ماكينة العنف الإسرائيلي - الإسرائيلي
الجمل: صرح مدير جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت)، محذراً من توقعات محتملة لجهة حدوث بعض الاغتيالات الإسرائيلية- الإسرائيلية، وأضاف الشين بيت قائلاً، بأن تزايد الخلافات والصراعات الإسرائيلية- الإسرائيلية حول بعض الملفات، وعلى وجه الخصوص ملف عملية السلام، سوف تكون السبب الرئيسي المحفز لحدوث هذه الاغتيالات.
* محفزات الانقسام اليهودي- اليهودي:
جاء اليهود إلى فلسطين، واحتلوا أرضها وطردوا وشردوا سكانها العرب الفلسطينيين، وذلك من أجل إقامة دولة إسرائيل الكبرى التي تمتد من ضفة النيل إلى ضفة الفرات، وعلى خلفية الصراع السياسي- الاقتصادي- الاجتماعي- الأمني- العسكري الذي خاضته العدوانية الإسرائيلية ضد شعوب منطقة الشرق الأوسط، بدا واضحاً أن مشروع إسرائيل الكبرى لن يتحقق وحسب، وإنما إسرائيل الصغرى القائمة حالياً، مازالت تواجه كل يوم التهديد بزوالها أكثر فأكثر..
بعض الإسرائيليين أصبح يطالب بضرورة الاكتفاء بالحفاظ على إسرائيل الصغرى.. والبعض الآخر مازال يطالب بالسعي من أجل إسرائيل الكبرى.. وعلى هذه الخلفية، انقسم المجتمع الإسرائيلي بين تيار يقول بأنه لابد من السلام مهما طالت الحرب، وتيار أخر يقول بأنه لا داعي للسلام مهما طالت الحرب.
* احتقانات العنف الكامن في البيئة المجتمعية الإسرائيلية:
برغم المظاهر الإسرائيلية المكثفة إعلامياً، والقائلة لجهة وحدة المجتمع الإسرائيلي، فإن الواقع الحقيق يشير إلى أن المجتمع الإسرائيلي يتميز بوجود واحدة من أكثر الخرائط المجتمعية تعقيداً، وذلك لجهة الكثرة التعددية للخطوط الانقسامية، وبكلمات أكثر وضوحاً، ينقسم المجتمع الإسرائيلي لجهة الخطوط: الاثنو- ثقافية، والاثنو- طائفية، والاثنو- تاريخية.. وهلمجر، وعلى أساس اعتبارات هذه الخطوط، فقد تجسدت إسقاطات هذه الانقسامات في:
* انقسام الأحزاب الإسرائيلية.
• انقسام الرأي العام الإسرائيلي.
• انقسام الهوية الإسرائيلية.
• انقسام وعي الشعور بالذات.
وقد أدت كل هذه الانقسامات إلى تعبئة مخزونات العنف الخفي الكامن في الهياكل المجتمعية الإسرائيلية، وقد سبق وأن تحركت مخزونات هذا العنف الهيكلي الثنائي، وانفجرت ضمن مظاهر العنف السلوكي- الوظيفي.. بما أدى إلى عملية اغتيال رئيس الوزراء السابق اسحق رابين.
* ماكينة الاغتيالات الإسرائيلية- الإسرائيلية:
يعتبر الانقسام الإسرائيلي- الإسرائيلي، إزاء ملف السلام هو الأكثر خطورة، لجهة تهديد التماسك المجتمعي الإسرائيلي، وقد أثبتت معطيات الخبرة التاريخية الإسرائيلية، أنه كلما زاد توجه المضي قدماً في اتجاه السلام.. كلما زادت بالمقابل احتمالات تحول مخزونات العنف الهيكلي- البنائي باتجاه العنف الوظيفي- السلوكي، الذي يبدأ متخذاً المظاهر الأولية مثل التصريحات الغاضبة، والتي تتحول إلى الاحتجاجات والاعتصامات، كما ففي حالة احتجاجات واعتصامات يهود المستوطنات المهددة بالإزالة، ووصولاً إلى عمليات الاستئصال والقتل والتي كان أخرها محاولة بعض المتطرفين اليهود اغتيال زعيم حركة السلام الآن، عندما استهدفوا منزله بالقنابل..
من المحتمل أن تكتسب ماكينة الاغتيالات الإسرائيلية قوة دفع جديدة، بفعل تأثيرات الصراع السياسي حول مستقبل ملفات السلام مع سوريا ومع الفلسطينيين، وذلك بما يدفع الجماعات اليهودية الأصولية المتطرفة إلى القيام بأعمال العنف الوظيفي- السلوكي ضد الأطراف الإسرائيلية التي تطالب بالمضي قدماً في ملفات السلام مع سوريا والفلسطينيين..
وإضافة لذلك، فمن الممكن، وهو الاحتمال الأقوى أن تلجأ الأطراف السياسية الإسرائيلية المتناحرة إلى استخدام "معطيات نظرية المؤامرة".. والقيام بشن عمليات سرية متبادلة، بحيث يتم اغتيال زعيم سياسي معين، وتعليق المسؤولية على عاتق الجماعات اليهودية المتطرفة، وأيضاً من الممكن أن تقدم الجماعات اليهودية المتطرفة فعلاً باغتيال زعيم محدد، بحيث يعيق ذلك قيام طرف إسرائيلي ثالث باغتيال زعيم آخر تحت مظلة القصاص..
وحالياً، قد يبدو سيناريو ملف الاغتيالات السياسية الإسرائيلية مستحيل (الوقوع والحدوث.. ولكن، لما كانت السياسة هي فن الممكن، فمن الممكن أن يحدث هذا السيناريو ولو بشكل جزئي، وعلينا أن نتوقع بإمكانية انتقال عدوى الاغتيالات الملفقة التي أدارها الإسرائيليون في لبنان لكن هذه المرة في إسرائيل نفسها.
الجمل: قسم الترجمة والدراسات
إضافة تعليق جديد