ما هي نتائج سياسة شد الأطراف بين واشنطن وبكين
الجمل: حتى الآن ما تزال الصين أكثر انشغالاً بتداعيات أولمبياد بكين الذي انتهي قبل بضعة أيام وعلى خلفية حرب روسيا – جورجيا يبرز التساؤل الهام القائل: إذا ردت روسيا على أمريكا عن طريق استخدام جورجيا كساحة لردع الاستهداف الأمريكي، فكيف سترد الصين على استهدافات أمريكا التي ما زالت جارية في تايوان والتيبت ومقاطعة سينغيانغ؟
* محور موسكو – بكين: تمثل الاستهداف الأمريكي:
عند تطبيق منهج التحليل السياسي المقارن في دراسة طبيعة الاستهداف الأمريكي إزاء روسيا والصين نلاحظ التماثلات الآتية:
• استخدام التخوم كوسائل للإضعاف وتقويض أمن واستقرار الصين وروسيا وفي هذا الصدد قامت واشنطن بالاستهداف المتماثل الآتي:
- دعم المعارضة القوقازية المعادية لموسكو.
- دعم المعارضة التيبتية والإيغورية المعادية لبكين.
• استخدام الأحلاف الإقليمية كوسيلة للتطويق:
- استخدام حلف الناتو وحلف غوام في محاولة إغلاق المنافذ الروسية الغربية والجنوبية الغربية ذات الأهمية الحيوية في تواصل روسيا وانفتاحها على العالم وعلى وجه الخصوص القارة الأوروبية ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
- استخدام التحالفات مع باكستان والهند وكوريا الجنوبية واليابان وأحلاف جنوب شرق آسيا والباسفيك إضافة إلى التواجد العسكري في أفغانستان لتطويق الصين وإغلاق منافذها البحرية والجنوب شرق آسيوية ذات الأهمية الحيوية لتواصل الصين مع العالم وعلى وجه الخصوص مناطق جنوب شرق آسيا والقارة الإفريقية.
• استخدام المنظمات الدولية حيث استخدمت واشنطن المنظمات الدولية كوسائل مؤسسة في عملية الاستهداف:
- تزايدت انتقادات منظمات الأمم المتحدة لروسيا فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان وحرية التعبير وعدم الالتزام بعمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي.
- تزايدت انتقادات منظمات الأمم المتحدة للصين فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان وقضايا الأقليات وحرية التعبير وعدم الالتزام بعمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي.
• القيام بدور الشرطي العالمي الذي تمثل في قيام واشنطن بمحاولة القيام بدور الرقيب العسكري – الأمني:
- انتقدت واشنطن الصين إزاء تزايد النفقات العسكرية الصينية وطالبت الإدارة الأمريكية بكين بكل صراحة بضرورة تخفيض ميزانية الإنفاق العسكري وتقليل القدرات العسكرية الصينية.
- انتقدت واشنطن موسكو إزاء تزايد النفقات العسكرية الروسية وطالبت الإدارة الأمريكية بضرورة تخفيض ميزانية الإنفاق العسكري وعدم تطبيق برامج تطوير الأسلحة.
• استخدام الأطراف الثالثة الذي تمثل من خلال قيام واشنطن باستثمار وتوظيف الأطراف الثالثة الإقليمية لجهة تقويض علاقات روسيا والصين مع بلدان العالم:
- ضغط واشنطن على حلفائها من أجل تقليل ملف علاقات التعاون الاقتصادي مع موسكو.
- ضغط واشنطن على حلفائها من أجل تقليل ملف علاقات التعاون الاقتصادي مع بكين.
* بعد الردع الروسي هل من ردع صيني قادم؟
وصف تخمين المخابرات الأمريكية التطورات الأخيرة في المسرح الجورجي بأنها تمثل مؤشراً حقيقياً على فشل السياسة الخارجية الأمريكية وخلص التخمين إلى ضرورة أن تلجأ الإدارة الأمريكية إلى اعتماد سياسة خارجية جديدة تلتزم بأولويات ضرورة حماية المصالح الأمريكية.
الردع الروسي في الساحة الجورجية أدى إلى تراجع النفوذ الأمريكي في القوقاز وآسيا الوسطى إضافةً إلى أنه دفع حلفاء أمريكا في هذه المناطق إلى محاولة المفاضلة على عجل بين الخيارات الآتية:
• خيار الهروب إلى الأمام والانخراط في المزيد من التورط مع أمريكا وهو الخيار الذي لجأت إليه بولندا التي قامت على عجل بتوقيع اتفاقية نشر شبكات الدفاع الصاروخي الأمريكي في أراضيها.
• خيار الحذر وانتظار ما سوف يحدث: وهو الخيار الذي لجأت إليه مولدافيا والقائمة على أساس اعتبارات تأجيل وتجميد عملية التورط في المزيد من الاتفاقيات مع واشنطن، إلى حين انجلاء الموقف النهائي ومعرفة الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ثم إعادة النظر في تقديرات الموقف الجديد وتحديد الخيار الاستراتيجي النهائي: الاستمرار في التحالف مع واشنطن، أم تغيير الاتجاه نحو التحالف مع موسكو؟
• خيار الحياد الإيجابي: وهو الخيار الذي تحاول أنقرة اللجوء إليه عن طريق عدم التورط لا لصالح واشنطن ولا لصالح موسكو ومحاولة بناء تحالف إقليمي من دول المنطقة وتجميعها ضمن إطار قوام مؤسسي إقليمي لجهة التفاهم وبناء المواقف المشتركة إزاء قضايا المنطقة في القوقاز وبحر قزوين، وذلك لخلق آليات تقرير التعاون وحل الصراعات والنزاعات داخل المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن أنقرة قد ثبتت هذا التوجه برغم التزامها بروابطها الوثيقة مع واشنطن وتل أبيب وتشير التحليلات إلى أن موقف أنقرة الحالي يتميز بالازدواجية فهي من الناحية الشكلية الرسمية تبدو وكأنها تقف على جانب واشنطن ولكنها على الصعيد الميداني فهي تعمل على تعزيز الاستقلالية الإقليمية لدول المنطقة وهو أمر سيترتب عليه بالضرورة إضعاف أجندة السياسة الخارجية الأمريكية.
الرد الصيني لجهة ردع أجندة السياسة الأمريكية لم يتحدد نطاقه بعد ولكن تقول بعض التسريبات بأن بكين تحاول ردع واشنطن عن طريق الآتي:
• في مسرح مقاطعتي التيبت وسينغيانغ تتخذ الصين المزيد من القرارات المتشددة الهادفة إلى قمع حركات التمرد الداخلي.
• ففي مسرح آسيا الوسطى تتخذ الصين مخطط تعزيز الروابط مع موسكو وبناء التحالفات مع منغوليا وكازخستان وكيرغيزستان باعتبارها الدول التي تقع بين روسيا والصين وهذا معناه توجيه المسرح الإقليمي الروسي الصيني وتنظيفه من حلفاء أمريكا.
• تعزيز أجندة منظمة تعاون شنغهاي وعلى وجه الخصوص تقوية الروابط الأمنية – العسكرية.
وتقول المعلومات والتسريبات بأن الصين هددت بـ"احتواء" الهند إذا تجرأت الهند على التورط لصالح أمريكا وحلف الناتو في المسرح الباكستاني والمسرح الأفغاني.
ويقول الخبراء بأن استخدام بكين مصطلح "احتواء" هو استخدام يحمل بين ثناياه رسالة ينبغي على نيودلهي التقاط إشارتها القائلة بضرورة عدم التمادي في ملف التعاون الهندي – الأمريكي – الإسرائيلي لأن ذلك سوف لن يجلب للهند إلى مواجهة خطر الاحتواء الصيني وإعادة إنتاج نسخة جديدة من ملف الحرب الصينية – الهندية السابقة إضافة إلى أنه سيغري الصين باستخدام دول مثل بوتان وميانمار وبنغلاديش وسيرلانكا كساحة لحرب البروكسي ضد النفوذ الهندي وتقول المعلومات أيضاً بأن مناطق شرق الهند تواجه حالياً نشاط واسع لحركات التمرد المسلح الشيوعي بواسطة الحركات الماوية التي تدعمها بكين وفي حال تزايد دعم بكين لهذه الحركات فإن نيودلهي ستواجه خطر الحرب الأهلية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد