أنزلني يا ابي
ما الفرق إن مت اليوم او غدا. أنزلني يا ابي ولا تستعجل احزانك. فلأيامنا الطويلة الآتية اوجاع كثيرة.
انزلني يا ابي ولا تتألم من جروحي. خدوشي هذه التي تراها على رأسي، طفيفة، لكنني لم احتملها. انا طفل يا أبي. وما انفجر قربي كبير كبير. هل سمعته؟ كيف لم يسمعه غيرك وهو كبير كبير.
أنزلني با ابي فقد سئمت من هذا الدوي المتواصل. سئمت من هذا الذي تسمونه «الحصار»... من القمة العربية التي تتجادل حولها مع امي. لكنكما تنتظرانها كل سنة.. ولدت انا بين قمتين. جئت بعد الاولى وغادرت قبل الثانية وأنتم من سيئ الى اسوأ.
لستة شهور انتظرت فك الحصار عن حليبنا. باراك منعه عنا. اكتفيت بحليب امي. سمعتك تتفاءل عندما عبر جيراننا الحدود الى سيناء للتبضع، لكن ليس طويلا. عاد الدوي سريعا من حولنا يا ابي. مبارك وعباس لم يصبرا علينا كثيرا. خافا على «عملية السلام» من «صواريخنا» ولم يباليا برفاقي المغادرين معي اشلاء. هل شاهدتها يا ابي؟ انا لست مثلهم. أنا جثة صغيرة «كاملة» فلا تكثر من احزانك.
لكنني سأرحل الآن.. فلا أمل، أنزلني أنزلني. أعطني حضنا اخيرا. قبلة اخيرة. لن اوقظكم ليلا بعد اليوم وسامحني اذا ما تركت عالمكم المزعج مبكرا، وانزلني بهدوء في وداعي الاخير. فما الفرق ان غادرت الآن أو غدا يا ابي ؟!.
خليل حرب
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد