سيناريوهات الحرب الأمريكية القادمة في أفغانستان
الجمل: تقول التقارير، بأن المسرح الأفغاني يشهد حالياً تنفيذ القوات الأمريكية والقوات الحليفة لها، إضافةً لقوات الحكومة الأفغانية تنفيذ حملة أطلق عليها الأمريكيون الاسم الكودي «عملية غضب الكوبرا»، وعلى خلفية هذه العملية، فمن المتوقع أن تشهد الساحة الأفغانية وأيضاً الباكستانية المزيد من التداعيات والمستجدات على ضوء نتائج معارك عملية غضب الكوبرا.
* ماذا تقول المعلومات:
بدأت مجموعة من القوات تضم في قوامها القوات الأمريكية والقوات البريطانية إضافةً إلى بعض قوات حلف الناتو، وقوات الجيش والشرطة التابعة للحكومة الأفغانية بتنفيذ عمليةٍ عسكرية واسعة النطاق في المسرح الأفغاني، ويمكن الإشارة إلى خطوطها العامة ضمن النقاط الآتية:
• منطقة العمليات: الجزء الأوسط والشمالي من محافظة هلمند الأفغانية.
• عدد القوات: العدد الدقيق غير معروف، ولكن المعلومات المتداولة تقول بوجود 900 إلى 1000 جندي أمريكي، إضافةً إلى بضع مئات من الجنود البريطانيين وغير البريطانيين.
• الهدف: القضاء بشكل نهائي على قواعد حركة طالبان الموجودة في وسط وشمال محافظة هلمند، وتقول المعلومات بأن سيطرة حركة طالبان في هذه المنطقة ظلت أمراً ثابتاً طوال الأعوام الماضية، فعناصر حركة طالبان يسيطرون في هذه المنطقة على المدن والقرى والممرات وشبكات الطرق.
• التوقيت: جاءت عملية «غضب الكوبرا» ضمن توقيت غير متوقع، فقد درجت العادة على عدم شن العمليات العسكرية في فصل الشتاء، وذلك لأن طبيعة المسرح الأفغاني تجعل من القتال في المناطق والممرات الجبلية الأفغانية الوعرة المغطاة بالثلوج أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
تشير التحليلات والتقارير إلى أن الشروع في تنفيذ عملية «غضب الكوبرا» قد تم على خلفية التطورات الآتية:
- قرار الرئيس الأمريكي بزيادة القوات بحوالي 30 ألف جندي.
- قرار 25 من دول حلف الناتو بتقديم 7 آلاف جندي إضافي إلى أفغانستان.
وإضافة إلى ذلك، فمن المتوقع أن يتم التركيز في عملية غضب الكوبرا على إعطاء دور أكبر لقوات الأمن الأفغانية.
* زيادة القوات: منظور التحليل المقارن بين العراق وأفغانستان:
تشير معطيات خبرة الأداء العسكري الجاري الحالي في المسرح الأفغاني إلى أن القوات الأمريكية تسعى من أجل تقديم نسخة أفغانية لتجربة زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، وبكلماتٍ أخرى، فإن المعطيات العسكرية – الأمنية – الميدانية لزيادة القوات الأمريكية في المسرح الأفغاني، والتي تم إعلانها على لسان الرئيس الأمريكي الديمقراطي الحالي باراك أوباما، هي معطيات سوف تكون على نسق زيادة القوات الأمريكية في العراق، والتي سبق أن أعلنها الرئيس الأمريكي الجمهوري جورج بوش.
مقارنة معطيات زيادة القوات في المسرحين العراقي والأفغاني ترجع إلى العديد من العوامل والتي من أبرزها:
• عامل القيادة: في المسرح العراقي، كان الجنرال ديڤيد بترايوس يتولى منصب قائد القوات الأمريكية في العراق، وكان الجنرال ماكريستال يتولى منصب قائد القوات الخاصة الأمريكية، والتي لعبت الدور الأساسي والرئيسي في خطة زيادة القوات الأمريكية وتوظيفها في العراق، وعلى وجه الخصوص خطة تأمين بغداد وغيرها من الخطط النوعية. وحالياً، فإن الجنرال ديڤيد بترايوس يتولى منصب قائد القيادة الوسطى الأمريكية، وهي القيادة المسئولة عن الحرب في المسرحين العراقي والأفغاني، أما الجنرال ماكريستال، فيتولى منصب قائد القوات الأمريكية في أفغانستان.
• العامل السياسي: في العراق، سعت زيادة القوات الأمريكية إلى تعزيز سيطرة حلفاء أمريكا العراقيين على السلطة، وفي أفغانستان، تسعى عملية زيادة القوات إلى تعزيز سيطرة حكومة كرازاي الأفغاني على السلطة.
• عامل الانتشار العسكري: في العراق، أدت زيادة القوات الأمريكية إلى الدفع باتجاه توقيع الاتفاقية الأمنية العراقية – الأمريكية والتي أكدت على نشر القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، وحالياً تقول المعلومات، بأن الفترة القادمة سوف تشهد توقيع الاتفاقية الأمنية الأفغانية – الأمريكية والتي سوف تعطي أمريكا الحق في نشر المزيد من القواعد العسكرية، وعلى وجه الخصوص في المناطق الأفغانية الغربية المتاخمة لإيران، والمناطق الشرقية المتاخمة لغرب الصين، والمناطق الشمالية المتاخمة لدول آسيا الوسطى وعلى وجه الخصوص أزبكستان وتركمانستان بسبب أهميتهما الاستراتيجية لمخطط التغلغل العسكري الأمريكي في آسيا الوسطى.
تشير التحليلات إلى العديد من ردود الأفعال المختلفة إزاء مستقبل العمليات العسكرية في أفغانستان، وتحديداً ما سوف تتمخض عنه عملية "غضب الكوبرا" التي بدأت بالأمس أولى فعالياتها العسكرية الميدانية، وعلى هذه الخلفية، يمكن الإشارة إلى الآتي:
- سيناريو النجاح: ويراهن على حدوثه صقور الإدارة الأمريكية وزعماء المحافظين الجدد الذين بدا واضحاً أنهم يعملون داخل إدارة أوباما بشكلٍ غير مباشر، وتحديداً تحت مظلة السيناتور جو بايدن الذي يتولى منصب نائب الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما. ويزعم أنصار هذا السيناتور، بأن زيادة القوات الأمريكية وزيادة قوات حلف الناتو سوف تؤدي إلى القضاء على حركة طالبان، وأيضاً إلى إعادة بناء وتنظيم قوات الجيش الأفغاني بشكلٍ فاعل سوف يؤدي في نهاية الأمر إلى جعله قادراً على تولي مسئولية حماية أمن واستقرار أفغانستان، واستمرار مسيرتها السياسية ضمن آليات ومفاعيل النظام الديمقراطي الغربي.
- سيناريو الفشل: ويراهن على حدوثه فريق من السياسيين الأمريكيين المطالبين بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، وأيضاً يراهن على ذلك الزعماء الباكستانيون. وتقول المعلومات والتسريبات، بأن المخابرات الباكستانية قد حذرت الأمريكيين من مغبة تصعيد العمليات العسكرية في أفغانستان وذلك لأن حركة طالبان الأفغانية تملك حالياً 80 ألف عنصر مسلح في حالة استعداد وجاهزية للقتال، وهذا أمر من الصعب على أي جيشٍ مواجهته إلا في حالة وجود قوات خاصة لا يقل عددها عن 300 ألف عنصر، إضافةً إلى المزيد من صنوف القوات الأخرى. وأكدت المخابرات الباكستانية، بأن تصعيد القتال في أفغانستان سوف يترتب عليه تعريض القوات الباكستانية إلى المزيد من الضغوط في المسرح الباكستاني، الأمر الذي قد يؤدي إلى إرهاق قوات الجيش الباكستاني، إن لم يكن إلى انهيارها في العديد من المحافظات الباكستانية التي تمثّل المعقل الأساسي لعناصر طالبان والقاعدة وجماعة عسكر طيبة وغيرها.
- سيناريو الوسط: ويراهن على حدوثه العديد من المراقبين والمحللين السياسيين والعسكريين، ويقوم هذا السيناريو على فرضية استمرار حالة الحرب المستمرة ضمن صيغة لا غالب ولا مغلوب، وتأسيساً على ذلك يرى أنصار هذا السيناريو الآتي:
• سوف تنجح حركة طالبان في تحريك عناصرها من منطقة إلى أخرى، طالما أن البيئة الجبلية الوعرة سوف تعوق كل العمليات الاعتراضية التي ستسعى القوات الأمريكية إلى تنفيذها.
• سوف تتكبد القوات الأمريكية المزيد من الخسائر بسبب عدم فعالية مذهبية التمرد المسلح التي تتبعها، خاصةً وأن سعى الثنائي بترايوس – ماكريستال من أجل تطبيق ما سبق أن قاما بتطبيقه في المسرح العراقي، هو سعيٌ سوف يكون مصيره الفشل، وذلك بسبب اختلاف المسرح الأفغاني عن المسرح العراقي، وأيضاً بسبب اختلاف العناصر المسلحة، فحركة طالبان تختلف بقدرٍ كبير عن حركات المقاومة العراقية.
هذا وإضافةً لذلك، نشير إلى أن المسرح الأفغاني يتميز عن المسرح العراقي بالانفتاح الشديد، وذلك لأن العناصر المسلحة تستطيع الانتقال بكل سهولة ويسر إلى باكستان ثم العودة مرة أخرى إلى أفغانستان، وهو أمرٌ لم يكن متاحاً للعناصر المسلحة العراقية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد