الخطوط العامة للأزمة اليمنية المتوقعة
الجمل: تشهد جمهورية اليمن وضعاً متدهوراً وذلك بسبب التدهور الداخلي والضغوط الخارجية، وتقول التسريبات والمعلومات بأن اليمن أصبح أكثر انزلاقاً وتدهوراً باتجاه الدخول في نفق الأزمة الشاملة.
* المعالم والخطوط البارزة لمؤشرات الأزمة اليمنية:
يمكن الإشارة إلى معالم وخطوط الأزمة اليمنية على النحو الآتي:
• اقتصادياً: شهد الاقتصاد اليمني هبوطاً في معدلات الناتج المحلي الإجمالي إضافة إلى انخفاض في مستوى الدخل وتدني في القدرة الشرائية المصحوب بارتفاع الأسعار وموجات الغلاء الفاحش إضافة لذلك أيضاً اليمن من تزايد معدلات البطالة وارتفاع مستوى التضخم.
• اجتماعياً: يعاني اليمن من الزيادة السكانية المضطردة، بسبب معدلات التزايد الديمغرافي التي تعتبر من بين الأعلى في العالم إضافة إلى تفشي الأمية ومعدلات الفقر المصحوبة بالتمركز القبلي والخلافات الطائفية وحالياً ما يزال اليمن يعتبر من البلدان العربية التي تعاني من ظاهرة الهجرة وخروج العناصر البشرية ذات القدرة والكفاءة.
• سياسياً: ما تزال الحكومة اليمنية عاجزة عن القيام بالإصلاحات السياسية المطلوبة لجهة تحقيق الوفاق الوطني إضافة إلى عدم القدرة على حل مشاكل الصراعات والنزاعات المسلحة وعلى وجه الخصوص تمرد الحوثي وتزايد نفوذ الجماعات الأصولية الإسلامية.
هذا، وقد اجتمعت هذه المكونات الثلاثة بما أدى إلى تداخلها على النحو الذي تزايدت معه مفاعيل هذه المكونات لجهة التأثير سلباً على الأوضاع اليمنية المتردية بالأساس.
* البيئة الداخلية اليمنية: حسابات المخاطر:
تشير نتائج تحليل البيئة الداخلية اليمنية لجهة المخاطر إلى المؤشرات الآتية:
• وصول معدل التضخم إلى 27% ومعدل البطالة إلى 40% ومعدل سوء التغذية في أوساط الأطفال إلى 46% إضافة إلى تشوهات الهرم السكاني وتشير أحد مؤشراتها إلى أن 50% من السكان البالغين 22 مليون هم دون سن السادسة عشرة، الأمر الذي يشير إلى تزايد معدلات الإعالة وعمالة الأطفال والتسرب التعليمي.
• من المفروض أن تكون الحكومة اليمنية هي الكيان الوطني المؤسسي المسيطر على الأوضاع ولكن كما هو واضح فإن السيطرة الفعلية هي عملياً بين يدي زعماء القبائل بالدرجة الأولى ورجال الدين بالدرجة الثانية.
• تشهد الساحة السياسية اليمنية الصراعات التالية:
- تمرد أنصار بدر الدين الحوثي المسلح الشيعي.
- العمليات المسلحة التي تقوم بتنفيذها الجماعات المسلحة السنية.
- الصراع السياسي بين النخب السياسية اليمنية.
- الصراعات القبلية البينية بين زعماء القبائل والصراعات داخل القبائل حول الزعامة بواسطة وجهاء القبائل.
• توقفت معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولم يعد الاقتصاد اليمني قادراً على تحقيق أي إنجازات حقيقية في مجال البنيات التحتية والإنتاجية والخدمية.
* البيئة الخارجية اليمنية: حسابات الفرص:
برغم التداخل الذي أصبح أكثر تعقيداً في البيئة الخارجية اليمنية، وبفعل تفاقم الأوضاع الإقليمية مع الأوضاع الدولية فمن الممكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
أولاً: البعد الإقليمي: ويتضمن هذا البعد المحاور الآتية:
• تأثير العامل السعودي – الخليجي: تحاول السعودية القيام بدور الفاعل الإقليمي الذي يعمل لبسط نفوذه على اليمن وبهذا الخصوص فإن توجهات السياسة الخارجية والداخلية اليمنية تجد نفسها دائماً في مواجهة الأجندة السعودية الأكثر تطابقاً مع التوجهات الأمريكية إزاء اليمن.
• تأثير العامل العربي: ترتبط اليمن شأنها شأن كل الدول العربية بمواثيق الجامعة العربية وبرغم عراقة الانتماء والهوية العربية اليمنية، فإن قدرة اليمن على تفعيل هذا الانتماء ضمن المشروع العربي ما تزال محدودة إضافة إلى أنه في حالة تدهور مستمر بسبب تدهور الأوضاع اليمنية.
• تأثير العامل الإسلامي: يتميز الرأي العام اليمني بعمق المشاعر الإسلامية وقد أدى ذلك على خلفية تدني معدلات التحضر وتزايد الأمية، إلى تفشي ظاهرة الأصولية الإسلامية بشقيها السني والشيعي.
• تأثير العامل الإفريقي: ترتبط اليمن بعلاقات وثيقة مع بلدان القرن الإفريقي وتقول التحليلات بأن أحداث القرن الإفريقي تمارس حضوراً وتأثيراً قوياً في الأوضاع اليمنية وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والسياسية.
ثانياً: البعد الدولي: ويتضمن هذا البعد المحاور الآتية:
• تأثير العامل الأمريكي: تحاول الولايات المتحدة الأمريكية فرض حضورها القوي على الساحة اليمنية ولكن بسبب إدراك الأمريكيين لمخاطر التورط المترتب على القيام بالتدخل المباشر فإن استراتيجية واشنطن تركز على استخدام الوسائل الكلية المباشرة في محاولة ضبط أداء سلوك السياسة اليمنية بدلاً عن الوسائل الجزئية المباشرة كالتدخل المباشر بالوسائل العسكرية وما نشابه ذلك. وتقول التسريبات والمعلومات بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والبنتاغون يقومون حالياً بإدارة بعض العمليات السرية داخل اليمن.
• تأثير المجتمع الدولي: حتى الآن لم يستطع المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن الدولي ومنظمات الأمم المتحدة من القيام بدور فاعل في الساحة اليمنية، وما هو واضح يتمثل في أن عدم قيام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بتقديم المعونات وبالقروض، يعود إلى الولايات المتحدة التي تحرص على ضبط إيقاع أداء المجتمع الدولي إزاء اليمن.
* الخيارات اليمنية: إلى أين:
توجد حالياً فجوة كبيرة بين توجهات الطموحات اليمنية وتوجهات مسارات الأوضاع الداخلية وبكلمات أخرى فإن السياسة اليمنية لم تعد قادرة على القيام بدور المتغير المستقل في مواجهة التدهور الداخلي الذي بدأ يفرض نفسه كمتغير مستقل وعلى هذه الخلفية:
• عسكرياً: ستشهد الساحة اليمنية تزايداً في قدرات وأنشطة الجماعات المسلحة وانخفاضاً في قدرات وأنشطة القوات المسلحة اليمنية ومن الممكن أن تؤدي ضغوط المواجهات الداخلية إلى انفراط عقد قوام القوات المسلحة الوطنية اليمنية سواء عن طريق الهزائم الميدانية أو عن طريق تغليب أفرادها ولاءاتهم القبلية على الوطنية.
• اقتصادياً: سيشهد الاقتصاد اليمني تزايد في معدلات التضخم والبطالة وتدهور الدخل إضافة إلى انعدام المساعدات الدولية.
• اجتماعياً: سيشهد اليمن موجتين من الهجرة:
- هجرة اليمنيين إلى الخارج.
- هجرة سكان القرن الإفريقي إلى اليمن الذي أصبح بوابة الهروب لملايين الأفارقة من الحرب.
• سياسياً: ستشهد الساحة السياسية ما يلي:
- تواجه الحكومة اليمنية مشاكل التبعية للغرب والولايات المتحدة طلباً للمساعدات.
- تزايد المعارضة الداخلية ضد الحكومة اليمنية مما يؤدي إلى نشوء المزيد من التحالفات القبلية الطائفية.
* تأثير العامل الإسرائيلي:
يتبدى تأثير إسرائيل في الظروف اليمنية بما يلي:
• تسعى إسرائيل لفرض سيطرتها على مضيق باب المندب حيث استطاعت التمركز في جيبوتي أي في جانب المضيق الشرقي، لذا فهي تحتاج إلى جانبه الغربي عن طريق رصد السواحل اليمنية.
• تسعى إسرائيل لإبعاد اليمن عن خارطة العالم العربي مما يعرض الأمن العربي للخطر من خلال:
- مخاطر جيو-استراستيجية بسبب وقوع مضيق باب المندب في أسيادي السيطرة الأجنبية.
- مخاطر جيو-بوليتيكة بسبب تصدير الصراعات لإشعالها في اليمن وانتقال العدوى إلى الشمال.
إن اليمن الآن قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من الانفجار بسبب محفزات البيئتين الداخلية والخارجية فيما يشبه الحالة اللبنانية، إلا أن موقع اليمن الجغرافي هو ما يزيد خطورة الانفجار اليمني عن اللبناني.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد