ماعلاقة الموساد بمقتل الناشطات الكرديات في باريس
الجمل- قسم الترجمة- (عن الصحافة التركية)- ترجمه: محمد سلطان:
كتبت الصحفية ’إنجي حكيم أوغلو‘ مقالاً في صحيفة ’يورت‘ عن أحداث مجزرة باريس، التي قتل فيها ثلاث قياديات من حزب العمال الكردستاني، والقوى العميقة السرية الكامنة خلفها، وعن تورط الموساد والاستخبارات الأمريكيية مع أتباع رجل الدين الغامض ’فتح الله كولن‘ فيها. وتقول ’حكيم أوغلو‘:
بعد مجزرة باريس بدأ المحللون المتذبذبون، ومن يطلقون على أنفسهم تسمية الخبراء، بتحليل الحادثة كلٌ على هواه. ولكنهم جميعاً اتفقوا على أن الهدف منها ضرب المحادثات الثنائية بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني. وهذا الكلام له قسط من الصحة بالطبع. غير أن المتحدث بإسم حزب العدالة والتنمية ’حسين تشليك‘ صرح بأن الحادثة هي عبارة عن "تصفية داخل المنظمة نفسها", وقد أدى كلامه هذا إلى افتعال إلى ضجة إعلامية أكبر من الضجة التي سببتها الاغتيالات بحد ذاتها.
كما أن ردات الفعل المتلاحقة التي صدرت عن مختلف التيارات والمنظمات الكردية على هذه التصريحات, وخصوصاً بعد محاولة الحكومة تحميل حادثة الاغتيال على عاتق التنظيم, أدت إلى تحول محادثات السلام الدافئة إلى محادثات عاصفة بشدة. وبالأخص بعد التصريحات العنيفة لـ’مراد قره يلان‘, القائد الميداني والرجل الثاني في حزب العمال الكردستاني, عندما إتهم جهة أخرى غير حزب العدالة والتنمية بالوقوف وراء الحادثة,مستخدماً مصطلح (الكلاديو) المختار بعناية فائقة, منوهاً بذلك إلى تورط الناتو بهذه الحادثة.
إن ميكرفونات أتباع الموساد، وأقلام الأصوليين من أتباع فتح الله كولين تتطابق بخصوص حادثة باريس تطابقاً مدهشاً، سواء بعد حادثة باريس أو بخصوص محادثات السلم بين الحكومة وعبد الله أوجلان. وعلى سبيل المثال علقوا في الآونة الأخيرة على المحادثات زاعمين أن بامكان ’باييك‘ و’كالكان‘ و’دوران‘(ثلاثة من أهم القياديين الميدانيين لحزب العمال) العودة إلى بلدهم بما أنه لا يوجد سجل عدلي بإسمهم, كما أنهم ألقوا مقابل النقود عبء الجريمة على عاتق التنظيم عبر القول بوجود تصفية حسابات داخلية ضمن الحزب. كما أن أتباع الأصولية النورانية (يقصد بها الطريقة الدينية المعروفة بالـ"نورانية". وزعيمها فتح الله كولن هو أحد أهم الحلفاء الخفيين لأردوغان وأحد كبار النافذين في الساحة السياسية) احتفلوا بمقتل ثلاثة نساء من حزب العمال الكردستاني واتفقوا مع أتباع الموساد في هذا الفرح.
من الممكن أن مواقف النورانجيين من الجريمة تتناقض مع تصريحات فتح الله كولين‘ الداعمة للمحادثات. لكن أحداً لم يفسر مناقضة كولين‘ لنفسه عندما كان يقول: «يجب قتلهم جميعاً, يجب حفر القبور لهم». ولم يفسر أحداً سبب تغير موقف كولين 180 درجة (أو ربما لم يغير موقفه أبداً).
ربما يجب العودة إلى الوراء قليلاً للبحث عن السبب. في الأيام التي بدأت فيها الأحاديث عن إجراء محادثات مع أوجلان في شهر تشرين الثاني, وعرض السفير الأميركي في أنقرة ’مارك ريكاردوني‘استخدام "الإجراءات التقنية التكتيكية" حيث شبه الموضوع بسياستهم اتجاه ’أسامة بن لادن‘ قائلاً أنهم استخدموا الإجراءات نفسها لمكافحته, مضيفاً أنه لن يتحدث عن التبادلات الاستخباراتية الأخرى.
وكان ’أوجلان‘ سابقاً قد أكد أن جميع تصريحاته التي يدلي بها من معتقله تنقل مباشرةً إلى الدولة والـCIA والـMOSSAD, حيث قال: «أول قدومي إلى معتقل ’إيمرلي‘ فحصني طبيب يتكلم اللغة الإنكليزية. من المحتمل أنه أميركي. وكان بجانبه شخص آخر أعتقد أنه إسرائيلي. إن أحد أطراف النظام الدائر هنا يمتد إلى الـCIA».
هذا يعني أن المحادثات مع ’أوجلان‘ منذ إنطلاقها وإلى هذه اللحظة تصل أولاً بأول إلى آذان الأميركيين والإسرائيليين حتى قبل أن يعلم بها الوزراء الأتراك. وبتسليط الضوء على حادثة تصفية ثلاث نساء في باريس من حزب العمال الكردستاني، في ظل هذه المعلومات, ومع إضافة محاولات النورانجيين وحزب العدالة والتنمية التقليل من شأن ترك حزب العمال الكردستاني السلاح, من الممكن أن نواجه سيناريو آخر غير متوقع أبداً.
المفاوضات الجارية تقدم من قبل الطرف التركي-الإسلامي على أنها مباحثات ولقاءات ثنائية, ولكنها في الحقيقة مبنية على إضعاف الطرف الآخر واستنزاف قوته. وقد صرح ’يالتشين أكدوغان‘ مستشار القضايا الكردية لأردوغان بعدم وجود نية لإخلاء سبيل الموقوفين في قضية اتحاد المنظومات الكردستانية "KCK" (تنظيم تتهمه الدولة بأنه الذراع المدينية لحزب العمال الكردستاني) وهذه إشارة إلى نية حزب العدالة والتنمية دخول انتخابات مطهرة من حزب السلام والديمقراطية الكردي المعارض.
بالنظر إلى جريمة باريس من هذه الزاوية يمكن القول بأنها الحلقة الثانية لمحاولة "قوى الدولة العميقة" ضمان إرضاخ حزب العمال الكردستاني وإضعاف قوته المالية والاستراتيجية وقطع أيديه المنفتحة إلى أوروبا. كما يهدف إلى قطع الدعم المؤمن إلى جبل قنديل (في العراق، حيث أهم معسكرات حزب العمال). حيث بدأت الحلقة الأولى بمباحثات سلمية أيضاً في أوسلو, عندها اعتقل أحد أعضاء الحزب ’آدم أوظون‘ في باريس بحجج واهية لم يصدقها أحد قط.
أساساً العمليات المنفذة في قضية KCK والحديث عن الحزمة الرابعة من التعديلات على قانون أصول المحاكمات لا يمكن أن نلخصها بشكل منطقي إلا بهذا الشكل أيضاً. بالطبع هذه "العقول العميقة" أو "الكلاديو" في مثل هذه الجرائم,المنفذة بشكل احترافي خارج البلاد, تحتاج إلى عقول ومصادر عميقة أخرى.
أنا على يقين أن جميع هذه الجرائم سوف تتضح ولكننا لن نعرف سببها أبداً. واثقة من أنه إذا عرفنا السبب فإن مباحثات السلم سوف تجد طريقها.
(إنجي حكيم أوغلو – صحيفة: يورت)
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد