اللوبي الإسرائيلي وانتخابات رئاسة «كاديما»
الجمل: يوجد تفاعل بين كبير بين المجتمع اليهودي الإسرائيلي والمجتمع اليهودي الأمريكي وتشير الوقائع الجارية ومعطياتها إلى أن المجتمع اليهودي الإسرائيلي يتفاعل كثيراً مع قضايا السياسة الداخلية الأمريكية وذلك لجهة ارتباط مستقبل إسرائيل بمستقبل التطورات السياسية الأمريكية أما المجتمع اليهودي الأمريكي فهو يتفاعل كثيراً مع قضايا السياسة الداخلية الإسرائيلية لعدة أسباب من أبرزها الإحساس المتعاظم بازدواجية الهوية والإدراك المتزايد لإسرائيل باعتبارها تمثل لهم، مهما طال وجودهم في أمريكا، الملاذ الأخير الذي سيعودون إليه بعد الشتات.
* اللوبي الإسرائيلي وانتخابات رئاسة كاديما:
لعب اللوبي الإسرائيلي دوراً كبيراً في التعاون مع حزب الليكود وزعيمه بنيامين نتينياهو في الإطاحة بإيهود أولمرت من رئاسة مجلس الوزراء وزعامة حزب كاديما. وتقول المعلومات والتسريبات بأن تسيبي ليفني نفسها لعبت جزءاً من هذا الدور فقد كان نتينياهو أكثر حرصاً على الإطاحة بأولمرت طمعاً في أن يتيح له ذلك فرصة الانتخابات المبكرة التي كان واثقاً من كسبها على ضوء استطلاعات الرأي التي أكدت بأن حوالي 70% من الإسرائيليين أصبحوا على خلفية هزيمة إسرائيل في حرب صيف العام 2006م يؤيدون نتينياهو، أما ليفني فقد رأت الإطاحة بأولمرت فرصة لتولي زعامة كاديما والجلوس على مقعد رئاسة الوزراء.
كان واضحاً منذ البداية أن اللوبي الإسرائيلي الذي يقف حالياً في انتخابات الرئاسة الأمريكية وراء المرشح الجمهوري جون ماكين يقف إلى جانب الجنرال شاؤول موفاز في انتخابات رئاسة حزب كاديما، باعتباره الخيار الأفضل والبديل المناسب طالما أن ليس بالإمكان الحصول على الرافعة التي يمكن استخدامها لحمل وتصعيد نتينياهو لمنصب رئيس الوزراء.
وبإعلان نتيجة انتخابات كاديما وفوز ليفني، فإنه من غير المتوقع أن يستسلم اللوبي الإسرائيلي خاصة وأن النتيجة النهائية أشارت كما قال خبير اللوبي الإسرائيلي اليهودي الأمريكي ديفيد ماكوفيسكي بأنها إذا لم تستطع تشكيل الحكومة الجديدة خلال الأسابيع الستة القادمة فإن خوض الانتخابات المبكرة سيكون هو الحل، وبغض النظر عن شكل الائتلاف القادم فإن إحداث اختراق في المدى القصير على المسارين السوري والفلسطيني هو أمر غير واضح.
* الخيارات السياسية المتاحة لتشكيل الائتلاف:
تشير المعلومات إلى أن المطلوب من ليفني تشكيل كتلة ائتلافية داخل الكنيست بحد أدنى يبلغ 61 نائباً وهامش الحركة المتاح أمام ليفني محدود بتوزيع القوى السياسية، فحزب كاديما له 29 نائباً وحزب العمل 19 نائباً وحزب شاس 12 نائباً والمتقاعدين 7 نواب والمجموع الكلي 67 نائباً من إجمالي عدد مقاعد الكنيست البالغة 120 مقعداً.
القوام الأساسي الذي ستركز عليه ليفني لبناء الائتلاف هو نواب كاديما ونواب العمل وستبقي أمامها المهمة الصعبة المتمثلة في كيفية إقناع حزب شاس بالاستمرار في الائتلاف أصبح أكثر مهارة وقدرة على استخدام وزنه الصغير داخل الكنيست لجهة رفع سقف شروطه وقد أكدت التجارب السابقة على صعوبة ترويض حزب شاس لأن قيادته تدرك بشكل جيد أن كتلة شاس الصغيرة هي القادرة وحدها على تعزيز مصير الكنيست الحالي ضمن مسارين لا ثالث لهما:
• قبول حزب شاس الدخول في الائتلاف معناه استمرار ائتلاف كاديما – العمل – شاس.
• رفض حزب شاس الدخول في الائتلاف معناه مواجهة الانتخابات المبكرة.
ولما كانت نتيجة الانتخابات المبكرة لن تصب لا في مصلحة حزب كاديما ولا حزب العمل،ـ فإن السبيل الوحيد أمام تحالف كاديما – العمل هو الاستجابة لشروط شاس، الذي وضع حتى الآن شرطين للمشاركة في الحكومة الائتلافية:
• إنهاء ووقف المفاوضات مع الفلسطينيين حول القدس.
• استمرار دفع الدعم الحكومي لعلاوات الأطفال.
مطالب وشروط حزب شاس ترتبط بشكل أساسي بطبيعة الحزب وتكوينه فالحزب يتكون في الأساس من اليهود الشرقيين المتطرفين الذين يتمسكون بالآتي:
• التأكيد على الطبيعة اليهودية الخالصة لمدينة القدس وهو أمر منسجم مع توجهات اليهود الشرقيين المتشددة.
• يتميز اليهود الشرقيون بالأسر الكبيرة الممتدة التي تتضمن العدد الكبير من الأطفال وبالتالي فإن استمرار دفع العلاوات سيدعم دخل الأسر الذين يمثلون قاعدة الحزب.
على الجانب الآخر، وإذا كان اليهود الغربيون يوافقون حزب شاس حول مصير ومستقبل ملف القدس فإنهم يعارضون بشدة استمرار دفع العلاوات لجهة أنها تشكل إخلالاً بتوازن مستوى الدخل على النحو الذي يتيح لليهود الشرقيين ذوي الأسر الكبيرة دخلا ً أكبر من نظرائهم الغربيين ذوي الأسر الصغيرة.
عموماً، ستواجه ليفني تحديات كبيرة ليس في تشكيل الحكومة الائتلافية وحسب، وإنما في كيفية استمرار هذا الائتلاف كذلك، لأن الأحزاب الصغيرة كشاس وإسرائيل بيتنا، ستستمر في القيام بلعبة المناورة والضغوط على توجهات الحكومة وفي حالة تدهور شعبية الحكومة فإن هذه الأحزاب سوف لن تتردد في الخروج من الائتلاف وتعريض الحكومة للسقوط، وهو ما كاد يحصل عندما انسحب حزب إسرائيل بيتنا من الائتلاف على خلفية نتائج تقارير لجنة فينوغراد على النحو الذي جعل حكومة أولمرت على وشك الانهيار.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد