السعودية: استمرار تشغيل خدمات «بلاك بيري» على الرغم من قرار حظرها
وسط تكتم إعلامي، وضبابية حول إمكانية استخدام خدمة التراسل الفوري في أجهزة «البلاك بيري» في السعودية، ما زالت الخدمة قيد التشغيل حتى مثول الجريدة للطبع على الرغم من إعلان هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إيقافها اعتبارا من أمس، الأمر الذي دفع بتساؤلات عدة لم تجد لها إجابة لا من قبل الهيئة ولا حتى شركات الاتصالات الـ3 المزودة للخدمة في السعودية.
خدمة التراسل الفوري الـ«بي بي ماسنجر» ظلت مفعلة طيلة يوم أمس، وسط تساؤلات من مستخدمي أجهزة «البلاك بيري» حول المعلومات التي أكدت خلال الأيام القليلة الماضية لـ«الشرق الأوسط» إيقاف الخدمة، وحددت يوم أمس موعدا لها، مبدين في الوقت عينه أملهم في المفاوضات التي تجريها شركات الاتصالات مع الشركة الكندية المصنعة للوصول إلى حل يبقي على إتاحة الخدمة للمشتركين في السعودية.
وعلى الرغم من تأكيدات الهيئة السعودية إيقاف خدمة التراسل الفوري، فإنها ظلت مفعلة يوم أمس، وهو ما يشير إلى أن المفاوضات ما زالت مستمرة بين شركات الاتصالات الـ3 «إس تي سي» و«موبايلي» و«زين»، وشركة «ريم» الكندية، بحثا عن حلول، يدفعها إلى ذلك نجاح سوق هذه الأجهزة في السعودية ورواج العروض والخدمات المقدمة من الشركات المزودة للخدمة بشكل كبير.
«الشرق الأوسط» حاولت الاتصال بهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، إلا أنها لم تجد ردا، حيث بقي هاتف المتحدث الإعلامي مقفلا، في حين تحفظ مسؤولون من شركتي «إس تي سي» و«زين» على الموضوع، مشيرين إلى أنهم لم يتلقوا أي شيء بخصوص ذلك.
وكانت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات قد أكدت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق أن إيقاف خدمة «البلاك بيري» على جميع مشتركي الخدمة في السعودية، ابتداء من يوم أمس، سيقتصر على خدمة التراسل الفوري «بلاك بيري ماسنجر» فقط، إلا أنها لم تتوقف.
وقالت الهيئة إن الشركات الـ3 المشغلة للخدمة في السعودية ما زالت تتفاوض مع شركة «ريم» الكندية الشركة المصنعة لأجهزة «البلاك بيري»، بحثا عن حلول لإعادة تنظيم خدمة التراسل الفوري بما يتناسب مع متطلبات الهيئة. وبحسب متخصصين في سوق الاتصالات السعودية، فإن أكثر من 90 في المائة من استخدام أجهزة «البلاك بيري» ينصب في خدمة التراسل الفوري «بي بي ماسنجر»، في حين أن نسبة لا تتجاوز الـ10 في المائة تكون للخدمات الأخرى، حيث أحرزت خدمة التراسل الفوري نسبة انتشار عالية في أوساط الشباب خصوصا.
ويرى مراقبون أن قرار المنع الذي اقتصر على خدمة «التراسل الفوري» في أجهزة «البلاك بيري»، والتي تلقى إقبالا متزايدا، يعطي دلاله كبيرة على أن الجانب السعودي ممثلا في الهيئة والشركات الـ3 ما زالت تبحث مع الشركة الكندية احتواء الخدمة أمنيا ورقابيا، وسد الثغرات التي تسمح بمرور رسائل غير مرغوبة، وهو ما يعد حقا مشروعا للسيطرة على سلبيات الخدمة وتفاديها، وتجنب ما يمكن أن تتسبب فيه من أعمال تخريبية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر قريب من المفاوضات بين «ريم» وهيئة الاتصالات الليلة الماضية أن المحادثات أحرزت تقدما. وتعد السعودية أكبر سوق لـ«ريم» في الشرق الأوسط إذ يبلغ عدد مستخدمي «بلاك بيري» في المملكة 700 ألف. وكانت الإمارات قررت تعليق خدمات «بلاك بيري» اعتبارا من 11 أكتوبر (تشرين الأول) بسبب عدم توافقها مع التشريعات السارية في البلاد وتضمنها مشكلات أمنية.
وتتمتع هواتف «بلاك بيري» التي تنتجها شركة «ريم» الكندية بمستوى تشفير أعلى من أغلبية «الهواتف الذكية» الأخرى، بحسب الخبراء، ما يجعل مراقبة مستخدميها صعبة جدا.
وتدخلت الولايات المتحدة وكندا لمحاولة إيجاد حل بشأن المخاوف الأمنية التي دفعت بالإمارات العربية المتحدة والسعودية إلى قرار تعليق استخدام خدمات بلاك بيري.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أول من أمس «إننا نأخذ وقتا للتشاور وتحليل جملة المصالح وكل أوجه الملف لأننا نعي بأن أسئلة أمنية مشروعة تطرح. لكن هناك أيضا حقا مشروعا بالوصول إلى المعلومات والاستخدام من دون عقبات». وأضافت «لذلك أعتقد أننا سنجري محادثات تقنية وبين خبراء».
وقال فيليب كراولي الناطق باسم هيلاري كلينتون إن واشنطن تجري اتصالات مع السعودية والهند ودول أخرى تشعر بالقلق من موضوع «بلاك بيري» على أمل تسوية المشكلة.
كما ترغب واشنطن في الاتصال بالشركة الكندية المنتجة لترى كيف يمكن الجمع بين الاحتياجات الأمنية والمعلوماتية.
وفي البحرين، أعلن وزير شؤون مجلس الوزراء المعني بقطاع الاتصالات الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة أن المملكة لن توقف خدمة «بلاك بيري» حاليا أو في الفترة المقبلة.
وقال المسؤول البحريني «لا يوجد أي نية أو توجه حكومي لقطع الخدمة حاليا أو في الفترة المقبلة»، وأضاف وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء البحرينية أن «المملكة ملتزمة بتحرير قطاع الاتصالات حسب القوانين المحلية وأن تقدم الشركات المزودة أفضل الخدمات للجمهور وفق المعايير المعمول بها دوليا». وأكد المسؤول أن «المملكة حريصة على استمرار مكانتها المميزة على صعيد قطاع الاتصالات على مستوى منطقة الشرق الأوسط أو المستوى الدولي».
وذكر أن «عدد مشتركي الخدمة حاليا في المملكة وصل إلى 78 ألف مشترك حسب أحدث الأرقام المسجلة لدى هيئة تنظيم الاتصالات» وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء البحرين.
وتابع الوزير أن «مستخدمي خدمة (بلاك بيري) في البحرين يمثلون شرائح رجال الأعمال والموظفين وعامة الناس الذين أصبحت خدمات (بلاك بيري) بالنسبة لهم ضرورة تقنية عصرية في إنجاز أعمالهم اليومية من جهة، وتواصلهم الاجتماعي من جهة أخرى».
وشدد الشيخ عطية الله على أن «التشريعات والأنظمة والقرارات المعنية بتنظيم خدمات تشغيل (بلاك بيري) في مملكة البحرين توفر الأرضية المناسبة للتعامل مع هذا المنتج باعتباره واقعا فرض نفسه على جميع دول العالم».
وفي سياق متصل، أكدت السلطات اللبنانية أنها لم تتخذ «حتى تاريخه» أي قرار بوقف أي من خدمات هاتف «بلاك بيري» المتعدد الوسائط، ولكنها تجري دراسة لتقييم مدى تطابق هذه الخدمات مع القوانين و«ضمان أمن وأمان المعلومات وشبكات الاتصالات». وقالت الهيئة المنظمة للاتصالات في بيان إنها «تعيد التأكيد على عدم اتخاذ أي قرار بوقف أي من خدمات (البلاك بيري) حتى تاريخه».
وكان عماد حب الله رئيس الهيئة المنظمة للاتصالات بالنيابة قال في وقت سابق إن «الهيئة الناظمة للاتصالات تجري تقييما حول مسائل أمنية تتعلق بهواتف (بلاك بيري)»، إثر التوقيفات الأخيرة التي طالت موظفين في قطاع الاتصالات مشتبها بتعاملهم مع إسرائيل. وأضاف حب الله «نحن بحاجة لإبرام اتفاق مع (بلاك بيري) أو على الأقل التفاهم مع الشركة (...) للتمكن من الوصول إلى البيانات أو الخوادم ومعالجة المخاوف الأمنية».
وفي بيانها أمس أوضحت الهيئة أنها «أطلقت دراسة من النواحي التقنية والتجارية والقانونية لبعض خدمات الداتا المستعملة عبر الهواتف (الذكية) في لبنان مثال (البلاك بيري) وغيرها (...) لتقييم مدى تطابقها مع الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، وذلك بهدف إجراء المقتضى من قبل السلطة اللبنانية المعنية عند اكتمال الدراسة في حال عدم التطابق».
وأوضحت الهيئة أنها «في دراستها لمعطيات خدمات الداتا المعنية (...) تسعى إلى ضمان حقوق المستهلك بتوفر الخدمات المتطورة وضمان أمن معلوماته من جهة، وبتطبيق القوانين المرعية الإجراء من جهة أخرى، خاصة تلك المتعلقة بضمان أمن وأمان المعلومات وشبكات الاتصالات».
ومنذ 2009 اعتقلت السلطات اللبنانية نحو مائة شخص بشبهة التعامل مع إسرائيل، وذلك في إطار حملة أمنية واسعة النطاق لمكافحة التجسس. وتم الكشف عن الكثير من هؤلاء بفضل بيانات هواتفهم الجوالة. ويباع هاتف «بلاك بيري» في الأسواق اللبنانية منذ عام ونصف العام، وبحسب وكيل هذا الهاتف في لبنان فإن عدد المشتركين بهذه الخدمة في لبنان يبلغ نحو 60 ألفا. ومن جهته، قال وزير الاتصالات اللبناني شربل نحاس إن لبنان يأمل في أن تعطيه شركة «آر إي إم» برنامجا يسمح له بالوصول إلى المعلومات المنقولة عبر هذا النوع من الهواتف.
ونقلت صحيفة «السفير» عن نحاس قوله إن «الوزارة تقوم بدراسة الملف وتحضيره للتفاوض مع شركة (آر إي إم).. بهدف الحصول على البرنامج الذي يسمح للدولة بالوصول إلى المعلومات أو البيانات المنقولة عبر هذا الجهاز».
وقال نحاس إنه يوجد في لبنان نحو 60 ألف مستخدم لـ«بلاك بيري» لكن لم يتخذ قرار بعد «لوقف هذه الخدمات علما أن المفاوضات قد تستغرق مدة شهرين».
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد