التفاهمات الأمريكية – الإيرانية في صفقة خط أنابيب البصرة - عبادان
الجمل: تقوم خلفيات العلاقات العراقية – الإيرانية على الملفات التي تجمع بين أجندة التعاون وأجندة الصراع، وقد شهدت هذه العلاقات فترة قطيعة طويلة خلال وجود نظام الرئيس صدام حسين وبعد قيام الولايات المتحدة الأمريكية باحتلال العراق مطلع عام 2003 وحتى الآن ما تزال الكثير من ملفات العلاقات الإيرانية – العراقية تخضع لما يمكن أن نطلق عليه تسمية الشكوك واللايقين لجهة أن البعض يتحدث عن تدخل ونفوذ إيراني في العراق وبعض آخر يتحدث عن علاقات تعاون عراقية – إيرانية إضافة إلى الكثير من المزاعم التي تتحدث عن صفقة إيرانية – أمريكية بشأن العراق.
* ماذا تقول المعلومات:
تحدث نور الدين شاهنازي زاده نائب وزير النفط الإيراني قائلاً أن إيران والعراق قد توصلا لاتفاق يقضي بتمديد خط أنابيب نقل النفط العراقي من مدينة البصرة جنوب العراق إلى مدينة عبادان الإيرانية جنوب غرب إيران.
المعلومات التفصيلية المتوفرة تقول أن خط أنابيب البصرة – عبادان سيبلغ نصف قطره 32 بوصة وسيتيح نقل 50% من نفط البصرة الخام لكي تتم عملية تكريره في مصنع التكرير في عبادان.
استغرق التفاهم العراقي – الإيراني حول خط أنابيب النفط بضعة سنوات وأكدت المعلومات أن التفاهم النهائي تم التوصل إليه بين وزير النفط العراقي غولام حسين نزاري ونظيره العراقي حسين الشهرستاني عندما أجرى الطرفان لقاءً حاسماً حول الموضوع تم عقده على هامش فعاليات المعرض الدولي الرابع عشر للنفط والغاز والبتروكيماويات الذي عقد في العاصمة الإيرانية قبل أربعة أيام وتحديداً في 21 نيسان الماضي.
سيبلغ طول خط الأنابيب حوالي 45 كيلومتراً، وبسبب الطبيعة السهلية للأراضي الممتدة بين البصرة وعبادان فستكتمل عملية بناء الخط في فترة وجيزة وبتكلفة قليلة وسيبلغ معدل النفط الخام الذي سيتدفق في الخط حوالي 430 ألف برميل وبحد أقصى يمكن أن يصل إلى 500 ألف برميل.
وتقول المعلومات والتقارير أن هذا الخط سيتيح لإيران الحصول على النفط الخام العراقي بأسعار زهيدة إضافة إلى تعزيز قدرة إيران في مواجهة الضغوط والعقوبات الدولية المتوقعة وبكلمات أخرى فمن الممكن أن تقوم إيران بالاعتماد على تدفقات هذا الخط من جهة وعلى تحويل ما يعادل هذه التدفقات لقطاع الصادرات بدلاً عن استهلاكها محلياً. وسيتيح كذلك للعراق زيادة صادراته النفطية وبالتالي زيادة عائدات النفط العراقي من العملات الأجنبية.
* الأبعاد غير المعلنة لخط أنابيب البصرة – عبادان:
تشير التحليلات إلى أن التوصل بين الوزيرين إلى اتفاق يقضي بربط حقول إنتاج النفط في البصرة ومصفاة تكرير عبادان هو اتفاق لا يمكن التوصل إليه بسهولة على خلفية العديد من العوامل التي يأتي في مقدمتها:
• الاحتلال الأمريكي العسكري للعراق.
• سيطرة الشركات النفطية الأمريكية على النفط الإيراني.
• التوترات المتزايدة بين العراق وأمريكا.
• التوترات المتزايدة بين البلدان العربية في الخليج وإيران.
• الخلافات العراقية – العراقية حول العلاقات مع إيران.
على خلفية هذه العقبات والعراقيل فإن التوصل إلى الاتفاق في مثل هذا الوقت هو أمر ينطوي في حد ذاته على الكثير من التساؤلات التي يأتي في مقدمتها:
• إن هذا الاتفاق يتطلب إنجاز صفقة أمريكية – إيرانية – عراقية، فهل تمت هذه الصفقة؟ وما هي ملامحها العامة وخطوطها الفرعية؟
• إن هذا الاتفاق يتطلب أولاً تفاهم وصفقة ثنائية أمريكية – إيرانية، فهل تم التفاهم على خط إيران – واشنطن؟ وما هي أبعاد وملامح الصفقة؟
• إن هذا الاتفاق يتطلب تفاهماً أمريكياً – أمريكياً بين الإدارة الأمريكية ولوبي شركات النفط الأمريكية، فهل تم هذا التفاهم والتوصل إلى صفقة؟
• إن هذا الاتفاق يتطلب إدماجه ضمن التفاهمات الأمريكية – الإيرانية الجارية داخل وخارج المنطقة الخضراء، فهل تم هذا الإدماج، وما هي علاقة خط الأنابيب مع الصفقات الأخرى؟
• إن هذا الاتفاق يتطلب تفاهماً عراقياً – عراقياً بين قوى الجنوب الشيعية الرئيسية، فهل تم التوصل إلى الاتفاق؟ ومن ثم يتطلب تفاهماً مع الحكومة العراقية والحكومة الإيرانية ومع سلطات الاحتلال الأمريكي.
• هل لإعلان هذا الاتفاق علاقة بالصراع الشيعي – الشيعي الذي حدث قبل بضعة أشهر بين قوات الأمن العراقية المدعومة أمريكياً وعناصر جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر في البصرة؟ وهل جاء تجميد التيار الصدري لعملياته ضمن هذه الصفة؟
برغم كثرة التساؤلات فإن ثمة يقيناً واحداً يتمثل في أن أمريكا لابد أن تكون حاضرة بقوة ضمن هذا الاتفاق طالما أن حكومة المتعاملين العراقيين لا تستطيع القيام بأي تصرف دون علم الأمريكيين وإخبارهم مسبقاً والحصول على موافقتهم.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد