استقراء الوضع العراقي في العام 2009م
الجمل: يقول بعض المحللين الأمريكيين أن العام القادم سيكون عام الخيارات على الساحة العراقية ويرى هؤلاء الخبراء أن الرئيس بوش قد نجح في الأعوام الخمسة الماضية في الحصول على "حذاء عراقي"، وأن على الرئيس أوباما أن ينتبه جيداً لسياسته إزاء العراق حتى يتفادى سيناريو الحصول على ما حصل عليه بوش في زيارته الأخيرة للعاصمة العراقية.
* العملية السياسية العراقية في عام 2009م:
تقول المعلومات أن الساحة السياسية العراقية ستشهد خلال العام الجديد إجراء عمليات انتخابية عديدة:
• انتخابات المحافظات.
• انتخابات مجالس المحليات.
• انتخابات مجالس البلديات.
• الاستفتاء على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
• الاستفتاء على مستقبل كركوك.
• الاستفتاء على رغبة سكان منطقة البصرة في إقامة إقليم ذاتي في الجنوب.
• الانتخابات البرلمانية العامة.
هذا، وتشير التحليلات إلى أن إجراء هذه الانتخابات بنجاح خلال العام القادم سيترتب عليه اتضاح صورة المشهد السياسي العراقي أكثر فأكثر.
* هل تستطيع الانتخابات القادمة الإجابة عن الأسئلة المحرجة؟
تقول بعض التحليلات السياسية الأمريكية أن إجراء هذه الانتخابات سيقدم الإجابات الصعبة المطلوبة عن الأسئلة المطروحة على الساحة العراقية ومن أبرز الأسئلة نجد على سبيل المثال لا الحصر:
• هل يستطيع العراق التخلص من النفوذ الطائفي؟
• هل ستعود كيانات غرب العراق السنية إلى العملية السياسية التي سبق أن قاطعتها منذ العام 2005م؟
• هل ستستطيع السلطات العراقية توسيع نطاق عمليات الأمن والحماية إلى المناطق العراقية الأخرى أو بعضها وذلك على غرار ما يحدث الآن في العاصمة العراقية؟
• هل سيشهد العراق قيام مناطق فيدرالية جديدة أخرى بالإضافة إلى إقليم كردستان الموجود حالياً.
• هل سينجح العراقيون في تجنب سيناريو القتال من أجل السيطرة على كركوك على غرار سيناريو القتال البلقاني من أجل السيطرة على سراييفو؟
• هل سينجح العراق في إرساء صيغة تداول السلطة بحيث تتنحى الأطراف المهزومة انتخابياً للأطراف التي كسبت الانتخابات بشكل عادي وبروح عالية؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة الحرجة ليست أمراً سهلاً في الوقت الحالي لأن كل إجابة يتم تقديمها حالياً ستكون مصداقيتها مهزوزة وعرضة للكثير من الشكوك واللايقين بسبب تضارب حسابات معادلة الفرص والمخاطر المتعلقة بكل إجابة.
* ما أبرز السيناريوهات المتضاربة؟
برغم تخطيط أوباما لتنفيذ سيناريو سحب القوات الأمريكية من العراق فإن نائبه جون بايدن قد سبق وخطط لسيناريو تقسيم العراق ووضعه تحت الانتداب من خلال مطالبته الشهيرة بالانتداب على العراق التي سبق أن تقدم بها إلى الكونغرس قبل عامين تقريباً. وفي حالة تأكيد شيعة جنوب العراق على خيار الفيدرالية لمنطقتهم فإن وجود فيدرالية شيعية في الجنوب العراقي إلى جانب الفيدرالية الكردية في الشمال سيكون معناه أن العراق سيقسم بالفعل إلى مناطق ثلاث طالما أن الوسط السني لن يكون بمقدوره اللجوء سوى إلى خيار الانقسام كأمر واقع.
إذا تصاعدت هجمات الميلشيات العراقية المسلحة ونجحت في تهديد إجراء الانتخابات، فإنه، حتى الآن، من غير المعروف الكيفية التي ستتصرف بها إدارة أوباما، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
• القوات الأمريكية التي ستصبح عملياً خلال العام القادم خارج مدن العراق، هل ستعود مرة أخرى إلى شن عملياتها العسكرية داخل المدن؟ وإذا حدث ذلك فكيف سيكون وضع الاتفاقية الأمنية التي نصت على وجود هذه القوات خارج المدن؟
• من سيتولى أمر ملف العراق في حالة تصاعد أعمال العنف: هل هي وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون؟ أم وزير الدفاع روبرت غيتز؟ أم أنه مجلس الأمن القومي؟ وكيف سيكون دور السفير الأمريكي ومهامه في حالة نقل ملف إدارة العراق إلى وزير الدفاع الأمريكي، أو مجلس الأمن القومي؟ ومن الواضح أن إدارة أوباما ستواجه العديد من المشاكل القانونية والبيروقراطية التي لا حصر لها في حالة اندلاع العنف العراقي من جديد.
• قوات الأمن العراقية بحسب آخر الإحصائيات يبلغ عددها 558279 عنصراً، وهو عدد غير كاف لفرض السيطرة الأمنية على سكان العراق -المضطرب- البالغ عددهم 29 مليون مواطن، إضافة إلى وجود 106 آلاف عنصر في ميلشيا البشمركة الكردية و100 ألف عنصر في المليشيات السنية و60 ألف عنصر في مليشيات جيش المهدي الشيعية التابعة لمقتدى الصدر. وتأسيساً على ذلك، فإن من الصعب إن لم يكن من المستحيل السيطرة على هذا الحجم من القوات والميلشيات في بلد تسيطر عليه الخلافات والانقسامات الطائفية والعرقية.
هذا، ويرى بعض الخبراء الأمريكيين أنه ليس بالإمكان في الوقت الحالي وجود طرف عراقي واحد يمكن لإدارة أوباما أن تثق في التعامل معه لأن السياسيين العراقيين المسيطرين في بغداد بمساعدة أمريكا لن يترددوا في اللجوء إلى استخدام كافة الأساليب لإبقاء القوات الأمريكية في العراق ومن المؤكد أن تلك الأساليب ستتضمن دفع المليشات للقيام بالمزيد من عمليات العنف العراقي – العراقي على النحو الذي يؤدي إلى إطالة بقاء وجود القوات الأمريكية طالما أن ذلك يؤدي إلى بقاء هؤلاء السياسيين في السلطة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد