أولمرت يتحدى منتقديه ويرفض الاستقالة
رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت أمس، رفع الراية البيضاء، معلناً أنه لا ينبغي اتخاذ قرارات تحت الضغط وأن لديه ما يقوله. وجاءت أقوال أولمرت في اجتماع لكتلة «كديما» في الكنيست، برغم تناوب حتى أقرب مقربيه على طعنه صبح مساء. وأشار معلقون إلى ان نوبة «التحدي» هذه تأتي لتهدئة الأجواء لرحلته المقررة اليوم إلى العاصمة الأميركية، بعيد لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وبدا أولمرت رافضا رفع الراية البيضاء أمس، عندما قرر كسر التزامه الصمت والرد على منتقديه داخل حزبه وخارجه. فهو يلاحظ أن المقربين منه ينسحبون من حوله واحدا تلو الآخر، وآخرهم رئيس «لجنة الشؤون الخارجية والدفاع» في الكنيست تساحي هنغبي، الذي أعلن أن أولمرت لا يملك تفويضا أخلاقيا لاتخاذ قرارات مصيرية. ودعا هنغبي إلى إجراء انتخابات تمهيدية سريعة وإلى تشكيل حكومة طوارئ مستقرة، لمواجهة الأخطار التي تواجه إسرائيل. وقال إنه يتعين على حزبه «كديما» المبادرة لتحديد موعد لانتخابات داخلية، وتقديم موعد الانتخابات العامة وتشكيل حكومة طوارئ وطنية. كما أن الأجواء داخل «كديما» هي أجواء سفينة تغرق وقبطانها عاجز عن إنقاذها لأنه لا يفكر إلا في نفسه.
وهكذا وجه أولمرت سهامه ضد وزيرة خارجيته تسيبي ليفني ووزير دفاعه إيهود باراك، بعد وقت قصير من انتهاء اجتماع له معهما دام أكثر من ثلاث ساعات. وجاء ذلك الاجتماع، للتعويض عن عجز المجلس الوزاري المصغر عن البحث في القضايا الأمنية والسياسية، جراء الخلاف حول استمرار رئاسة أولمرت للحكومة.
وقال أولمرت، في تلميح لليفني التي دعت الى انتخابات تمهيدية، «هناك أشخاص عديدون متوترون في الأيام الأخيرة. وأنا أقترح عليهم ألا يتحركوا تحت الضغط. فعلينا مسؤوليات». ووجه ملاحظة مستترة لباراك، بقوله إنه يجدر بمن يهرع لتأبينه أن ينتظر قليلا. وقال إن «كديما ليست حزبا تابعا وإنما حزب حاكم وسيواصل كونه كذلك، ولا أحد سيملي عليه من الخارج جداول زمنية». وأكد أنه كرئيس لـ»كديما» يعلم أن «بوسع هذا الحزب قيادة إسرائيل».
وتحدث أولمرت عن رحلته الوشيكة إلى واشنطن، معتبرا أنها تتم من أجل «قضايا مصيرية للدولة». وأشار إلى أنه «ينبغي العمل ببرودة أعصاب، يجب تهدئة من ليس هادئا ومواصلة السير موحدين لقيادة إسرائيل». وأكد أولمرت، في ما يتعلق بقضية «المغلفات النقدية»، أنه «في كل ما يتعلق بي فإن الفرصة لم تتح لي بعد، ولكنها ستتاح وسأوضح ما ينبغي توضيحه وأقول ما ينبغي قوله».
ونالت أقوال أولمرت تصفيقا حادا من عدد من النشطاء الذين دخلوا قاعة الاجتماع، ما سبب إحراجا لعدد من معارضيه وخصوصا لليفني التي لم تكن تنتظر أن يتحدث أولمرت بهذه الطريقة. ومع ذلك، فإن أحدا لا يأخذ نوبة أولمرت على محمل الجد. فهو أراد التعاطي بأسلوب أن كل شيء هادئ وأن الوضع تحت السيطرة وأنه سيلتقي عباس اليوم وسيذهب للقاء الرئيس الأميركي جورج بوش. ورأى معلقون أن هذا هو جوهر رسالة أولمرت، الراغب في كسب الوقت ولو من أجل تمرير الزيارة. فهو يريد تهدئة كل من ليفني وباراك و«كديما» والجمهور والوضعين الإقليمي والدولي.
فهو يريد التواجد مع الرئيس الأميركي من دون الإحساس بأن مسدسا مصوبا إلى صدغه. كما أنه يريد تحفيز ليفني وباراك على وجوب تخفيف وتيرة الهجوم عليه. وشدد على أن «كديما» حزب لن ينهار وأنه سيحقق النصر. وقال للجمهور إنه لم يقل كلمته بعد وإنه سيقولها. ومن الجائز أن أولمرت استفاد في موقفه هذا، من حقيقة أن «مجلس حكماء التوراة» في حزب «شاس»، الذي كان مقررا أن يجتمع هذا الأسبوع للتهديد بالانسحاب من الحكومة، أجّل عقد هذا الاجتماع للأسبوع المقبل.
ولوحظ أمس أن أولمرت، الذي يتردد أنه سيعرض على عباس اتفاقية إطار لحل شامل، شدد في اجتماعه مع كتلة «كديما» على أن القدس هي «العاصمة الأبدية لإسرائيل». وامتدح وزير الإسكان في حكومته زئيف بويم، لإعلانه بناء مئات الوحدات السكنية في بسغات زئيف وجبل أبو غنيم. وفهمت أقوال أولمرت هذه، على أنها محاولة لإرضاء اليمين، خاصة «شاس» في حكومته، وأنه ليس بصدد تقديم تنازلات في القدس.
وهكذا من المفترض أن يقود غياب أولمرت في واشنطن وتأجيل «شاس» لاجتماعها التهديدي، إلى تهدئة الحلبة الإسرائيلية ولو قليلا. ولكن ذلك لا يوحي لأولمرت بأنه تجاوز أو سيتجاوز حالة الخطر. فهو يدرك، في الوقت نفسه، أن المساعي لإجراء انتخابات تمهيدية في «كديما» دخلت مرحلة عملية. ويجري التداول حاليا، بين قيادات «كديما»، حول الموعد الأنسب لإجراء انتخابات الزعامة التي يرجح أن تتم في أيلول المقبل.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد