أولمرت يرسل إشارات إلى سوريا والمؤسسة العسكرية تحبّذ التفاوض
فتحت إشارات رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت نحو سوريا في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يوم أمس، الباب من جديد للحديث عن إحياء المسار السوري. وأشارت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى تبادل رسائل بين إسرائيل وسوريا لتشجيعها على المشاركة في مؤتمر أنابوليس على أن يبحث موضوع الجولان المحتل لاحقاً. غير أن كل هذه الإشارات تنبع، كما يبدو، من تبلور موقف في المؤسسة الأمنية ووزارة الدفاع يطالب بخيار «سوريا أولاً»، على قاعدة أن دمشق ناضجة للسلام مع إسرائيل أكثر من الفلسطينيين.
وكان أولمرت قد أشار أمام لجنة الخارجية والأمن إلى سوريا بقوله إن «الوضع الآن في حالة تهدئة. فضبط النفس الذي أبدته إسرائيل في الشهور الأخيرة ساعد السوريين على الاقتناع بأنه لا شأن لنا بإدارة معركة عسكرية معهم. وآمل أن الأجواء ستزداد هدوءاً». وشدد على «أنني آمل جداً أن تأتي سوريا إلى أنابوليس، رغم أن الموضوع الوحيد الذي سيبحث هناك هو القضية الفلسطينية. ومن المهم جداً أن تأتي كل دولة عربية لتقدم الدعم للعملية الجارية بيننا وبين الفلسطينيين. وسأفرح لرؤية دول مثل السعودية، أندونيسيا، والإمارات».
وأضاف أولمرت «أريد السلام مع سوريا، وأنا على استعداد للتفاوض معها من دون شروط مسبقة. وآمل أن يوقف السوريون في نهاية المحادثات معهم أعمال الإرهاب وأن يخرجوا من محور الشر. ولا يخطر ببالي أن هناك إسرائيلياً واحداً يتحلى بالمسؤولية لا يريد ذلك. هناك كثيرون يتحدثون ولا يعملون، وهناك من يفعلون ولا يتكلمون. وليس كل ما أفعله أقوم بالإعلان عنه فوراً».
وفي هذا السياق، ذكر المراسل السياسي للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، أن إسرائيل تعد، ربما، البديل لفشل لقاء أنابوليس، وهذا البديل يتعلق بالتفاوض مع سوريا حيث تلح على ذلك المؤسسة العسكرية ووزير الدفاع ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، الذين يقولون بوجوب إحياء هذا المسار، ولو على حساب المسار الفلسطيني.
وتحدث المراسل السياسي للقناة الثانية عن تبادل رسائل بين إسرائيل وسوريا تضمنت نوعاً من الإغراء الإسرائيلي للقيادة السورية: «شاركوا في أنابوليس الآن ونحن على استعداد لاستئناف المفاوضات فور انتهاء اللقاء». ويقول رجال أولمرت إن الرسالة لسوريا ليست على حساب المسار الفلسطيني، وإنما إضافة جوهرية له.
وقد ذكر مسؤول اسرائيلي ان مؤتمر أنابوليس قد يعقد في 27 الحالي وليوم واحد فقط.
من جهته، أفاد موقع «يديعوت» أن جانباً من الخلاف بين أولمرت ووزير دفاعه ايهود باراك يعود إلى الموقف من المباحثات مع سوريا. وكتب المعلق العسكري للموقع رون بن يشاي أن اولمرت، بتأييد من الموساد ومجلس الأمن القومي وكذلك من الإدارة الأميركية، يفضل التركيز على محاولة التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. ولهذا، فإن أولمرت مستعد في المسار السوري فقط لخطوات جس نبض وليس للدخول في مفاوضات فعلية ملزمة.
أما باراك، وبدعم من هيئة الأركان ومن الشاباك، فيعتقد بوجوب تركيز الجهد على المسار السوري. وهو يقول بوجوب التأمل بحذر في المسار الفلسطيني وهناك فرصة جيدة وحاجة فعلية للتوصل إلى سلام ملزم مع الرئيس السوري بشار الأسد. فالرئيس السوري قادر على توفير البضاعة في مقابل التنازلات الإقليمية من إسرائيل، وذلك بخلاف أبو مازن، الذي، حتى إن وقع على اتفاق، فإنه، وفق تقديرات شعبة الاستخبارات والشاباك، غير مؤهل لتوفير مستوى الأمن الذي تريده إسرائيل.
وينقل بن يشاي عن مصدر أمني «رفيع المستوى جداً» قوله ان «على إسرائيل في عقدها السابع أن تنتج لنفسها حدوداً دائمة يمكن عبرها التوصل إلى تفاهمات واتفاقات ملزمة». وقال إن «بالوسع التوصل مع سوريا حالياً إلى وضع كهذا. وهذا ما ليس بالإمكان التوصل إليه حالياً مع الفلسطينيين». وبحسب هذا المسؤول، فإن الاتفاق مع سوريا يؤثر بشكل غير مباشر على الحلبة الفلسطينية، لأنه يبعد دمشق عن إيران و«حزب الله» وحماس.
وشدد هذا المسؤول على أن الجميع في إسرائيل يعرف «ما الذي تريده سوريا وما الذي وافقت على إعطائه حكومات إسرائيل السابقة. ومن الواضح لي أنه إذا نشبت اليوم حرب أخرى، فإننا سوف ننتصر فيها. ولكن في هذه الحرب سيقع ضحايا ودمار فظيع على جانبي الحدود، وفي النهاية سنجلس على طاولة المفاوضات مع السوريين. إذن لماذا هذه المسيرة البائسة؟». ويقدر هذا المسؤول أن سوريا جاهزة اليوم لمفاوضات كهذه.
وتذكر «يديعوت» أن هذه المقاربة تبلورت في الجيش الإسرائيلي طوال شهور، ولكنها تعززت بعد الغارة الجوية في دير الزور. ومنذ مطلع العام الحالي، والاستخبارات العسكرية ترى أن الرئيس بشار الأسد يقصد ما يقول، ولكن السؤال الذي بقي من دون إجابة: «هل سوريا تريد السلام أم فقط تريد المفاوضات؟». وبقيت الإجابة عن ذلك نقطة خلاف بين أجهزة الأمن الإسرائيلية. فالموساد اعتبر أن سوريا تريد مفاوضات فقط، والاستخبارات العسكرية رأت أن سوريا ربما تريد السلام.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد