الحسين: التوجه لإقامة شركة تأمين صحي مملوكة من الدولة
تعتبر تجربة التأمين الصحي في سورية في بدايتها، فهي بحاجة إلى وقت طويل حتى تستقر، وذلك بوجود أكثر من 700 ألف مؤمن له أو مضمون، فهذا العدد الضخم يرتب آليات وطرقاً إدارية جديدة على المستهلك، وطرق ممارسته الحياتية من جهة، وعلى شركات التأمين الصحي من جهة أخرى. لذا فإن التجربة سوف تجد الكثير من التحديات مع بداية تطبيقها، وأهم هذه التحديات التحدي الإداري ليبقى السؤال حول قدرتها على إدارة هذا الكم الهائل من العقود بكم قليل من التعقيدات مشروعاً وخصوصاً أن الشركات الموجودة ـ حسبما يؤكد مصدر مطلع على العملية التأمينية - هي شركات صغيرة - وتعمل من خلال طاقم إداري قليل عددياً (7 - 10 موظفين في أغلبها) مطلوب منه إدارة عدد كبير من المتعاقدين من جهة والتعامل مع مقدمي الخدمات من مشاف وأطباء وصيادلة.
أسباب موجبة
تم إصدار قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لعام 1959 متضمناً إحداث صندوق الضمان الصحي، وفي عام 1979 صدر القانون رقم (1) الذي تضمن إحداث هيئة عامة للضمان الصحي، وبعد ذلك صدر القانون رقم 43 تاريخ 6/5/2005 وقضى بإحداث شركات تأمين خاصة، من ضمنها شركات تأمين صحي. بعد ذلك جاء المرسوم التشريعي رقم 65 لعام 2009 الذي سمح للجهات العامة بإبرام عقود تأمين صحية للعاملين لديها وعائلاتهم حسب أنظمتها مع المؤسسة العامة السورية للتأمين بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص وتصديق وزير المالية. وقد جاء ذلك نتيجة لتغير الرؤية حول مفهوم التأمين الصحي في البلاد، حيث تحدد دور وزارة الصحة في تقديم الخدمات الطبية والرقابة على جودة تطبيقه إن عدم تفعيل القانون رقم 1 لعام 1979 وصدور هيئة الضمان التابعة لوزارة المالية استدعى صدور مشروع القانون الجديد لمنع ازدواجية القوانين المتعلقة بالخدمات الصحية. وكان مجلس الوزراء السوري وافق على مشروع قانون يتضمن إلغاء القانون في وزارة الصحة. وسيكون التأمين على العاملين في القطاع الإداري إلزامياً ويدفع العامل 37.5% من قيمة أقساط التأمين البالغة نحو 8 آلاف ليرة سورية سنوياً، على حين تدفع وزارة المالية 62.5% للمؤسسة العامة السورية للتأمين عن جميع العاملين في القطاع الإداري.
أطراف العملية التأمينية
1- شركة التأمين: والمتمثلة بالنسبة لهذا المشروع بالمؤسسة العامة السورية للتأمين، التي تتواصل مع شركات إدارة النفقات الطبية وتلاحظ آليات وأساليب عملها. كما يقع على كاهلها نشر الوعي والثقافة التأمينيين حول كيفية استخدام البطاقة الصحية والحصول على الخدمة النوعية سواء في المشفى أو لدى الطبيب أو في الصيدلية أو في المخبر أو لدى أي مقدم خدمة آخر..
2- شركات التأمين الصحي (أو شركات أداة النفقات الطبية): وعددها ست شركات، لكل منها شبكة خاصة بها من مقدمي الخدمة الطبية. وهي شركات موظفة بإمكانياتها وبأدائها لدى شركة التأمين (المتمثلة هنا بالمؤسسة العامة السورية للتأمين)، إلا أنه في الواقع هي في الواجهة وفي المقدمة نظراً لارتباط مقدمي الخدمة الطبية بها ولارتباط البطاقة الصحية أيضاً بها. والسؤال هنا يتركز حول خدمات هذه الشركات في مراكز المحافظات مع إهمالها المناطق والنواحي والقرى، لأنه من غير المعقول أن يقطع المؤمن له الذي يعيش في قرية ما عشرات الكيلو مترات ليصل إلى طبيب عام موجود في الشبكة المخصصة له عيادته في مركز المحافظة. ونفس الكلام يقال حول الصيدلية والمخبر وما شابه.
3- مقدمو الخدمة الطبية: والمتمثلون بالمشافي والأطباء والصيدليات ومخابر التحليل ومراكز التصوير.
4- المؤمن عليه (المستهلك): فحمله للبطاقة الصحية يعطيه وبشكل مسبق حقاً مكتسباً في الحصول على الخدمة الطبية النوعية ضمن ما خصص له في التغطية المضمنة في عقد التأمين.
شمولية التأمين من عدمه
يشمل التأمين الصحي جميع العمليات الجراحية أياً كانت الحالات بحدود (10) حالات لكل حالة نحو 250 ألف ليرة سورية، إضافة إلى الصور الشعاعية والمخبرية والتنظيرية ضمن المشافي وخارجها والإقامة في المشفى (جميع الأمراض) والزيارات خارج المشفى بمعدل (12) زيارة للطبيب، ويتيح المشروع تأمين الطبابة والعلاج والأشعة التحاليل المخبرية لجميع العاملين في واستخدام شبكة واسعة من المشافي العامة والخاصة والعيادات ومراكز الأشعة ومخابر التحليل لمعالجة الأمراض المزمنة ضغط، سكر، وربو، ويتم صرف الوصفات في بداية كل شهر بموجب استمارة خاصة للمؤسسة تعبأ لمرة واحدة. وتعطى بطاقة التأمين لجميع العاملين حيث تم التعاقد مع 6 شركات على سبيل المثال في دمشق 85% من المشافي درجة أولى إضافة إلى المشافي العامة ويتم الاختيار من العامل حسب طبيعة المرض وقناعته، ولكل شركة رقم خاص خلف بطاقة التأمين حيث بإمكانه الاتصال مع الشركة لأي طارئ على مدار 24 ساعة.
امتعاض في محله
ويرى العديد من الموظفين بدوائر الدولة الرسمية في سورية، أن التأمين الصحي الذي شمِلوا به في إطار تأمين العاملين في القطاع العام الإداري، غير صحي وتشوبه علل كثيرة، ولا يخدمهم بقدر ما يخدم الشركات التأمينية، التي أبرمت الحكومة عقد التأمين المذكور معها وهو ما يؤكده (سهى وأم أحمد - وأم وسام - وغيرهم التقيناهم أثناء صرفهم للوصفات الطبية أمام إحدى الصيدليات المتعاقدة في دمشق) ويتابعون إن من يقرأ دليل استخدام التأمين الصحي للعاملين في القطاع العام الإداري، ويتمعن فيه، يجد أن عقد التأمين الصحي، الذي أبرمته الحكومة ممثلة بالسورية للتأمين، مع إحدى شركات إدارة النفقات الطبية، بغية التأمين صحياً على العاملين في القطاع العام، ليس أكثر من عقد «إذعان» لما ورد في الدليل من أمراض وأدوية استثنتها الشركات المذكورة من التغطية المالية، وتركت نفقاتها للمؤمن عليه، فالدليل الذي تطرحه شركة غلوب مد سورية مثلاً يطرح الكثير من الأسئلة، فالمادة الثالثة منه ترتب على المؤمن له في حال دخوله المشفى غير معتمد من هذه الشركة أن يسدد للمشفى ما يترتب عليه، وبعد ذلك يجلب الوثائق إلى الشركة لكي تسدد له 75% من الأسعار والأجور المعتمدة، وذلك بعد خصم نسبة التحمل التي يجب أن يدفعها المؤمن له، إلى ذلك فإنه على الصيدلاني أن يحتفظ بالعلب الفارغة للأدوية المصروفة ليسلمها للشركة مع الوصفة الأصلية.. وهنا يسأل أحد المؤمن لهم في إحدى وزارت الدولة، هل يعني ذلك أن يتم فرط الأدوية في كيس ليأخذها المستهلك. كذلك فإن حدود التغطية هي 250 ألفاً لكل حالة دخول إلى المشفى، وتعتبر إعادة الدخول إلى المشفى خلال 15 يوماً من تاريخ الخروج السابق تابعاً لنفس الحالة ومن ثم فإن حساب التكلفة يعود ضمن التغطية المادية للحالة الأولى، مع العلم أن النسبة التي يدفعها المؤمن له هي 10% لكل قيمة دخول. فماذا يفعل من تبلغ قيمة علاجه أكثر من ذلك. وتستثني الشركة غسيل الكلى الدموي أو البرثواني من التغطية. إلى ذلك فإن غسيل الكلى للقصور الكلوي الحاد، مغطى فقط في فترة الاستشفاء الأولى وحتى الخروج من المشفى. فمن يدفع عنه بقية العلاج علما أن الحالات المستعصية مرضيا وماديا هي ما يهم المستهلك وليس الرشح أو الجريب كما يؤكد أحد الموظفين.
كذلك فإن حالات مثل البدائل الصناعية، والأطراف الصناعية غير مغطاة باستثناء الصمامات المتعلقة بجراحات القلب، إضافة إلى أن القالب التاجي مغطى حتى 75 ألف ليرة فماذا لا سمح اللـه لو أصيب أحد المؤمن لهم بحادث أدى إلى قطع أحد أطرافه فمن يدفع له تكلفة طرف صناعي. ويتساءل أحد المؤمن لهم عن مغزى عدم تغطية الشركة للعلاجات الكيميائية والشعاعية لأمراض السرطان، وخصوصاً أن أغلب علاجات هذا المرض هي علاجات كيميائية وشعاعية. فماذا سيفعل المؤمن له إذا ما أصيب بهذا المرض فمن سيدفع له ثمن جرعة كيميائية قد يصل إلى مئة ألف ليرة.. إلى ذلك فالقائمة الطويلة للشروط التي تحدد الأمراض والحالات المستثناة من التأمين الصحي تجعل من التأمين مسألة إجبارية علما أن الاختيارية كانت أفضل.. ويرى أبو أيمن أنه يجب على هذه الشركات أن تسمح لحامل البطاقة الصحية بالحصول على الخدمة من أي مقدم خدمة مذكورة في الشبكة وأينما وجد في أي مكان في سورية، أي دون حصر الحصول على الخدمة بمقدم الخدمة الموجود في المنطقة الإدارية لحامل البطاقة، والسبب كون التكلفة التي يتحملها المؤمن عليهم هي واحدة.
الشركات توضح
بدورنا اتصلنا بإحدى شركات إدارة النفقات الطبية وتم تحويلنا إلى الطبيب المناوب د. فادي محرز: اختصاصي جراحة قلب: الذي يبين أن على المريض بداية إبراز بطاقة التأمين الصحي للطبيب الذي يقوم بعد ذلك بإجراء المعاينة وإدخال البيانات إلى الصفحة الخاصة بالمريض على الكمبيوتر في موقع الشركة الإلكتروني يحدد من خلالها التشخيص الخاص بالحالة الصحية للزبون، إلى ذلك يقوم الطبيب أيضاً بإدخال البيانات الأخرى المرافقة لعملية الفحص مثلاً الإيكو أو التخطيط السمعي أو تخطيط القلب، وذلك من أجل أن تعلم الشركة الحالة الصحية للمريض من جهة ومن جهة ثانية لكي تحاسب الطبيب مادياً. بعد كل ذلك يقوم الطبيب بكتابة الوصفة العلاجية للمريض ويحق للطبيب هنا أن يصف للمؤمن له الدواء المناسب لعلاج المرض وذلك عبر تضمينه في الوصفة الطبية، التي يقوم المؤمن له بأخذها إلى إحدى الصيدليات المتعاقدة مع شركة النفقات الطبية. حيث يقوم الصيدلي بإدخال بيانات الوصفة إلى الصفحة الخاصة بالمؤمن له، ومن ثم ينتظر رد الشركة الذي يتضمن الموافقة على صرف الأدوية كلها أو جزء منها وذلك حسب نوع التعاقد ونوع التغطية الصحية للمؤمن له. حيث يقوم الصيدلي بعد ذلك بصرف الدواء الموافق عليه والاحتفاظ بعلبة الدواء والوصفة الطبية من أجل إرسالها إلى الشركة لكي تضمن له حقه المادي.
للأطباء رأي
تغريد.. اختصاصية هضمية: ترى أن التأمين الصحي ممتاز، وتؤكد أن التعاقد مع الشركات يتم عن طريق عقود عبر نقابة الأطباء. إلا أن هناك إضاعة للوقت من ناحية الوقت المهدور في إدخال البيانات، وتبين أن الأطباء الذين عندهم كثافة مرضى هم ليسوا بحاجة للتعاقد مع الشركات وبذلك هم يرفضون التأمين من هذه الناحية. وترى أن التأمين أوجد حالة من الأريحية من الناحية الأخلاقية بين المريض والطبيب فقد انتفى التعامل المادي بينهما، وتؤكد أن المريض يدفع النسبة المادية التي تحملها الشركة عليه. أما عامر زهر الدين اختصاصي صدرية: يرى أن التأمين شيء ضروري لحياة المستهلك، ويبين أن ما يتقاضاه الطبيب أجرة على المعاينة هو 700 ليرة لمن أمضى أكثر من عشر سنوات في الاختصاص. إلى ذلك فإن نسبة العشرة بالمئة التي تحملها الشركة للمؤمن لهم يخسرها الطبيب لذا فمن الأفضل إلغاؤها، ويرى زهر الدين أن من الأفضل أن يكون الحساب بين الشركة والطبيب المتعاقد مباشراً ونهاية كل شهر لأن ذلك أفضل من تحويل المبالغ كل ثلاثة أشهر إلى البنك أو تحويلها كل نهاية شهر إلى حساب الطبيب. ويرى زهر الدين: أن البرنامج الذي تتم من خلاله إدخال بيانات المؤمن له برنامج معقد ويجب تبسيطه. ويؤكد عامر أن مرضاه لم تتغير نسبتهم لأنهم أنفسهم كانوا يأتون قبل التأمين وهو مستمرون بعد التأمين. وتبين اختصاصية بالأمراض النسائية: أن برنامج إدخال البيانات برنامج معقد يأخذ أحياناً وقتاً طويلاً من الطبيب حتى مع وجود خط (ايسديئل) للانترنت فهي تضطر للجلوس أحياناً ساعة أو ساعتين بعد نهاية دوامها فقط من أجل إدخال البيانات، وخصوصاً أن أغلب النساء بحاجة إلى فحص إيكو وهو ما يضيف عبئاً على الطبيب في عملية الإدخال. فالمريضة الواحدة تستهلك بين (فحص وإيكو وإدخال بيانات) أكثر من ثلث ساعة. أما نسبة العشرة بالمئة التي تحملها الشركة على المؤمن له فهي ترفض أن تأخذها.
وللصيدليات أيضاً
صيدلية القنواتي ترفض الاشتراك بالخدمة التأمينية ذلك أن شرط الاشتراك يتطلب منه حاسباً إلكترونياً خاصاً وخط إنترنت خاصاً من أجل الدخول الدائم إلى صفحة المؤمن له في شركة إدارة النفقات الطبية وذلك من أجل إدخال محتويات الوصفة الطبية وانتظار الرد الذي يتضمن الأدوية المسموح صرفها من عدمها. ويرى أن الصيدلاني لا يمكن أن يعطي وصفة مجتزئة للزبون ومن ثم تحتفظ بالوصفة وعلب الأدوية هذا أمر يشكل عبئاً بالنسبة للصيدلاني. ثم ماذا أفعل كصيدلاني إذا كنت لا أملك نوعاً من أنواع الأدوية الداخل ضمن التغطية؟ هل أحتفظ بالوصفة من أجل حقي المادي، أم أخسر الزبون الذي يجب عليه أن يصرف الدواء كاملاً من صيدلية واحدة وليس من عدة صيدليات ذلك أن الوصفة وعلبة الدواء يجب أن تبقيا عند الصيدلاني لكي يحتفظ بحقه المادي. لذا فإن الحل يكون بأن يقوم الطبيب بكتابة وصفة غير مجتزئة.
صيدلاني آخر مشترك مع شركات إدارة النفقات الطبية يبين، أن المشكلة بالنسبة للصيدلاني أنه على الرغم من كثافة المشتركين إلا أنه عليك في البداية التأكد من الأدوية التي تتضمنها الوصفة الطبية موجودة لديك جميعها، فإن لم تكن ذلك فأنت مضطر للاعتذار من المؤمن له لأنك لا تستطيع أن تصرف له وصفة مجتزأة. بعد ذلك عليك ملء بيانات الوصفة في صفحة المؤمن له على موقع الشركة الإلكتروني. وانتظار رسالة من الشركة تؤكد لك أنواع الأدوية المغطاة من الوصفة. وكل ذلك يأخذ وقتاً من الصيدلاني ومن المؤمن له.
كما بين أحد الصيادلة أن متعاقداً مع شركتين لإدارة النفقات الطبية يدفع نسبة ربحية للشركة هي 5% من قيمة كل وصفة. ويرى الصيدلي أن التعاقد مع هذه الشركات خاسر اقتصادياً بالنسبة له، لكنه مضطر للتعاقد لكون المستقبل للتأمين. ذلك أنه وإضافة لـ5% التي تأخذها الشركة، فإنه مضطر حسب شروط التعاقد مع هاتين الشركتين، للانتظار حتى نهاية الشهر، لكي يذهب إلى مقر كل شركة ويسلم إليها الوصفات الطبية إضافة إلى علب الأدوية، ومن ثم الانتظار شهرين آخرين من أجل قبض مستحقاته المادية. هذا مع عدم حساب تكلفة جهاز الكمبيوتر، والطابعة، إضافة إلى شراء خط هاتفي ICDL، وهناك مطالبة من الشركات الآن لكي أشتري فاكساً.
ويبن صاحب الصيدلية الذي فضل عدم ذكر اسمه أن المؤمن له أصبح مريض درجة ثانية، بالأهمية وذلك بالنسبة للوقت الذي يستهلك في خدمته، على عكس المريض غير المؤمن له، فكصيدلي أرى الوصفة وأعطيه الأدوية ويعطيني النقود. وهذه العملية لا تأخذ في أقصى الحالات أكثر من ثلاث دقائق. ودون الحاجة إلى الإبقاء على الوصفة الطبية أو علب الأدوية على حين أن المؤمن له فإضافة إلى ذلك فيجب إدخال بياناته الشخصية، ومن ثم إدخال أنواع الأدوية، وطريقة استعمالها ومدة العلاج بها. إضافة إلى كل ذلك فإن هذه الأنواع بحاجة إلى موافقة الشركة عليها. والتي تتم عبر إيميل ترسله الشركة عبر الإنترنت. وهو أمر بحاجة إلى عشر دقائق في حدوده الدنيا، وقد تصل المدة في بعض الأحيان إلى ساعات أو أيام. إلى ذلك فإن هناك حالات تؤثر على خدمة المريض، مثل انقطاع الكهرباء أو الإنترنت.
نظرة قانونية
بيّن المحامي عوض الحمد أن التأمين يفيد في مسألة مهمة جداً إذ إن الاستمارات التي يتم تعبئتها حاسوبياً من كل من الأطباء والصيادلة تحفظ في الشركة وهي كمستندات تعتبر قانونية تفيد في حال حصول أي خطأ أو تجن، فالمعلومات عندما تحفظ لدى الشركات تشكل مرجعاً قانونياً لأي مؤمن له. إلى ذلك فإن الشركات تسدد ما عليها في حال حصول أي إشكالية ويحق للمؤمن له اللجوء إلى القضاء في أي حالة حتى لو كانت ضد الشركة مستنداً إلى المستندات نفسها.
رأي آخر
ونعود إلى مصدرنا المطلع على سير العملية التأمينية والذي يؤكد أن غطاء التأمين الصحي بمقدار ما هو فضفاض فهو ضيق. فالمفروض أن تقتصر عملية التأمين الصحي على التغطية الكاملة للأمراض الحرجة إضافة إلى تغطية جميع العمليات الجراحية وترك بقية الأمور للمستهلك، الذي يبقى همه الأساسي ليس ثمن معاينة الطبيب أو التحليل الطبي، بل إذا ما أصيب بمرض كيف يمكن أن يعالج وأن يدفع تكلفة العلاج. وخصوصاً الأمراض التي لا يمكن للمستهلك مواجهتها ماديا وصحيا. ويفترض محدثنا أن الخدمة المقدمة من جميع شركات التأمين الصحي يجب أن تكون واحدة لجميع المتعاقدين، ولا تختلف بين شركة وأخرى وخصوصاً أن الشركة المشرفة على هذا المجال هي شركة واحدة - السورية للتأمين - وبالتالي فإن الإجراءات واحدة بما أن الأقساط التي يدفعها المستهلك واحدة. لكن يبقى من الصعب ضبط هذه الشركات، وخصوصاً أثناء هذه المرحلة - التي يمكن تسميتها مرحلة الضياع ـ مع وجود أعداد ضخمة من المتعاقدين (نحو 700 ألف متعاقد) من هنا وبسبب قلة الكادر الإداري في هذه الشركات وعدم خبرته يمكن القول إنها بحاجة إلى زيادة كوادرها وإلى تأهيلها. وهو تأهيل لن يستغرق في أسوأ الأحوال أكثر من سنة، فما تمر به عملية التأمين الصحي في سورية مرحلة انتقالية ليس من السهل حرقها أو القفز عليها.
نسبة الإنفاق على التأمين
تبلغ نسبة الإنفاق على الصحة بلغت 3.7% من إجمالي الناتج القومي في الدول العربية.
وتأتي دولتي قطر والإمارات في المقدمة، حيث تراوح الإنفاق بين 1300 و1600 دولار على الفرد، على حين بلغ بين 600 و1000 دولار، في كل من سورية والبحرين والكويت.
وفي ليبيا وعمان وتونس تراوح الإنفاق على الصحة بين 200 و500 دولار، على حين تدنى في مصر والجزائر والعراق إلى ما بين 100 و150 دولاراً.
ويعود هذا التفاوت إلى تباين مزايا التأمين الطبي في الدول العربية، دون أن يكون لذلك علاقة بتفاوت القدرات المالية، بقدر ما هو اختلاف في ثقافة المستفيدين من دولة إلى أخرى. علماً أن شركات التأمين بدأت تستعين بالتقنيات الحديثة في إدارة المتطلبات الطبية والشركات المتخصصة بالرعاية الصحية، كما بدأت في الفترة الأخيرة باستنباط حزمة برامج جديدة تساعد الشرائح الاجتماعية المختلفة لتشجيع أرباب العمل على توفير خدمة مميزة للعاملين لديها.
سورية تخطط لرفع عدد المؤمنين صحياً إلى ثلاثة ملايين بحلول 2014
تخطط سورية لرفع عدد المؤمنين صحياً لديها إلى ثلاثة ملايين مؤمن بحلول عام 2014، وذلك بالتوازي مع فتح باب الاستثمار أمام القطاع الصحي عبر تقديم محفزات وتسهيلات تساعد في إقبال المستثمرين على إنشاء المشافي والمراكز الصحية بما يرفع من مستوى الخدمات الصحية ويساعد في تحقيق المزيد من الاتساع الجغرافي لها.
وتشير المعلومات إلى أن التوسع في التأمين الصحي سيكون عبر الدولة بشكل رئيسي من خلال تبنيها لمشروع وطني يهدف إلى التأمين على 750 ألف موظف إداري لدى القطاع العام (من المقرر إنجازه بحلول الربع الأول من عام 2011) سيتسع لاحقاً ليشمل عائلاتهم وبحساب متوسط عدد أفراد الأسر السورية وهو 3 أفراد فإن عدد المؤمنين سيبلغ نحو مليونين و250 ألف شخص يضاف إليه لاحقاً ووفقاً لما هو مخطط نحو 400 ألف متقاعد و300 ألف مؤمن يمكن أن يأتوا عبر شركات التأمين الخاصة التي تظهر نشاطاً لافتاً في طرح برامجها الصحية خاصة مع دعوة الحكومة القطاع الخاص للتأمين على موظفيه والتوجه نحو إصدار تشريع ملزم بذلك.
ورغم أن عدد المؤمنين صحياً في سورية حالياً لا يكاد يتجاوز الـ450 ألف مؤمن 350 ألفاً منهم من موظفي الدولة فإن التأمين الصحي شهد قفزات هائلة مع انفتاح سوق التأمين السوري.. إذا علمنا أن عدد المؤمنين صحياً في سورية لم يكن يتجاوز في أحسن حالاته 20 ألفاً قبل أربع سنوات جميعهم مؤمنون خارج البلاد.
وكان وزير المالية محمد الحسين (رئيس هيئة الإشراف على التأمين) «إن نشر التأمين الصحي يقع ضمن أولويات الحكومة وهيئة الإشراف على التأمين».
وذلك ضمن ما سماه المشروع الوطني الذي يهدف لتوفير الرعاية الصحية لأوسع شريحة من المجتمع السوري عبر بوليصة تأمين تدفع الدولة الجزء الأكبر منها مقابل تحمل المؤمن لجزء يسير منها (يبلغ سعر البوليصة 8000 ليرة تدفع الحكومة 62.5% من قيمتها مقابل 37.5 يدفعها المؤمن بما يعادل خمسة دولارات في الشهر).
مشيراً إلى «أن لدى الحكومة خطة لإقامة شركة تأمين صحي مملوكة من قبلها عبر المؤسسة العامة للتأمين ومؤسسة التأمينات الاجتماعية ويمكن أن تكون متاحة لمساهمة المستثمرين من القطاع الخاص لاحقاً... والهدف منها رفع مستوى التأمين الصحي عبر تقديم الخدمة التأمينية الأفضل وبناء قاعدة بيانات للمؤمنين يمكن بناء قرارات ورسم الإستراتيجيات الصحيحة على أساسها لاحقاً». هذا وتدرك الحكومة السورية إشكالية توافر الخدمات الصحية المناسبة وفق التوسع الجغرافي القادر على خدمة شريحة المؤمنين والوصول إليهم أينما كانوا.. كما تدرك ضرورة تغيير سياساتها الصحية وخاصة في المراكز والمشافي المملوكة من قبلها والتي تقدم الخدمة مجاناً وضرورة تمكين هذه المشافي والمراكز من تطوير نفسها ذاتياً عبر تقديم خدمات مأجورة يغطيها التأمين... وبما يفسح المجال للتركيز على الأمراض المستعصية (كالسرطانات) التي تحتاج لإنفاق حكومي كبير.
وبحسب المعلومات «فإن ثمة توجهاً تدرسه الحكومة السورية لتطوير القطاع الصحي وتمكينه من العمل وفق فكر تجاري كما هو الحال في قطاع الاتصالات بحيث يتمكن هذا القطاع من تأمين إيرادات عبر تقديم خدمات مأجورة بمستوى عالٍ مغطاة من بوالص التأمين الصحي بالتوازي مع تشجيع الاستثمار في القطاع الصحي عبر إقامة المراكز الصحية والمشافي وتجمعات العيادات وتقديم تسهيلات لها بما يساعد في رفع قدرة القطاع الصحي العام والخاص على تلبية استحقاق نشر التأمين الصحي وبما يضمن حصول المواطن على خدمة صحية جيدة.
عبد المنعم مسعود
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد