ما هي دلالات ترشيح غالانت لمنصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي
الجمل: تحدثت التقارير الحفية والإعلامية الإسرائيلية الصادرة أمس واليوم، عن قيام وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك بتسمية الجنرال يواف غالانت مرشحاً لتولي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي بدلاً من الجنرال غابي أشكينازي الذي سوف تنتهي فترة ولايته في المنصب نهاية هذا العام: فمن هو رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد؟ وما هي خلفيات صراع الجنرالات الإسرائيليين حول منصب رئيس الأركان؟ وما هي تداعيات صعود الجنرال يواف غالانت إلى المنصب لجهة مستقبل الأداء العسكري داخل الجيش الإسرائيلي ودور الجيش الإسرائيلي في الصراع العربي-الإسرائيلي؟
* رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية المرشح: من هو الجنرال يواف غالانت؟
تقول التقارير والمعلومات، بأن السيرة الذاتية الخاصة بالجنرال يواف غالانت الذي أصبح في حكم المؤكد أنه سوف يتولى منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، هي سيرة ذاتية تنطوي على المزيد من العوامل التي أثارت الخلاف والاتفاق بين الإسرائيليين، وفي هذا الخصوص نشير إلى المحطات الرئيسية التي لعبت دوراً هاماً في تشكيل كاريزمية الجنرال يواف غالانت على النحو الآتي:
• ولد في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1958 بمدينة حيفا.
• تلقى تعليمه في إسرائيل حتى حصل على الإجازة الجامعية في مجال إدارة الأعمال والإدارة المالية من جامعة حيفا.
• انخرط في المجال العسكري عام 1977، وتحديداً في وحدة «فلوتيلا-13» التابعة للبحرية الإسرائيلية.
• تولى العديد من المناصب في وحدة النخبة «شاتيت-13» (أي وحدة فلوتيلا-13).
• انقطع عن العمل العسكري لمدة سنتين في إجازة قضاها يعمل خشاباً في ولاية آلاسكا الأمريكية.
• عاد بعد ذلك إلى الجيش الإسرائيلي حيث أكمل تدريباته في مجال البحرية الإسرائيلية وتأهل كضابط بحري.
• تولى مهمة قائد ثاني في أحد الزوارق الصاروخية التابعة للبحرية الإسرائيلية.
• عاد مرة أخرى إلى وحدة النخبة «شاتيت-13» حيث تم تعيينه هذه المرة قائداً للمجموعة، وتمت ترقيته إلى رتبة مقدم.
• يعتبر من أوائل الضباط البحريين الذين تلقوا تدريباً تحويلياً، وتم نقلهم إلى القوات البرية، وقد تم تعيين يواف غالانت في عام 1994 في منصب قائد لواء جنين المتمركز في الضفة الغربية.
• عاد للقوات البحرية مرة أخرى ليتولى هذه المرة منصب قائد شيتيت حيث أكمل ثلاثة أعوام.
• تمت إعادته مرة أخرى إلى القوات البرية وترقى إلى رتبة العميد، وأصبح قائداً لفرقة غزة، حيث بقي حتى عام 1999.
• تمت إعادة تدريب يواف غالانت في مجال القوات البرية وتحديداً في مجال الدروع بإحدى الفرق المدرعة، وعمل بعد ذلك قائداً لإحدى وحدات الاحتياطي الإسرائيلي.
• تمت ترقية غالانت إلى منصب القائد العام للقوات البرية الإسرائيلية (المشاة + المدرعات).
• في عام 2002، تمت ترقيته إلى منصب اللواء، وتم تعيينه سكرتيراً لشئون الجيش في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أيرئيل شارون، وقضى في المنصب ثلاثة أعوام.
• في عام 2005، تم تعيين يواف غالانت في منصب قائد القيادة العسكرية الإسرائيلية الجنوبية، حيث بقي لفترة خمس سنوات.
• شهد يوم الأحد 21 آب (أغسطس) 2010 قيام وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك بتسمية الجنرال يواف غالانت لتولي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الجديد ليحل محل الرئيس الحالي للأركان الجنرال غابي أشكينازي الذي انتهت فترة ولايته في المنصب.
* صعود الجنرال يواف غالانت إلى منصب رئيس الأركان: ماذا تقول السردية؟
تقول المعلومات والتسريبات بأن الجنرال يواف غالانت (قائد القيادة الجنوبية) الجنرال غازينكوت (قائد القيادة الشمالية) والجنرال بتي غانتز (الملحق العسكري السابق في واشنطن) كانوا يمثلون أطراف مثلث الصراع على منصب رئيس الأركان الإسرائيلي، وتقول المعلومات بأن كل طرف كان يجد السند والدعم من بعض الأطراف الأخرى.
- الجنرال يواف غالانت كان يجد دعم وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي الجنرال إيهود باراك.
- الجنرال غازينكوت كان يجد دعم ضباط المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
- الجنرال غانتز كان يجد دعم جماعات اللوبي الإسرائيلي الأمريكية، وعلى وجه الخصوص المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، ومنظمة الإيباك، وبقية الأطراف المعنية بشؤون العلاقات الخاصة الأمريكية-الإسرائيلية، إضافةً إلى دعم رموز المؤسسة العسكرية الأمريكية (البنتاغون).
دار صراع بين وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك ورئيس هيئة الأركان الإسرائيلي الحالي الجنرال غابي إشكينازي حول الجنرال يواف غالانت، وتحديداً عندما سعى الجنرال إيهود باراك إلى تعيين الجنرال غالانت في منصب نائب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي. وبالمقابل، فقد نجح رئيس الأركان الجنرال إشكينازي في عرقلة ورفض تعيين الجنرال يواف غالانت نائباً له.
أثارت محاولة الجنرال باراك لتعيين الجنرال غالانت في منصب نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حفيظة العديد من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي. وسارع بعضهم لتوجيه الانتقادات متهماً الجنرال يواف غالانت بضعف الإعداد العسكري وضعف مكونات شخصيته العسكرية. أما رئيس الأركان الجنرال غابي إشكينازي فقد ظل، ومنذ فترة طويلة، أكثر اهتماماً بعرقلة صعود الجنرال يواف غالانت، وفي هذا الخصوص تقول المعلومات الآتي:
• بقاء الجنرال يواف غالانت في منصب قائد القيادة الجنوبية لفترة خمس سنوات كان أمراً مقصوداً، فقد تعمد الجنرال غابي إشكينازي عدم إتاحة الفرصة أو إفساح المجال لتولي الجنرال يواف غالانت أي منصب قيادي جديد.
• سعى الجنرال غابي إشكينازي إلى عرقلة مشروع منح الجنرال يواف غالانت أي وسام أو مزايا تقديرية لدوره في عملية الرصاص المسكوب. وتقول المعلومات، أن الجنرال غابي إشكينازي قد سعى إلى تحميل الجنرال يواف غالانت المسئولية عن الإخفاقات التي حدثت في عملية الرصاص المسكوب، وذلك على أساس اعتبارات أن الجنرال يواف غالانت هو الذي أشرف على تخطيط وتنفيذ العلمية ميدانياً.
تزايدت صراعات الجنرالات خلال الشهرين الماضيين حول تعيين الجنرال يواف غالانت في منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وفي هذا الخصوص تبلورت الخلافات في ظهور موقفين.
- المؤيدون لتعيين الجنرال يواف غالانت سعوا للتأكيد بأنه صاحب خبرة عملية ومكثفة، إضافة إلى قدراته العالية في مجال التخطيط العملياتي، والالتزام بمبدأ وحدة القيادة كأساس للسيطرة العملياتية.
- المعارضين لتعيين الجنرال غالانت سعوا للتأكيد بأنه مازال ضعيفاً في مجال قيادة القوات البرية (المشاة+المدرعات) إضافة إلى عدم القدرة على تفعيل مزايا استخدام القوات الجوية. وإضافة لذلك سعوا للتأكيد على أن تزايد روابطه الوثيقة مع السياسيين ورجال الأعمال هو أمر ينطوي على تميز شخصيته بالطابع المدني أكثر منه بالطابع العسكري الصرف. إضافة إلى ذلك يمكن أن يمثل مؤشراً على احتمالات تورط الجنرال غالانت في بعض العلاقات «الخاصة» مع هذه المجموعات، بما لا ينسجم مع المبادئ العامة العسكرية الصرفة.
برغم كل هذه المواقف، فقد سعى وزير الدفاع أيهود باراك إلى اتخاذ قرار تسمية وترشيح الجنرال غالانت ليتولى مطلع العام القادم منصب رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، وتقول التسريبات، بأن صعود الجنرال غالانت قد تزامن مع بعض التحركات «المشبوهة»، والتي تحمل أكثر من رائحة غير عادية:
• المفاجأة الأولى: وافق الجنرال غابي إشكينازي بكل سهولة على ترشيح خصمه الجنرال يواف غالانت في منصب رئيس الأركان الجديد، وفي هذا الخصوص، تحدثت التفسيرات والتحليلات عن احتمالات صفقة تمت على خط الجنرال باراك-إشكينازي، سوف يقوم بموجبها وزير الدفاع الإسرائيلي بغض النظر عن تورط الجنرال إشكينازي في عمليات الاعتداء ضد سفن قافلة كسر الحصار ضد قطاع غزة، فقد أعلن إشكينازي بأنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنفيذ العملية العدوانية، الأمر الذي يعزز احتمالات أن يواجه إشكينازي فعاليات لجان التحقيق.
• المفاجأة الثانية: وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وجه السرعة اقتراح الجنرال أيهود باراك بتسمية الجنرال يواف غالانت مرشحاً لتولي منصب رئيس الأركان الجديد، علماً بأن نتنياهو ظل طوال الفترة الماضية أكثر اهتماماً بالوقوف إلى جانب توجهات رئيس الأركان الجنرال غابي إشكينازي.
تقول المعلومات، بأن الجنرال إشكينازي المتحدر من أب يهودي بلغاري وأم يهودية سورية، سوف يبقى بضعة أشهر في منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وخلال هذه الفترة سوف يسعى إلى التفاهم مع الجنرال أيهود باراك حول حملة الترقيات الجديدة لكبار ضباط الجيش الإسرائيلي، و أيضاً حملة الإعفاءات الجديدة للضباط الذين لم يعد مرغوباً في وجودهم بالجيش الإسرائيلي. وتقول التسريبات، بأن أبرز المرشحين للخروج هم خصوم رئيس الأركان الجديد يواف غالانت، والذي لم يعد خافياً بأنه قد سعى لدعم السياسيين ورجال الأعمال، وبأنهم بالمقابل سعوا لدعمه في أوساط دوائر صنع واتخاذ القرار العسكري-السياسي الإسرائيلي، بالضغط على أطراف مثلث نتنياهو-باراك-إشكينازي.
وأخيراً لاحت الفرصة، عندما تم بث تقرير يسيء إلى خصوم الجنرال غالانت وخصوصاً قائد القيادة الشمالية الجنرال إيزنكوت.. وتقول التسريبات الواردة اليوم، بأن التقرير الصحفي الذي تم بثه هو تقرير مفبرك، ولكن لم يعد ممكناً إن لم يكن مستحيلاً السعي لتنقية سمعة إيزنكوت التي حطمها التقرير، فقد وقع الفأس على الرأس و تمت تسمية ترشيح الجنرال غالانت لمنصب رئيس الأركان الجديد.
قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد