عندمــا يناقــض «العنــف» رسالة الفرح في «الفيديو الكليب»
لا يزال «الفيديو كليب» في الغالب عاجزاً كخطاب بصري على أن يحقق الوظيفة التواصلية للخطاب السمعي للأغنية. والمشاهد المدقق لما يعرض مؤخراً على بعض الفضائيات، يلاحظ أن مشاهد العدوانية والقتل والسادية ذات البعد الجنسي، بدأت تنتشر تدريجاً في مجال الأغنية المصورة، ما يساهم في تنميط صورة المرأة لدى المشاهد كموضوع «إغرائي» بالدرجة الأولى.
وفي هذا الإطار، يقدم مخرج «كليب» أغنية «إنت تاني» محمد سامي، الفنانة هيفاء وهبي، كإحدى المقاتلات الأمازونيات اللواتي وصفهن المؤرخ هيرودوت «بقاتلات الرجال»، إذ كانت الأمازونة في تلك الحقبة تقوم بأعمال الصيد والحرب، في حين يبقى الرجل في البيت لإدارة شؤونه. وتتبارز وهبي التي استعارت الشكل الخارجي للمرأة الأمازونة، مع رجل على طريقة فيلم «المصارع» للممثل راسل كرو، بهدف استعراض قدراتها كمقاتلة تريد ترويض الرجل بعضلاتها وليس بعواطفها!
ويرسم المخرج باسم مغنية سينايو «كليب» أغنية «طيبة قلبك» للفنانة دينا حايك، على طريقة أفلام «الوسترن». إذ تنتقم فيه دينا من حبيبها بطريقة عنفية لأنه وعدها «بالحنية وتراجع عما وعدها به» كما تفيد الأغنية. ويوغل الكليب الخاص بأغنية «غيبي يا شمس» للفنان «ملحم زين»، إخراج فادي حداد، بعيداً في التاريخ، فيقدّم مشاهد حرب على طريقة «حرب طروادة»، تنشأ بين جماعتين من أجل فتاة! ويختار كليب «لو إحنا فينا من كده» للمغنية المصرية مي كسّاب، إخراج ياسر سامي، طريقة أبطال «الكارتيه» منحى للعنف، وتستخدم فيه السكاكين التي ترشق عن بعد، والهراوة التي تحطم كل ما هو أمامها.
وتكمن خطورة تلك المشاهد العنفية في كونها تساهم على الأرجح، في عدم إثارة رد فعل إيجابي لدى المشاهد يتمثل بالقبول أو التعاطف مع مضمون الأغنية، وقد تؤدي في بعض الحالات الى نفور من قبل البعض.
وتؤكد النماذج التي تطرقنا اليها أن «الكليب» العربي بدأ يؤسس لنمط جديد مليء بمشاهد العنف والقسوة، المتناقضة مع رسالة الغناء، التي تحمل الفرح في طياتها. وهي وإن كانت تتحدث أحياناً عن الهجر والفراق والخلافات بين الأحباء، الا أن ذلك كله يأتي في قالب انساني وعاطفي. وهذا النمط يؤكد عدم معرفة المغني او المغنية بمعنى الغناء وأهدافه. وكون يحمل «الكليب» توقيع مخرجه، لا يعني ذلك بالضرورة تبرئة المغني منه، الذي يعتبر تجسيده له تبنيا صريحا لما جاء فيه.
نضال بشارة
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد