زيارتها هذه تثبت موقف (استباقي) بحيث يظل زمام المبادرة والسيطرة على عملية سلام الشرق الأوسط باق في يدها بالتعاون مع حليفتها تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية.
النقلة (النوعية) الجديدة، سوف تركز على ما يبدو هذه المرة على نقل محمود عباس نفسه ضمن اتجاه (نوعي) جديد، وذلك عن طريق تزويده بخارطة طريق جديدة، أو استخدام معطيات خارطة الطريق القديمة.. ودفعه ليخرج عن المسار القديم ضمن المسار الجديد، بحيث يركز محمود عباس والسلطة الفلسطينية على تصعيد المواجهات ضد حماس، وسوف يشدد الأمريكيون والإسرائيليون على ضرورة أن يقوم محمود عباس بذلك كشرط مسبق للاستمرار معه في عملية السلام، كذلك سوف يستخدمون بنود الاتفاقيات السابقة بين محمود عباس، وإسرائيل وأمريكا المتعلقة بمحاربة ومكافحة الإرهاب لإلزام محمود عباس بالمضي قدماً في المسار الجديد، بحيث يكون أمامه الخيار بين العصا، والجزرة.. وفي هذه المرة سوف تكون العصا هي (عصا حماس)، والجزرة هي المعونات الأمريكية والمساعدات الإسرائيلية.. وبكلمات أخرى: سوف تكون حماس هي العصا، لأن فقدان محمود عباس للجزرة سوف يعرضه للضغوط وسخط سكان الضفة، وهو أمر سوف يسهل لحركة حماس مواجهة فتح واستئصالها من الضفة.
هذه المرة نلاحظ أن زيارة كوندوليزا رايس سوف تمتد لأربعة أيام، وهي فترة طويلة نسبياً مقارنة بزيارات رايس السابقة التي لم تكن لتستمر أكثر من يوم أو يومين.. وعلى ما يبدو فإن رايس تخطط لزيارة (غير معلنة) إلى الأردن، وذلك للتباحث والاتفاق مع صاحب السمو العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وعلى الأغلب أن تناقش معه البدائل المتاحة حول التعامل مع الملف الفلسطيني، وبالذات فيما يتعلق بـ:
- مستقبل حركة فتح والأسلوب الأمثل للتعامل معها.
- التعامل بين الضفة الغربية والأردن.
- الدور الأردني المطلوب في مساعدة محمود عباس في مكافحة الإرهاب.
- إمكانية قبول الأردن بالإشراف على الأمن والاستقرار في المنطقة، بحيث يتم نشر قوات الأمن والجيش والشرطة الأردنية ضمن أراضي الضفة الغربية التابعة للسلطة الفلسطينية، مع التعهد باحترام السيادة الإسرائيلية، أو ربما أن تكون القوات الأردنية نفسها تحت إشراف الإسرائيليين المباشر.
وعموماً، الزيارة سوف تركز على التوافق مع الإسرائيليين، خاصة فيما يتعلق بمهمة طوني بلير المرتبطة باللجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط، ومن الجوانب المهمة التي سوف تركز عليها الزيارة التأكيد على عزل حماس من جهة، ومن الجهة الأخرى مطالبة حركة فتح بإجراء المزيد من الإصلاحات حتى لا تتعرض لهزيمة أخرى في الضفة، على النحو الذي يطيح بكل عملية سلام الشرق الأوسط، ويشعل المنطقة تحت أقدام القوات الإسرائيلية، ويهدد الأردن بانتفاضة أصولية إسلامية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد