القضاء سيتهم أولمرت بالفساد
فاجأ المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميني مازوز، أمس، الحلبة السياسية في الدولة العبرية بإعلانه قرار تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة المستقيل إيهود أولمرت.
ودفع هذا القرار العديد من الجهات السياسية إلى مطالبة أولمرت بإعلان تعذر استمراره في ممارسة مهامه الحكومية، غير أن أولمرت، الذي يعلم الإشكالية الدستورية لوضعه القانوني، أعلن أنه سيبقى في منصبه، ولن يتأثر بالمطالبات بإزاحته عن المنصب.
بدا جليا أن المفاجأة في قرار مازوز تنبع أساسا من أن القضية الوحيدة التي تقرر تقديم لائحة اتهام ضد أولمرت بشأنها هي قضية »رشونتورز« التي ظهرت على هامش »قضية تالينسكي«. وتتلخص قضية »رشونتورز« في استفادة أولمرت، وقتما كان وزيرا للصناعة والتجارة أو رئيسا لبلدية القدس، من التمويل المزدوج للرحلات أو الإقامة في الفنادق، ومن النقاط التي كان يكسبها جراء رحلاته الرسمية في الطائرات والفنادق. وقد جير أولمرت هذه النقاط لمصلحة أفراد عائلته، ما اعتبر استغلالا للمنصب بطريق الخداع.
وفي حينه، اعتبرت هذه القضية أضعف قضايا الفساد المتهم بها أولمرت، والتي كان بينها قضايا فساد تتعلق بخصخصة بنوك وشراء وبيع عقارات، ثم قضية الأموال النقدية التي كان يحصل عليها من رجل الأعمال اليهودي الأميركي موريس تالينسكي.
وأعلن مازوز أن قرار تقديم لائحة الاتهام جاء بعد دراسة الملف، واتضاح أن القرائن كبيرة على استغلال أولمرت لمنصبه. ويتسـم قـرار مازوز هذا بأهمية كبيرة كون هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها رئيس حكومة في إسرائيل للمحاكمة أثناء توليه لمهام منصبه.
وأبلغ مازوز القرار لمحامي أولمرت، ما يعني أن المستشار القضائي للحكومة سيعمد إلى الاستماع لرئيس الحكومة وطاقم الدفاع عنه قبل تحويل الملف إلى المحكمة. ومن الجائز أن عمليات الاستماع لأولمرت ومحامييه ستجعل من انعقاد المحاكمة قبل خروج أولمرت من ديوان رئاسة الحكومة في آذار أو نيسان المقبلين أمرا شبه مستحيل.
وقال محامو اولمرت، في بيان، إن رئيس الوزراء »يرفض بشكل قاطع الشبهات التي طرحت ضده في قضية »رشونتورز« وقرار الاستماع إليه في هذا الملف غريب وغير صائب«. وأضافوا أن اولمرت »استغرب عند قراءته رسالة المدعي العام تفاصيل وتأكيدات لم يسأل بشأنها«.
واعتبر المتحدث باسم اولمرت عمير دان أن هذه الاتهامات »ستسقط«، معربا عن استغرابه سرعة الإعلان عن عزمه اتهام اولمرت فور عودته من رحلة إلى الولايات المتحدة. وتابع إنها »مكيدة تنفذ بمساعدة السلطات القضائية«.
وما أن أعلن القرار حتى ترددت أصداؤه في أرجاء الحلبة السياسية. ورغم أن أولمرت يعتبر انتخابيا »حصانا ميتا« إلا أن الكثيرين يريدون لأسباب انتخابية إبعاده عن الحلبة، فحزب كديما يريد ابتعاده حتى لا يحاسب هذا الحزب في الانتخابات على صورته الماثلة حاليا، سواء بسبب الفساد أو الإخفاق في حرب لبنان الثانية أو حتى بسبب المواقف السياسية الحمائمية التي يطلقها. واليمين أيضا يطالب بإزاحته من أجل خلق قضية رأي عام يكيد فيها لوزيرة الخارجية تسيبي ليفني وكديما. ومن المؤكد أن هناك جهات أخرى تطالب بإزاحة أولمرت لأسباب أخلاقية أو عملية.
ولكن أولمرت، كما يبدو، يصر على البقاء في منصبه مدركا أن أحدا في إسرائيل لا يستطيع إزاحته عن منصبه الآن، فهو يقود حكومة انتقالية، وقد سبق له أن أعلن استقالته، كما أنه لا ينوي ترشيح نفسه في الانتخابات، ولذلك سيضطر الجميع إلى تحمل بقاء أولمرت حتى تشكيل الحكومة المقبلة بعد الانتخابات المقرر أجراؤها في ١٠ شباط المقبل.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد