أنقرة وواشنطن تتفاوضان على رأس الكردستاني والحسم بعد 5 تشرين الثاني
الجمل: تشير التطورات الجارية على الصعيد العسكري الميداني على طول الحدود التركية – العراقية، إلى شيء مختلف عما هو جاري حالياً على الساحة الدبلوماسية، وكما يقول تقرير وكالة اليونايتد برس الدولية، الصادر اليوم، فإن شمال العراق قد أصبح على مفترق طرق.
* أبرز التطورات العسكرية الميدانية:
تحدث الجنرال الأمريكي بنجامين آر ميكسون، قائد الفرقة الأمريكية الخامسة والعشرين للصحفيين في تكريت بالعراق، قائلاً:
• لقد أصبح العراق على مفترق الطرق وفقاً للحسابات العسكرية الأمريكية، وذلك برغم المكاسب التي استطاعت القوات الأمريكية تحقيقها في الفترة السابقة ضد تنظيم القاعدة والمليشيات والجماعات المسلحة الأخرى.
• هناك عملية تخفيض للقوات الأمريكية في شمال العراق، بحيث يتم تخفيض وتقليل الوجود الأمني العسكري الأمريكي يوماً بعد يوم، وفي مدينة الموصل أصبحت توجد حالياً كتيبة مشاة أمريكية واحدة، مقارنة بثلاثة أضعاف هذا العدد خلال العام الماضي.
• عانت محافظة صلاح الدين ومحافظة ديالى من عمليات عسكرية مكثفة، والآن تقوم القوات العراقية في هاتين المحافظتين بعملياتها الأمنية.
أوردت صحيفة الصاندي تلغراف البريطانية تقريراً إخبارياً يؤكد بأن القوات التركية قد عبرت الحدود العراقية – التركية وقطعت مسافة 12 ميلاً وأصبحت موجودة عملياً داخل الشمال العراقي.
وتأكيداً لذلك، أفادت الصحيفة بأن مراسها الموجود في شمال العراق، وعلى بعد 12 ميلاً من خط الحدود العراقية – التركية، كانت قد اعترضته القوات التركية وطلب منه الضابط التركي المسئول بأن لا يقوم بتوجيه أية أسئلة، وعدم التقاط أي صور بالكاميرا التي بحوزته... وبعد ذلك طلب الضابط التركي من المراسل البريطاني مغادرة المنطقة فوراً..
وأشار مراسل الصحيفة إلى أن القوات التركية تقوم حالياً بعملية انتشار واسعة على طول الشريط الحدودي الممتد بعمق 12 ميلاً داخل الأراضي العراقية، إضافة إلى القيام بتعزيز مواقعها على النحو الذي يشير إلى أن القوات التركية تنوي البقاء لفترة طويلة في هذه المنطقة.
تقرير مؤسسة جيمس تاون الاستخباري الصادر اليوم أشار إلى أن حزب العمال الكردستاني التركي قد أعد العدة في شمال العراق للقيام بالآتي في حال قيام القوات التركية المحتشدة على الحدود باقتحام شمال العراق:
• تدمير خطوط نقل أنابيب النفط العراقي إلى تركيا، وأشار التقرير إلى أن عبد الله الجادرجي زعيم حزب العمال الكردستاني قد أعلن ذلك بنفسه. كذلك هدد الجادرجي بمهاجمة شاحنات النفط العراقية التي تقوم بنقل الوقود إلى إقليم كردستان نفسه.
• تغيير التكتيكات والأساليب القتالية على النحو الذي يجبر السلطات التركية للجوء إلى خيار التفاوض مع حزب العمال الكردستاني التركي، وذلك بالتركيز على الآتي:
* تكثيف العمليات العسكرية ضد الأهداف على النحو الذي يزيد الضغوط النفسية على الأتراك.
* الاحتماء بالمناطق الجبلية الوعرة على النحو الذي يعرض القوات التركية للخسائر الكبيرة، وفي نفس الوقت يجعل من الصعب عليها القضاء على عناصر حزب العمال الكردستاني.
• استخدام إستراتيجية توظيف الجبهتين، على النحو الآتي:
* شن الهجمات بالقنابل على المناطق والمدن الحضرية الموجودة غرب تركيا.
* تنشيط عمليات حرب العصابات في المناطق الجبلية الريفية الموجودة في جنوب شرق تركيا...
* استخدام أسلوب الكمائن للإيقاع بالدوريات العسكرية التركية في شمال العراق وجنوب شرق تركيا..
* أبرز التطورات على الصعيد السياسي - الدبلوماسي:
المعلومات الواردة من الولايات المتحدة الأمريكية، تقول بأن تركيا قد قررت تأجيل اقتحامها العسكري لشمال العراق، والانتظار ريثما يقوم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بإكمال زيارته إلى الولايات المتحدة، المحدد لها يوم 5 تشرين الثاني القادم، ثم بعد ذلك يتم تقرير القيام أو عدم القيام بعملية الاقتحام العسكري لشمال العراق نهائياً.
وتقول صحيفة هيرالد تريبيون الأمريكية الصادرة اليوم، بأن لقاء بوش – أردوغان سوف يناقش موضوعاً واحداً هو تهديد تركيا بإرسال قواتها لمقاتلة الانفصاليين الأكراد الذين هاجموا القوات التركية انطلاقاً من شمال العراق.
نقل موقع شبكة سي إن إن، عن مسئولين عراقيين رفضوا ذكر أسمائهم، بأن تركيا قد طلبت من العراق تسليمها 153 من عناصر حزب العمال الكردستاني، غير أن العراقيين وافقوا على تسليم 18 مطلوباً فقط من عناصر الحزب، وبرر العراقيون ذلك بزعم أن بغداد لا تملك صلاحية القيام بتنفيذ عمليات الاعتقال والتوقيف ومطاردة الأكراد في منطقة إقليم كردستان العراقي، التي تخضع لسلطات حكومة كردستان الإقليمية حالياً..
أوردت مجلة نيوزويك الأمريكية الصادرة اليوم تصريح وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري (الزعيم الكردي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني التابع لمسعود البرزاني رئيس حكومة كردستان الإقليمية) والذي قال فيه الآتي:
• إن حزب العمال الكردستاني أصبح مخترقاً بالكثير من الأجانب والغرباء. وأن هؤلاء الغرباء يلعبون دوراً من وراء ظهر الحزب في تنفيذ الاعتداءات الإرهابية ضد تركيا.
• إن عناصر الاستخبارات التركية قد نجحت في اختراق صفوف حزب العمال الكردستاني، وبالتالي فإن بعض الاعتداءات الإرهابية التي تم تنفيذها مؤخراً ضد القوات التركية، قد تمت بتدبير المخابرات التركية، وذلك من أجل توفير المزيد من الذرائع ضد الحركات الكردية الموجودة شمال العراق.
• إن الاقتحام العسكري التركي لشمال العراق، لا يهدف إلى القضاء على حزب العمال الكردستاني، وإنما يهدف إلى القضاء على الحركات والفصائل الكردية جميعاً وتدمير بنياتها التحتية.
• لقد استطاعت تركيا إدخال حوالي 130 ألف عنصر من القوات والمخابرات إلى شمال العراق، وبالتالي فإن قيام تركيا بزيادة عدد قواتها الموجودة في شمال العراق إلى 150 ألف عنصر على الأقل هو أمر يهدف إلى تحقيق شيء كبير وليس إلى مجرد القضاء على حزب العمال الكردستاني.
عموماً، من الواضح أن قواعد اللعبة الجارية حالياً في المناطق الكردية تحمل أكثر من تفسير، وذلك بسبب وجود أكثر من لاعب، وأكثر من إدراك، وأكثر من سيناريو لقواعد اللعبة..
فبالنسبة للحركات الكردية، فإن الإعلان بأنها تسعى من أجل عدم فصل المناطق الكردية عن أوطانها الأم، وبأنها فقط تسعى لإقامة مناطق حكم ذاتي هو إعلان لم تعد مزاعمه تقنع أحداً، وقد أصبح كل العالم يعرف أن المخطط الانفصالي الكردي يتضمن المراحل الآتية:
• المرحلة الأولى: إقامة مناطق الحكم الذاتي في المناطق الكردية.
• المرحلة الثانية: إدماج هذه المناطق ضمن كيان مؤسسي كردي سري غير معلن تمهيداً للانفصال.
• المرحلة الثالثة: توظيف موارد نفط شمال العراق وغيره في بناء القوة العسكرية، والتحالف مع أمريكا وإسرائيل.
• المرحلة الرابعة: خوض الحروب ضد دول الجوار وإعلان الانفصال والاستقلال النهائي للدولة الكردية.
أصبحت تركبا والعراق وإيران الآن أكثر وعياً بهذا المخطط..
أما بالنسبة للسلطات التركية، فقد قررت القيام بالتحرك وتوجيه الضربة الاستباقية لإجهاض مشروع الانفصال والحفاظ على سلامة الأراضي التركية.
والأمر ذاته بالنسبة للإيرانيين، الذين أصبحوا يواجهون حالياً خطر تهديد حزب الحياة الجديدة الكردي الإيراني الذي أصبح يقوم بشن الحرب بالوكالة عن أمريكا وإسرائيل ضد إيران..
وبرغم الجهود الدبلوماسية التي لا تزال تتحرك ضمن حدود "الأهداف المعلنة للأطراف"، فإن الجهود العسكرية الميدانية بواسطة القوات التركية والفصائل المسلحة الكردية تشير إلى أن فصل الشتاء الذي أصبح على الأبواب سوف تحمل عواصفه الكثير من "الثلوج الساخنة" على إقليم كردستان العراقي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد