معهد واشنطن يقترح الطريقة الأكثر ذكاء لاستهداف الاقتصاد الإيراني
الجمل: بدأت سيناريوهات مسلسل العقوبات الدولية والأمريكية والغربية إزاء إيران تأخذ اتجاهاً جديداً، ومع اقتراب موعد اجتماع مجلس الأمن لمناقشة الأوضاع المتعلقة بالملف النووي الإيراني، والعقوبات الدولية ضد إيران.
تقول المعلومات الواردة في صحيفتي النيويورك تايمز، والواشنطن بوست الأمريكية، بأن إدارة بوش تدرس أمر فرض المزيد من العقوبات ضد إيران من أجل تشديد الخناق عليها وكسر إرادتها على النحو الذي يدفعها إلى التخلي عن البرنامج النووي الإيراني.
• أسس العقوبات:
تتضارب المعلومات الواردة في صحيفتي نيويورك تايمز والواشنطن بوست حول ما يفترض أن تقوم به الإدارة الأمريكية إزاء عقوبات إيران، فصحيفة الواشنطن بوست تشير إلى أن الحرس الثوري الإيراني سيتم استهدافه بالعقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 الصادر في 23 أيلول 2001م، بواسطة الرئيس بوش، بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية في الحالات الدولية الطارئة، وهو القانون الذي ظلت إدارة بوش تستند عليه في تنفيذ عقوباتها الاقتصادية الدولية بشكل مستمر، وتقع تحت طائلة عقوبات هذا القانون حوالي 500 كيان سياسي واقتصادي في شتى أنحاء العالم.
أما صحيفة نيويورك تايمز فقد أشارت من الناحية الأخرى إلى أن الحرس الثوري الإيراني سيتم إدراجه ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بحيث يصبح اسمه مع 40 منظمة وجماعة تم إدراجها بوساطة الإدارة الأمريكية وتصنيفها ككيانات إرهابية.
التباين بين ما ورد في صحيفة الواشنطن بوست وصحيفة النيويورك تايمز، هو تباين يحمل قدراً من التداعيات القانونية، منها:
- الإدراج على قوائم المنظمات الإرهابية يخضع الجماعة أو المنظمة، فقط إلى تجميد أرصدة الحسابات في المؤسسات المالية، ولا يتعدى ذلك إلى استهداف ملكياتها وحيازاتها الأخرى. أما الاستهداف عن طريق الأمر التنفيذي 13224 فإنه يتيح تجميد كل ما يرتبط بالجماعة أو المنظمة، ضمن دائرة اختصاص وولاية سلطات القانون الأمريكي.
- تطبيق قرارات الحظر على الكيانات التي تدرج باعتبارها إرهابية يتم بالاستناد إلى لائحة الحركات الإرهابية.
يعارض اللوبي الإسرائيلي بشدة استهداف إيران وفقاً للأمر التنفيذي رقم 13224، ولائحة الحركات الإرهابية، ويقول تحليل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الذي نشره تحت عنوان (الأسلوب الأكثر ذكاء لاستهداف إيران) والذي أعده الباحثان بالمعهد: الدكتور باتريك كلاوزن خبير الشؤون الإيرانية بمنظمات اللوبي الإسرائيلي، والدكتور ميشيل جاكوبسون خبير الشؤون القانونية الدولية بالمعهد، بأن استناد الإدارة الأمريكية للأمر التنفيذي رقم 13224 ولائحة الحركات الإرهابية، سوف يكون مخالفاً وبعيداً عن الأسلوب المتبع والساري إزاء معاقبة إيران واستهدافها بواسطة الإدارة الأمريكية. ويشير الباحثان إلى مخطط وزارة الخزانة الأمريكية الذي تم وضعه من أجل أن يتيح للإدارة الأمريكية تطبيق العقوبات من طرف واحد ضد إيران بناء على سعيها لتطوير برنامجها النووي، وليس بسبب أنشطتها الإرهابية.
يقول الباحثان أيضاً بأن وزارة الخزانة الأمريكية قد استطاعت الحصر والوضع في القائمة السوداء لأكثر من 20 كيان إيراني بموجب الأمر التنفيذي 13385 الذي وقعه الرئيس بوش في حزيران 2005م، ومن بينها بينك سيباج المتورط في دعم برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، وقد تم إدراج البنك أيضاً بواسطة الأمم المتحدة.
وقد استطاعت وزارة الخزانة الأمريكية استهداف بنك سيديرات الإيراني أيضاً بسبب دوره في تمويل المنظمات الإرهابية.
• العقوبات الذكية هل تكون هي الخيار القادم:
يقول تحليل معهد واشنطن بأن على الإدارة الامريكية أن تدرس ملياً تجارب تطبيق العقوبات السابقة، وعلى وجه الخصوص نظام العقوبات الذي تم تطبيقه ضد: العراق، بورما، هاييتي، يوغسلافيا، السودان، ليبيا.
الدراسة المتأنية لتجارب العقوبات الدولية السابقة يجب أن تتم بهدف معرفة جوانب القوة، وجوانب الضعف التي كانت تتميز بها تلك التجارب، وذلك على النحو الذي يتيح للإدارة الأمريكية إعداد مخطط لنظام عقوبات أكثر تعزيزاً وفعالية في تحقيق الأهداف المطلوبة. وبكلمات أخرى: يتوجب التعرف على جوانب القوة من أجل تعزيزيها لتكون أقوى، ومعرفة جوانب الضعف، بحيث يتم التعرف على الثغرات التي قللت وأضعفت نظام العقوبات وأتاحت للأطراف المستهدفة فرصة اختراق نظام العقوبات وإبطال فاعليتها، ثم بعد ذلك تقوم الإدارة الأمريكية باتخاذ الإجراءات واستخدام الخيارات البديلة التي تغلف هذه الثغرات وتقضي على أي محاولة بواسطة الطرف الآخر للقيام بعمليات الاختراق والإفلات من الضغوط.
كذلك يطالب تحليل معهد واشنطن أن تقوم الإدارة الأمريكية بالتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي ومفوضية الاتحاد الأوروبي، من أجل تطوير نظام العقوبات الدولية الجديد المفترض تطبيقه ضد إيران، وربما ضد بعض الدول الأخرى لاحقاً، خاصة وأن للاتحاد الأوروبي ودول أوروبا الغربية تجربة غنية بالخبرات والتي يمكن اكتساب دروسها من تجارب العقوبات الأوروبية ضد صربيا، وزيمبابوي، وأنغولا، وساحل العاج، وليبيريا، وليبيا، وسيراليون، والسودان.
• ما هو نظام العقوبات الذكية:
تقول المعلومات الواردة في مجلة فورين بوليسي، مجلة شؤون الشرق الأوسط، ومجلة انترناشونال بوليسي، وجميعها من المجلات العالمية المحكمة الذائعة الصيت، بأن العقوبات الذكية مثلها مثل الأسلحة الذكية تماماً، ونظام عمل العقوبات الذكية وتشغيلها يتطابق تمام التطابق مع نظام عمل الأسلحة الذكية.
الخطوط العامة لنظام العقوبات الذكية تتمثل في الآتي:
- استهداف البنيات التحتية المؤسسية للنظام السياسي.
- شل الفعالية الاقتصادية والمالية والنقدية لجهاز الدولة.
- عزل النظام عن دول الجوار، والبيئتين الإقليمية والدولية.
- تعزيز مشاعر السخط والغضب الشعبي ضد النظام.
- تعزيز القدرة الرقابية والإشرافية على تعزيز وتشديد أحكام العقوبات.
- فرض المراقبة الدائمة المستمرة على الكيان المستهدف.
- إضعاف قدرات النظام السياسي الهيكلية والوظيفية في القيام بأعباء ومسؤوليات القيادة.
- دفع الأطراف الأخرى من أجل المشاركة في عملية تشديد العقوبات الذكية.
- التحكم والسيطرة والضبط على حركة المدخلات والمخرجات من وإلى الكيان المستهدف.
وعموماً، تجدر الإشارة إلى ان مشروع مخطط تطبيق نظام العقوبات الذكية، قد سبق أن تم وضعه من أجل تطبيقه خصيصاً ضد العراق، وذلك تحديداً في مطلع عام 2002م، ولكن لم تتم الموافقة على ذلك بواسطة مجلس الأمن الدولي، ويتميز نظام العقوبات الذكية بالقدرة التلقائية على تعديل العمليات الإجرائية وتطويرها بشكل مستمر.
كذلك يتميز نظام العقوبات الذكية بتقليل دور الحكومات الأجنبية الميداني في عملية الإدارة الميدانية للعقوبات، ويتم إحلال الأطراف الحكومية بـ(الشركات المتعددة الجنسية)، وفي حالة برنامج العقوبات الذكية السابق الذي كان من المفترض تطبيقه ضد العراق، كانت الكثير من الشركات الإسرائيلية التي تعمل على خلق واجهات أوروبية، وأمريكية، وكندية، واسترالية، وتركية تستعد لتوقيع العقود التي تخول لها الشرعية القانونية في استلام وتولي مهام العمل الميداني داخل وخارج العراق.
والآن في حالة تطبيق برنامج العقوبات الذكية ضد إيران فإن هناك الكثير من التداعيات والمشاكل الميدانية التي ستظهر، وعلى سبيل المثال تستطيع أمريكا إغلاق المعابر الموجودة على الحدود العراقية- الإيرانية، وتستطيع استهداف حركة الطيران، والبحرية، وكلها لن تستطيع إغلاق الجزء الجنوبي من الحدود العراقية، ولن تستطيع إغلاق الحدود الباكستانية- الإيرانية، ولا الحدود الأفغانية- الإيرانية، إضافة إلى أن الحدود الإيرانية- الأذربيجانية سوف يكون إغلاقها أمراً صعباً بسبب طبيعة الأرض. أما بالنسبة للحدود الأرمنية، والحدود مع بحر قزوين وتركمانستان، فهي بالأساس غير قابلة للإغلاق لأن هذه الدول أبدت رأيها بعدم اقتناعها بتطبيق العقوبات الدولية ضد إيران بناء على رغبة الولايات المتحدة وإسرائيل، وحدهما، طالما أن تقرير وكالة الطاقة الذرية العالمية يؤكد بأن البرنامج النووي الإيراني يهدف لتحقيق أغراض سلمية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد