زيارة رئيس الأركان الأمريكي إلى تركيا: الأبعاد المعلنة وغير المعلنة
الجمل: نشرت صحيفة تيركش ديلي نيوز الصادرة اليوم تقريراَ يقول بأن الأدميرال ميشيل مولين وصل بالأمس في زيارة عمل لتركيا وتقول التسريبات بأن زيارة مولين تمثل في حد ذاتها مؤشراً لجهة المزيد من الاحتمالات إزاء مستقبل التطورات العسكرية الأمريكية في مناطق شرق المتوسط والقوقاز والشرق الأدنى وآسيا الوسطى.
* الأدميرال مولين: معطيات خبرة الوقائع والأحداث:
هو رئيس هيئة أركان رؤساء هيئات الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي وبكلمات أخرى فإن مولين هو أعلى ضابط أركان أمريكي وزيارته تفيد لجهة التدقيق في مدى جاهزية واستعدادية الترتيبات العسكرية الميدانية قبل القيام بأي عمل عسكري.
وقد سبق أن زار الأدميرال مولين إسرائيل وتضمن جدول أعماله جولة ميدانية لمناطق الجولان والحدود اللبنانية وكان يرافقه في هذه الجولة كل من وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال باراك ورئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غابي أشكينازي، وأكدت المعلومات الصادرة لاحقاً أن مولين حذر الإسرائيليين من مغبة القيام بأي عمل عسكري ضد إيران بسبب عدم جاهزية الاستعدادات الإسرائيلية الدفاعية، وتقول المعلومات والتسريبات بأن الأدميرال مولين من المؤيدين يميل إلى ضرورة أن تركز أمريكا عسكرياً في الوقت الحالي على إنجاز المهام في المسرحين العراقي والأفغاني وعدم التورط مهما كان الأمر في أي حرب أو مواجهة عسكرية ثالثة.
* الأدميرال مولين وجدول أعمال زيارة تركيا:
التقارير الصحفية التركية أشارت إلى أن جدول أعمال زيارة مولين ستتضمن الآتي:
• لقاء مع السفير الأمريكي في تركيا روس ويلسون.
• لقاء مع كبار العسكريين الأتراك في قاعدة أتاتورك العسكرية الجوية الموجودة في اسطنبول.
• لقاء مع رئيس الأركان التركي الجنرال إيكيد باسبوق.
• لقاء مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
تقول المعلومات بأن مولين سيناقش مع المسؤولين الأتراك الآتي:
• ملف التعاون العسكري الأمريكي – التركي.
• ملف الشراكة الأمريكية – التركية في الحرب على الإرهاب.
• ملف التطورات الجارية في القوقاز وتحديداً الحرب الروسية – الجورجية وتداعياتها.
هذا، وبرغم وضوح الخطوط العامة لبنود جدول أعمال الزيارة، إلا أن هذه البنود تخفي تحتها كماً هائلاً من الخلافات التركية – الأمريكية، هذا ومن المؤكد أن الأدميرال مولين قد جاء إلى تركيا في زيارة تهدف إلى نقل رسالة أمريكية واضحة المعالم للقيادة التركية على النحو الذي تهدف واشنطن من خلاله إلى وضع أنقرة أمام خيارين:
• المضي قدماً في التنسيق العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية ولا مجال لتفادي ذلك طالما أن رئيس الأركان الأمريكي تنحصر مهامه في عمليات التنسيق والإعداد.
• عدم المضي قدماً في التنسيق العسكري مع الولايات المتحدة وفي هذه الحالة سوف لن يكون أمام واشنطن سوى اللجوء للخيارات الأخرى التي على أنقرة تحمل تبعاتها.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن مولين سيعود بعد قضاء يومين في تركيا وسيقدم تقريره لوزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس محدداً المدى الذي ما زالت أنقرة ملتزمة بتطبيق اتفاقيات التعاون العسكري مع واشنطن، وبعدها سيرفع غيتس تقريره إلى الإدارة الأمريكية ومجلس الأمن القومي الأمريكي وكل من لجنة الدفاع والأمن ولجنة العلاقات الخارجية التابعتين للكونغرس.
* الأبعاد غير المعلنة في جدول أعمال الأدميرال مولين:
تقول التسريبات بأن علاقات خط أنقرة – واشنطن قد تعرضت للمزيد من التوترات بسبب تشدد أنقرة في تطبيق بنود اتفاقية مرور السفن الحربية الأمريكية وسفن حلف الناتو عبر المضائق التركية في البحر الأسود. وتقول المعلومات بأن تركيا قد التزمت بالتطبيق الحرفي لمنطوق بنود معاهدة مونترو التي لا تسمح ببقاء السفن الحربية لأكثر من 21 يوماً في مياه البحر الأسود، وتشير التسريبات إلى أن واشنطن كانت تسعى إلى الحصول على موافقة أنقرة لتمرير المزيد من السفن الحربية والغواصات النووية عبر مضيق البوسفور إلى مياه البحر الأسود ولكن بسبب تشدد أنقرة فإن المساعدات العسكرية الأمريكية لم تصل في الوقت المحدد إلى نظام الرئيس الجورجي ساخاشفيلي.
برغم التكتم على خلفية زيارة الأدميرال مولين فقد كشفت التسريبات بأن مولين قد أكد قائلاً بأن زيارته إلى تركيا تأتي على خلفية سياقات عمل اتفاقيات حلف الناتو التي تجمع بين تركيا وأمريكا ونلاحظ أن عبارة "سياقات عمل اتفاقيات حلف الناتو" هي عبارة تحمل في طياتها الكثير من الدلالات لجهة نوايا واشنطن الهادفة إلى إلزام أنقرة بالمزيد من التعاون والالتزام بتطبيق سياقات عمل اتفاقيات حلف الناتو التي تنص على أن يتعاون الطرفان الأمريكي والتركي بشكل مفتوح إزاء العدو المشترك، أو بالأحرى وفقاً لتعريف العدو بالاستناد إلى مفاهيم قواعد الاشتباك الواردة ضمن اتفاقيات حلف الناتو.
بكلمات أخرى، فإن تركيا سبق لها أن رفضت التعاون مع أمريكا في حرب العراق ورفضت السماح لأمريكا وإسرائيل استخدام أراضيها للاعتداء على سوريا وإيران أصبحت اليوم مطالبة بالسماح للأمريكيين باستهداف روسيا وبالتأكيد سيكون الرفض التركي المتوقع بمثابة مسمار جديد ستدقه أنقرة في نعش علاقات أنقرة مع واشنطن وتل أبيب والذي لم تتحدد لحظة تشييعه وإن كانت الإجراءات قد بدأت منذ فترة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد