مخطط أمريكي- إسرائيلي لاستنساخ الأزمة اليونانية وتصديرها لدول معادية

14-07-2010

مخطط أمريكي- إسرائيلي لاستنساخ الأزمة اليونانية وتصديرها لدول معادية

الجمل: رصدت الأنظار في سائر أنحاء العالم مجريات الأحداث والوقائع الخاصة بالأزمة الإقتصادية اليونانية, وماهو جديد هذه المرة يتمثل في سعي بعض الأطراف الدولية والإقليمية لجهة القيام بإعادة إنتاج سيناريو الأزمة الإقتصادية اليونانية ضمن نسخ جديدة مبتكرة أكثر خبثاً: فماذا تقول المعلومات والتسريبات ومامدى مصداقية نجاح سيناريو إستنساخ الأزمات؟

- إستنساخ الأزمة الإقتصادية اليونانية:

رصدت التقارير والتسريبات قيام مجموعة من الخبراء الأمريكيين والإسرائيليين, بعملية تحليل وتقييم واسعة النطاق, وعميقة الأبعاد لظاهرة الأزمة الإقتصادية اليونانية الأخيرة, وماهو جديد هذه المرة يتمثل في أن هؤلاء الخبراء يسعون إلى معرفة مدى مصداقية الآتي:
      - إمكانية استخدام معطيات الأزمة الإقتصادية اليونانية في وضع "نموذج" يمكن تطبيقه في بعض الدول الأخرى.
      - مدى قابلية اقتصاديات الدول الأخرى لتطبيق مفاعيل نموذج الأزمة اليونانية.
       - مدى إمكانية انتقاء دول بعينها واستهدافها بنموذج الأزمة اليونانية.
       - مدى إمكانية القدرة على فرض السيطرة على الكاملة على سلوك وردود الأفعال الدول المستهدفة بسيناريو الأزمة اليونانية بما يتيح إعادة ضبط سلوك هذه الدول ضمن دائرة التوجهات الأمريكية.
وفي هذا الخصوص, تقول التسريبات والمعلومات, بأن تركيا واليابان هما أبرز الدول التي رشحها الخبراء الإسرائيلين والأمريكيين لجهة وضعهما تحت دائرة الإستهداف ضمن نموذج استنساخ وإعادة إنتاج الأزمة الإقتصادية اليونانية, ولكن, ضمن نسخة تركية, ونسخة يابانية.

-صناعة الأزمات الإقتصادية: التخطيط والآليات

تشير المعطيات النظرية والعملية إلى وجود نوعين من الأزمات, أحدهما ينشأ بشكل طبيعي بسبب تراكم المشاكل و الأخطاء.. والآخر ينشأ بشكل مصطنع, بواسطة قوى ظاهرة معروفة أو خفية مستترة, وفي هذا الخصوص, فإن ما هو متوقع الآن, أن يسعى خبراء محور واشنطن- تل أبيب إلى توظيف معطيات سيناريو الأزمة الإقتصادية اليونانية ضمن المسارات الأتية:
    - الإبقاء على مفاعيل الأزمة الإقتصادية اليونانية موجودة ليس ضمن إقتصاديات الإتحاد الأوروبي الأخرى, بما يتيح إرهاق اقتصاد الإتحاد الأوروبي ودفع الدول الأوروبية إلى المزيد من الإرتباط بالإقتصاد الأمريكي, بما يؤدي بدوره إلى إطلاق يد بنك الإحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) و وزارة الخزانة الأمريكية في الإقتصاديات الأوروبية.
     - السعي من أجل تفعيل انتقال عدوى الأزمة الإقتصادية اليونانية إلى البلدان الأوروبية التي تعاني حالياً من أوضاع و ظروف مشابهة لأوضاع اليونان الإقتصادية قبل وقوع الأزمة, وتحديداً الدول الأوروبية ذات الإقتصاديات التي تعاني من تزايد معدلات الدين العام, وهي اقتصاديات: إيطاليا- البرتغال- إسبانيا.
أما بالنسبة لتوجهات محور واشنطن- تل أبيب الجديدة, فتتمثل في استخدام منظور صناعة الأزمات, بما يتيح استهداف بعض الدول التي يصعب على أمريكا استهدافها بواسطة أي ضغوط دولية أو إقليمية, وعلى وجه الخصوص الدول الحليفة لأمريكا مثل تركيا واليابان, والتي أصبحت تشهد عملية تحول وانتقال جديد في توجهاتها السياسية, لجهة التخلي عن نمط السياسات لداخلية والخارجية القائمة على أساس اعتبارات و إملاءات السياسة الأمريكية باتجاه نمط السياسات الداخلية والخارجية المستقلة, وفي هذا الخصوص تشير المعطيات الأتية:
      - بعد صعود حكومة حزب العدالة والتنمية التركي, بدأت أنقرة في اعتماد وانتهاج سياسات أكثر استقلاليةً و تحرراً من روابط محور واشنطن- تل أبيب, وعلاقات أنقرة- واشنطن, ولما كان من الصعب على واشنطن القيام بعملية استهداف مباشرة صريحة لتركيا على الأقل في الوقت الحالي, فإن استخدام الأيادي الخفية في تعريض القوام الجيو- سياسي التركي لضغوط الأزمات الإقتصادية على غرار ما حدث مع اليونان, هو حلم محور واشنطن- تل أبيب الحالي, طالما أن تحقق مثل هذا السيناريو الأزموي الإقتصادي  إن لم يطح بحكومة حزب العدالة والتنمية، فإنه سوف يؤدي على الأقل إلى إرغام أنقرة لجهة تعديل توجهاتها والعودة بالسياسة التركية مرة أخرى إلى حظيرة الإملاءات الأمريكية.
      - بعد صعود حكومة الحزب الديمقراطي الياباني الجديدة, وماحدث من توترات على خط طوكيو- واشنطن حول ملفات التعاون العسكري الياباني- الأمريكي, وتزايد ضغوط الرأي العام الياباني المطالبة بضرورة سحب القواعد العسكرية الأمريكية والسعي نحو المزيد من الإستقلالية عن قيود السياسات الأمريكية, فقد بدا لواشنطن واضحاً, إن معنى وضع طوكيو قدماً في هذا الاتجاه سوف يؤدي بالضرورة إلى خروج اليابان من دائرة الهيمنة الأمريكية, بما يتيح إطلاق يد الصين، إضافة إلى احتمالات خروج كوريا الجنوبية أيضاً، وذلك ضمن مسلسل يمكن أن ينطوي على المزيد من خروج الدول الآسيوية الأخرى مثل الفليبين, وتايلاند, وأندونيسيا... وتأسيساً على ذلك, فإن إسقاط سيناريو الأزمة الإقتصادية اليونانية على الواقع الياباني, سوف يؤدي بالضرورة،  إما إلى دفع طوكيو باتجاه القبول بالقيود الأمريكية الحالية،أو الإطاحة بحكومة الحزب الديمقراطي الحالية، وإعادة حكومة الحزب الليبرالي الياباني السابقة الحليفة لواشنطن بدلاً عنهما.
درجت العادة, على أن لا ترغب الحكومات في الأشياء التي لا تستطيع صنعها, ولكن, على محور واشنطن- تل أبيب سوف يظل لفترة طويلة قادمة, وهو أكثر ولعاً بالسعي من أجل صنع ما هو ضروري لإنفاذ مشروع الهيمنة على العالم، حتى لو كان ذلك غير ممكن.. وكل ما يمكن الإشارة إليه, حالياً, هو الانتظار والترقب ريثما نرى كيف سوف يسعى محور واشنطن- تل أبيب باتجاه نقل صناديق شرور الأزمة الإقتصادية اليونانية إلى تركيا واليابان وإغراق شوارع أنقرة وطوكيو بالمظاهرات والإحتجاجات الغاضبة بفعل تدهور الأوضاع الإقتصادية المصنوعة هذه المرة بواسطة الأيادي الخفية. 
                                                                                 الجمل قسم الدراسات و الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...