الأوروبيـون يوسّـعون عقـوباتهم علـى سوريا ويراهنون على نقل ملفها إلى مجلس الأمن
كرس الأوروبيون، أمس، حراك الجامعة العربية مظلة لأي تحرك لهم حيال ملف الأزمة السورية. وصار مجمل تحركهم المعلن، أو سقفه، يكتفي بتثمين دور الجامعة، ودعمه عبر تشجيعها لضرب موعد جديد في مجلس الأمن الدولي. العودة إلى مجلس الأمن تبدو أيضاً هدفاً معلناً للجميع، وهناك أوروبيون يحذرون من يراهن على الوقت.
غير ذلك، ليس لدى الاتحاد الأوروبي الكثير ليقدمه، باستثناء زيادة قائمة المعاقبين من الشخصيات والكيانات الاقتصادية السورية، وهو ما فعله وزراء خارجيته خلال اجتماعهم في بروكسل، عبر إضافتهم 22 شخصية، قوامها قيادات أمنية وعسكرية، من الصف الثاني والثالث، حسبما قال مصدر دبلوماسي=، ستجمد أرصدتهم وسيمنعون من دخول دول الاتحاد، ومعهم عوقبت 8 كيانات جديدة بين مؤسسات مصرفية ونفطية.
ورحب الاتحاد الأوروبي، في بيان عقب اجتماع وزراء خارجيته، «بقرار الجامعة العربية الأخير وبمبادرتها من أجل الحصول على دعم مجلس الأمن الدولي لإيجاد حلّ سياسي» للأزمة السورية. وعبر البيان عن «قلق عميق» من قبل الأوروبيين إزاء ما اعتبروه «عدم تعاون» السلطات السورية التي حثوها على «الامتثال الكامل لخطة عمل جامعة الدول العربية والتزاماتها بهذا الشأن».
وقبيل اجتماعه بنظرائه الأوروبيين، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، رداً على سؤال، إن ما تقوم به الجامعة العربية «لضمان طريقة سلمية للمضي للأمام يستحق الثناء والدعم»، لكنه أضاف «من الواضح أن ذلك لم يؤتِ بعد التأثير المطلوب، بما أن القمع يستمر في سوريا والخسائر في الأرواح بين المدنيين تتواصل».
مع ذلك، يرى هيغ أنه «من المهم للجامعة العربية أن تبقى في طليعة هذا العمل، وآمل أن تكون قادرة على المجيء إلى الأمم المتحدة وأن توصي بالمضي قدماً». ووصف الدول التي تعارض استصدار قرار في مجلس الأمن حيال سوريا بأنها ترتكب خطأ كبيراً. وقال «أعتقد أن قراراً من مجلس الأمن الدولي حول سوريا قد تأخر كثيراً. لقد حاولنا ذلك من قبل بالطبع، ولكن روسيا والصين وقفتا ضده، وأعتقد أنه خطأ كبير من طرفهم، وسيكون من المهم بالنسبة لمجلس الأمن أن يعود إلى هذه المسألة».
ولم يخف الأوروبيون أملهم بأن يقود قرار الجامعة العربية الأخير للعودة مجدداً إلى حلبة مجلس الأمن.
ورداً على سؤال، قال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله «آمل أن أحدث قرارات الجامعة العربية ستقنع بعض الشركاء في مجلس الأمن في نيويورك، وأنهم يفهمون الآن أنه من الضروري أن نتصرف من خلال المجتمع الدولي».
وأضاف، في تحذير مبطن للمراهنين على عامل الوقت، «لا ينبغي لأحد اللعب على الوقت». واعتبر أن قرار الجامعة العربية الأخير يؤكد أنها تسير «بالضبط في الاتجاه الصحيح، وسوف أدعم هذه المبادرة في مجلس الأمن». وأضاف «نحن، الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن، نعتقد أنه من الملحّ والضروري أن يجد المجتمع الدولي لغة مشتركة متفقاً عليها، وأعتقد أنه من الضروري أن نتعامل في نيويورك ضد هذه الفظائع والقمع في سوريا».
وقرر الاتحاد الاوروبي إضافة 22 شخصية إلى لائحة عقوباته على سوريا، ومعهم 8 كيانات اقتصادية. وقال مصدر دبلوماسي، في بروكسل ، إن قائمة الشخصيات المعاقبة تشمل «ضباطاً عسكريين وأمنيين من الصف الثاني والثالث برتب عميد ولواء». وأضاف مفصلاً أن من أبرزهم رؤساء فروع أمنية في مدينتي درعا والسويداء، إضافة إلى قادة الفرقتين الثالثة والخامسة في الجيش، وبعض قادة الألوية.
أما الكيانات المعاقبة فهي بحسب المصدر: المصرف العقاري، المصرف الصناعي، بنك التسليف الشعبي، البنك التجاري والبنك السوري - اللبناني، إضافة إلى شركات البترول الثلاث: دير الزور والفرات ودجلة.
وأدان الاتحاد الأوروبي التفجيرات التي حصلت في دمشق، والاعتداء في حمص الذي أدى إلى مقتل مدنيين سوريين وصحافي فرنسي وجرح آخرين، معتبراً أن «أي أعمال إرهابية هي أعمال إجرامية ولا يمكن تبريرها بغض النظر عن دوافعها ومن ارتكبها».
وظل الاتحاد الأوروبي على موقفه من المعارضة السورية ودعوتها إلى تشكيل منصة موحدة، وتمييز «المجلس الوطني السوري» من بينها. وتجاهل وزراء خارجيته الحديث عن أحوال المعارضة ورأيهم فيها، حتى عندما سئلوا عنها. ولم يتطرق لها سوى وزير الخارجية البريطاني، لكن خلال رده على سؤال حول الموقف مما يحدث في نيجيريا! وكان هيغ يتحدث عن مكافحة الإرهاب الذي يشكل «تهديداً مباشراً وكلف الكثير من الأرواح وحياة المسيحيين في نيجيريا»، قبل إضافته أن بريطانيا «تعمل مع جميع المجتمعات في الشرق الأوسط، مثلاً مع المعارضة السورية، للتشديد على أهمية حقوق الأقليات وحماية حرية العبادة الدينية».
وورد في بيان الاتحاد الأوروبي أنه يشعر «بقلق خاص إزاء التصعيد الأخير للعنف، ويكرر إدانته بأشد العبارات للقمع الوحشي من قبل الحكومة السـورية الذي يزيد من تفاقم المخاطر إلى دوامة من العنف والاشتــباكات الطائفـية والعسكرة»، مكرراً دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى «التنحــي فوراً للسـماح بتحقيق انتقال سـلمي وديموقراطي».
وقال وزير خارجية السويد كارل بيلدت، معلقاً على قرار الجامعة العربية الأخير، إن ما طلبته الجامعة العربية «هو ما فعلناه سابقاً، لقد طلبنا منه (الأسد) أن يتنحى ويحضر للعملية السياسية التي تؤدي إلى تشكيل حكومة شاملة في سوريا، حكومة تمثل جميع الطبقات المختلفة للمجتمع السوري».
واعتبر بيلدت أن العنف يزيد تعقيد الأزمة. وقال «اعتقد أن العنف تجاوز الحدود بشكل فظيع، وكل يوم تستمر فيه هذه الآلام فإن الوضع يصبح أسوأ». وأضاف «أقول بوضوح، الجامعة العربية تجاهد في هذه القضية، وهي ليست سهلة، ونحن نريد أن نقدم كل ما بوسعنا من دعم».
وسيم إبراهيم
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد