أداء إدارة بوش في العراق خلال النصف الأول من هذا العام
الجمل: مازالت الأزمة العراقية محافظة على موقع الصدارة ضمن قائمة ترتيب أولويات القضايا المؤثرة على مستقبل الإدارة الأمريكية الحالية، وأيضاً على مسارات التنافس السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين من أجل خوض الانتخابات الرئاسية القادمة.
• الملف العراقي ومعطيات النصف الأول من عام 2007م الحالي:
يقول المحلل السياسي والعقيد السابق في الجيش الأمريكي دانيال سميث، بأن إدارة بوش ظلت دائماً تعطي للرأي العام الأمريكي والعالمي نصف الرسالة، وتحتفظ بالنصف الآخر معلقاً، وفي مطلع هذا العام بعد القيام بعملية زيادة القوات الأمريكية، وما ترتب عليها من فشل ذريع، أصبح نصف الرسالة يقول للمعارضين: (لا تصدروا حكماً مبكراً، وفقط أعطوا عملية زيادة القوات الأمريكية الفرصة).. أما النصف الآخر المعلق من الرسالة فيقول (بإمكانكم انتظار التقرير الذي سوف يتم تقديمه إلى الكونغرس بعد فترة حول النتائج التي تم التوصل إليها)..
أبرز معطيات الأداء السلوكي لإدارة بوش إزاء العراق في النصف الأول من هذا العام يتمثل في الآتي:
- زيادة عدد القوات.
- رفض تحديد أي توقيت أو جدول زمني للانسحاب.
- تطبيق خطة أمن بغداد.
- الاشتراط على (حكومة بغداد) بتنفيذ بعض المهام.
استطاع (خبراء) الإدارة الأمريكية، وتحديداً جماعة المحافظين الجدد رسم السيناريوهات جيداً بإشراف روبرت كاغان خبير معهد المسعى الأمريكي.. كذلك استطاعت ماكينة إعلام المحافظين الجدد بقيادة شبكة فوكس نيوز الترويج والتسويق جيداً لهذه السيناريوهات.
• إدارة بوش والحصاد المر:
بعد مرور أكثر من ستة أشهر على استراتيجية العراق التي أعدها روبرت كاغان بمعهد المسعى الأمريكي، وأعلنها الرئيس بوش في مطلع كانون الثاني الماضي باعتبارها استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة بعد أن نجح في المناورة وخداع الرأي العام الأمريكي بـ(لجنة بيكر- هاميلتون) تبين الآتي:
- ميدانياً في العراق:
* بالنسبة للقوات الأمريكية:
أ- زيادة القوات الأمريكية بـ20500 جندي، تم التلكؤ في تنفيذها، وذلك كسباً للوقت على النحو الذي يوفر لإدارة بوش الذرائع للمطالبة بفترة أطول لأن القوات الأمريكية الإضافية وصلت في وقت متأخر.
ب خسائر القوات الأمريكية في الأرواح والعتاد تزايد بقدر كبير، على النحو الذي أرهق ميزانية البنتاغون.
ج- ميزانية القوات الأمريكية تضخمت بحيث أصبحت تكلفة الجندي الأمريكي الواحد في حدود 600 دولار يومياً.
د- تزايد عدد المقاولين وأصحاب العقود، وأصبحت الكثير من الشركات الأمريكية تتعامل مع الأزمة العراقية باعتبارها منجماً للربح وجني المكاسب.
* بالنسبة لقوات التحالف:
أ- لم تقم قوات التحالف بأي دور هام في العمليات العسكرية الجارية حالياً في العراق، ما عدا القوات البريطانية.
ب- قررت الكثير من دول التحالف سحب قواتها، وتعطلت إجراءات الانسحاب بتأثير ضغوط الإدارة الأمريكية عليها.
ج- تعتمد قوات التحالف في نفقاتها على التمويل والدعم اللوجستي الأمريكي.
د- احجام قوات التحالف صغيرة، على النحو الذي جعل منها مجرد قوات ذات طابع رمزي.
* بالنسبة للأطراف العراقية:
العراقيون حلفاء أمريكا:
1- حكومة المالكي: حددت استراتيجية بوش لها المهمات الآتية:
أ- إجراء انتخابات محلية لمجالس المحافظات والبلديات.
ب- إنفاق أموال إعادة التعمير والبناء.
ت- المشاركة في تنفيذ خطة أمن بغداد.
ث- محاربة الفساد.
ج- نزع سلاح الميليشيات.
2- البرلمان العراقي:
أ- تعديل الدستور العراقي.
ب- تعديل قانون اجتثاث البعث.
ت- إجازة وتمرير قانون توزيع عائدات النفط العراقي.
3- بالنسبة للقوى السياسية:
أ- إجراء المصالحة الوطنية.
ب- الالتزام بالعمل ضمن العملية السياسية.
4- العراقيون المعارضون لأمريكا:
أ- تسليم أسلحتهم.
ب- حل الميليشيات وتحويلها إلى أحزاب.
ت- عدم إيواء الإرهابيين العرب.
ث- الانخراط في العملية السياسية.
* بالنسبة لدول الجوار:
- سورية:
أ- عدم السماح للمسلحين بالدخول من أراضيها إلى العراق.
ب- ضبط ومراقبة الحدود العراقية- السورية.
ت- التعاون مع حكومة المالكي.
ث- الالتزام بدعم استقرار العراق.
- إيران:
أ- عدم دعم الميليشيات العراقية الشيعية.
ب- سحب العناصر الإيرانية الموجودة في العراق.
ت- عدم التدخل في الشأن العراقي.
ث- الالتزام بدعم استقرار العراق.
- السعودية:
أ- مراقبة الحدود ووقف تدفق العناصر السنية المسلحة.
ب- عدم دعم الحركات السنية العراقية.
ت- تحمل تكاليف نفقات بناء الجدار العازل بين السعودية والعراق.
- تركيا:
أ- دعم استقرار العراق.
ب- عدم التورط في اقتحام عسكري لشمال العراق.
أما الأردن والكويت فلم يتم تكليفهما أو تحميلها أي مسؤوليات حول الشأن العراقي، وعلى ما يبدو فإن الإدارة الأمريكية تجد بواسطتهما السبيل إلى الكثير من المزايا والفوائد الأخرى، وبالذات المعلومات الاستخبارية العالية القيمة التي ظلت المخابرات الأردنية تزود بها أمريكا وإسرائيل عن الأوضاع العراقية على النحو الذي جعل أمريكا تحقق النجاح في ملاحقة واغتيال (المواطن الأردني) أحمد الخلايلة (أبو مصعب الزرقاوي).
المطالب التي رسمتها الإدارة الأمريكية في بداية هذا العام، لم يتحقق أي منها، بل ازدادت الأوضاع سوءاً وتدهوراً، كذلك بالنسبة لدول الجوار الإقليمي العراقي، لم تحقق الإدارة الأمريكية أي تقدم إيجابي، وذلك بسبب الغرور والصلف الذي حاولت الإدارة الأمريكية أن تتعامل به في اجتماعات دول الجوار العراقي، وحالياً بعد مرور فترة طويلة من الحوار الإيراني- الأمريكي داخل المنطقة الخضراء بين السفيرين الإيراني والأمريكي، لم يتم سوى الاتفاق على المزيد من الحوار!! وحتى بالنسبة لتركيا حليف أمريكا الرئيسي في المنطقة، فقد أصبحت العلاقات الأمريكية- التركية على وشك الإصابة بنكسة كبيرة بعد قيام الجيش التركي بعملية الاقتحام العسكري لشمال العراقي التي أصبحت وشيكة بعد فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات، إضافة إلى تزايد نزعة العداء لسياسات الولايات المتحدة في الشارع التركي بعد أن كشفت أجهزة الإعلام العالمية والأمريكية نفسها عن قيام أمريكا حليفة تركيا بعملية دعم وتسليح متمردي حزب العمال الكردستاني من أجل تنفيذ المزيد من الهجمات ضد تركيا.
كل ما سبق أدى إلى إشعال نيران المواجهة بين الجمهوريين المؤيدرين للحرب والديمقراطيين الرافضين لها.. وكان آخر الصدمات التي تلقتها إدارة بوش هي قرار مجلس النواب الأمريكي الذي يمنع الإدارة الأمريكية من إقامة أي قاعدة عسكرية في العراق، وهو القرار الذي سوف يشكل لطمة وصدمة قاسية لإدارة بوش التي تسعى إلى إقامة 4 قواعد عسكرية أمريكية دفعة واحدة في العراق، وقد هدد الرئيس بوش باستخدام حق الفيتو الرئاسي ضد هذا القرار، وتقول المعلومات أيضاً بأن بعض النواب الجمهوريين قد انضموا في عملية التصويت إلى جانب الديمقراطيين، وحالياً تبقى أمام الديمقراطيين الحصول على تسعة أصوات فقط لكي يكون القرار نافذاً وغير قابل للنقض بواسطة الفيتو الرئاسي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد