دلالات وتداعيات المواجهة اللبنانية – الإسرائيلية الأمنية والعسكرية
الجمل: عاد الهدوء المشوب بالحذر إلى خط الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وذلك بعد أن تجاوزت اشتباكات الجيش اللبناني – الجيش الإسرائيلي مرحلة التصعيد باتجاه مرحلة التهدئة. ما هي طبيعة الهدوء السائد الآن على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية؟ وهل المنطقة قد دخلت فعلاً مرحلة الهدوء المشوب بالحذر؟ وما هي التداعيات الداخلية والإقليمية الدولية التي أفرزتها مواجهات ظهر الأمس؟
* مسار التهدئة: ماذا تقول السردية؟
تحدثت التقارير عن لجوء الطرفين اللبناني والإسرائيلي إلى خيار التهدئة. وبحسب المعلومات وبرغم الغموض، فقد تمت صفقة تضمنت البنود الآتية:
- السماح للقوات الإسرائيلية بالقيام بعملية نزع ثلاثة أشجار يزعم الإسرائيليين بأنها تحجب الكاميرا الإسرائيلية المنصوبة لجهة رصد ما يدور على الجانب اللبناني من شريط الحدد الإسرائيلية – اللبنانية.
- عدم دخول القوات الإسرائيلية إلى منطقة وجود الشجرات الثلاث والاكتفاء فقط بدخول الجرافة الآلية التي قامت بعملية قطع الأشجار.
أكدت المعلومات والتقارير، بأن خلافاً قد دار بين الطرفين الإسرائيلي واللبناني، بحيث كان الطرف اللبناني يصر على ضرورة أن تتولى قوات اليونيفيل عملية قلع الأشجار الثلاث، ولكن وعلى خلفية إصرار تل أبيب المتشدد، فقد وافقت على ما يبدو الأطراف اللبنانية لجهة أن تتقدم الجرافة الآ لية المعنية بعملية قطع الأشجار، أما بقية القوات الإسرائيلية فيجب أن تظل على الجانب الإسرائيلي من الشريط الحدودي.
* التطورات الجديدة في الساحة اللبنانية:
شهدت الساحة السياسية اللبنانية خلال عشية الأمس تطورين هامين، يمكن الإشارة إليهما على النحو الآتي:
- خطاب زعيم حزب الله اللبناني: ألقى السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني والذي بث من خلاله كلمات قوية محذراً فيها محور واشنطن – تل أبيب وحلفاء هذا المحور الإقليميين والدوليين والمحليين من مغبة التورط في استهداف لبنان. وإضافة لذلك حذر الزعيم حسن نصر الله إسرائيل من مغبة السعي لاستهداف الجيش اللبناني، وأكد السيد نصر الله بأنه سيعقد مؤتمراً خلال الأسبوع القادم سوف يقدم من خلاله بعض الإفادات والمعلومات الهامة -والهامة جداً- إزاء ملف اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
- اعتقلت قوات الأمن الداخلي اللبناني العميد الركن المتقاعد فايز كرم بتهمة التعامل مع جهاز الموساد الإسرائيلي، وتقول المعلومات والتسريبات بأن اعتقال العميد لمتقاعد كرم قد شكل صدمة قاسية للزعيم ميشيل عون، وذلك لأن العميد المتقاعد فايز كرم كان يحتل منصباً عسكرياً مرموقاً، إضافةً إلى أنه يتولى منصباً في الهيئة العليا لحركة التيار الوطني الحر التي يقودها الزعيم ميشيل عون.
التطورات الجارية في الساحة السياسية اللبنانية أصبحت تنطوي على مفاعيل عملية استقطاب سياسي جديدة واسعة النطاق، وعلى الأغلب أن يحدث ذلك ضمن محورين:
- على المستوى القومي: سوف تتساقط العديد من الرموز السياسية التي ظلت ترتبط بجهاز الموساد الإسرائيلي وربما وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومديرية المخابرات الفرنسية. وحتى الآن، فقد كانت الحصيلة سقوط عدد كبير من عملاء الموساد، أما عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومديرية المخابرات الفرنسية فلم تشر المعلومات إلى سقوط أحد منهم. إضافةً لذلك، فمن المتوقع أن ترتبك كثيراً توازنات القوى السياسية اللبنانية المرتبطة بمحور واشنطن – تل أبيب خلال الفترة المقبلة.
- على المستوى التحتي: سوف تكتسب قوى المقاومة الوطنية اللبنانية التي يقودها حزب الله اللبناني المزيد من الدعم والسند الشعبي الواسع، وسوف تظهر بشكل واضح خلال الأيام القادمة ملامح خارطة الرأي العام اللبناني الجديدة، بما يتضمن ذلك تراجعاً كبيراً في شعبية قوى 14 آذار التي وبرغم تصريحات بعض زعماءها الداعمة لقوات الجيش اللبناني، فإن أغلبية اللبنانيين أصبحت تنظر إلى هذه التصريحات باعتبارها مجرد مواقف تكتيكية مبعثها الخجل والشعور بالعار إزاء ما ظلت تقوم به قوى خصوم المقاومة الوطنية اللبنانية.
أكدت التحليلات السياسية بأن ما حدث بواسطة القوات الإسرائيلية بالأمس هو مجرد أداء سلوكي لسيناريو عسكري – أمني محدود النطاق يهدف بشكل أساسي إلى استطلاع ردود الأفعال على المستوى الداخلي اللبناني والمستوى الإقليمي الشرق أوسطي والمستوى الدولي. وتأسيساً على ذلك، فبعد انتهاء العملية من المتوقع أن إسرائيل قد أصبحت على علم وإدراك بالنقاط الآتية:
- إن قوات الجيش اللبناني قد تكون طرفاً في أي قتال عسكري يندلع في حال قيام القوات الإسرائيلية بشن عدوان جديد.
- سوف يكون هناك ترابط عملياتي – تكتيكي كبير بين قوات المقاومة اللبنانية وقوات الجيش اللبناني.
- من غير الممكن استخدام حلفاء محور واشنطن – تل أبيب اللبنانيين في أي عملية نفسية جديدة ضد لبنان. وذلك لأن وحدة المقاومة – الجيش قد أدت بالضرورة إلى توحيد الرأي العام اللبناني.
إن أبرز النتائج الجديدة والدروس والعبر التي خرجت بها إسرائيل من مواجهات الأمس، تتمثل في احتراق المزيد من عناصر الموساد، إضافةً إلى أن أي زعيم سياسي لبناني يحاول أو يسعى لتوجيه الانتقادات ضد المقاومة أو الجيش سوف يكون قد انتحر عملياً، وذلك لأن الخروج على وحدة الجيش والمقاومة سوف يخرجه من دائرة مصداقية الانتحار الوطني اللبناني.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد