المحاورالأربعة التي تحرك الدبلوماسية الإسرائيلية
الجمل: لم تعد الدبلوماسية الإسرائيلية حصراً على وزارة الخارجية الإسرائيلية أو وزيرتها تسيبي ليفني، بل أصبحت هناك عدة محاور للتحرك الدبلوماسي الخارجي الإسرائيلي.
* تعدد المسارات وإشكالية تماسك قوام الدبلوماسية الإسرائيلية:
يمكن القول بوجود أربعة قوى للحركة الدبلوماسية الخارجية في إسرائيل:
• محور شيمون بيريز: ويقوم بمهام دبلوماسية الرئيس الإسرائيلي، وبرغم أن دوره يعتبر من الناحية الظاهرية ثانوياً مقارنة بدور إيهود أولمرت الذي يتولى منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن شيمون بيريز يلعب دوراً هاماً في الاعتبارات المتعلقة بالتوجهات الإسرائيلية إزاء البلدان العربية وتركيا.
• محور إيهود أولمرت: ويقوم بمهام دبلوماسية القمة، وهو الأكثر أهمية فيما يتعلق بمقابلة الزعماء والاتصال معهم ويلعب دوراً هاماً في علاقات الحكومة الإسرائيلية بالبيت الأبيض الأمريكي.
• محور تسيبي ليفني: وتقوم بالمهام التقليدية لوزيرة الخارجية إضافة إلى أنها تمثل عامل قوة للدبلوماسية الإسرائيلية بسبب نفوذها الكبير على الرأي العام الإسرائيلي الداخلي، ولن تستطيع أي جهة إسرائيلية القيام بأي خطوة دبلوماسية إذا لم تجد المباركة والمساندة من تسيبي ليفني لأنها السبيل الوحيد للدعم الداخلي. وتتميز ليفني بعلاقاتها القوية مع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس وزعماء ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إضافة إلى علاقاتها الوثيقة مع بعض الرؤساء و"الشيوخ" و"الأمراء" ووزراء الخارجية العرب.
• محور إيهود باراك: يتولى منصب وزير الدفاع الإسرائيلي، ويقوم بمهام دبلوماسية جنرالات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي ظلت دائماً لا تهتم بحاجز العلاقات المدنية – العسكرية بجعل مهمة الجيش هي الدفاع عن الأمن، ومهمة الساسة المدنيين القيام بإدارة شؤون السياسة الخارجية والداخلية، وحالياً استطاع إيهود باراك تأسيس وتدعيم مسار دبلوماسية الجنرالات والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية. بكلمات أخرى، فإن تحركات باراك الدبلوماسية واتصالاته الخارجية قد شملت البيت الأبيض الأمريكي والخارجية الأمريكية، و"قصر القبة" الرئاسي المصري و"الديوان الملكي" الأردني.
* تعدد مسارات الدبلوماسية الإسرائيلية: تكامل أم تعاكس؟
من الواضح أن المسارات الدبلوماسية الإسرائيلية تتكامل إزاء قضايا الصراع العربي – الإسرائيلي ولكنها تعاكس إزاء القضايا الداخلية المتعلقة بالصراع الإسرائيلي – الإسرائيلي، وهناك خلافات كبيرة في وجهات النظر الخاصة بممثلي المسارات الأربعة إزاء الخلافات والصراعات الإسرائيلية – الإسرائيلية:
• منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي: تحاول تسيبي ليفني كسب التأييد الدبلوماسي الخارجي بعد أن حشدت التأييد الداخلي، وذلك بما يتيح لها النجاح في سيناريو خلافة إيهود أولمرت الذي تضاءلت احتمالات نجاح ترشيحه لدورة أخرى إضافة إلى المعلومات الإسرائيلية التي أكدت إصابته بـ"سرطان البروستات".
• صراع «العمل – الليكود - كاديما»: يحاول الجنرال إيهود باراك بناء التأييد الداخلي عن طريق كسب رضا وتأييد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي بدورها ستفتح له الباب واسعاً لكسب الرأي العام الإسرائيلي في المنافسة الانتخابية المقبلة. ولما كان الجنرال إيهود باراك (حامل الماجستير في الفيزياء النظرية) يدرك جيداً أن خصمه الرئاسي في الانتخابات القادمة لن يكون أولمرت أو نتنياهو، وإنما هو تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الحالية، التي لمع بريقها بفضل تحركاتها الدبلوماسية، فإنه إضافة إلى بريقه العسكري يحاول حالياً الحصول على البريق السياسي على النحو الذي يؤهله لمنافسة بريق تسيبي ليفني.
* زيارة الجنرال باراك للقاهرة: محور باراك – حسني مبارك!!
يحاول الجنرال إيهود باراك السيرة على ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي عن طريق:
• إجراء المزيد من الاتصالات مع الأطراف العربية وبالذات مصر.
• إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جيلعاد شاليث وتخليصه من قبضة حركة حماس.
• التنسيق مع المصريين على تنفيذ اقتراح مصري (مدعوم بواسطة واشنطن) يهدف إلى معالجة بعض القضايا والأوضاع الأمنية المتعلقة بالأراضي الفلسطينية وتحديداً قطاع غزة.
تقول التسريبات الإسرائيلية بأن وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك سوف يخبر الرئيس المصري حسني مبارك غداً باستعداد إسرائيلي لفتح النقاش حول المبادرة التي تتضمن:
• إيقاف حركة حماس للصواريخ وقذائف المورتر على المجمعات الإسرائيلية الموجودة في المناطق الحدودية، وأن تبدي استعداداً وميلاً للالتزام بوقف إطلاق النار.
• أن تقدم إسرائيل للولايات المتحدة ومصر ضمانات كافية لإلغاء عملية الاقتحام العسكري التي تنوي القيام بها ضد قطاع غزة، وأن توقف اختراقات قوات الجيش الإسرائيلي التي تراوحت بين 2 إلى 3 كم في أراضي القطاع، وان تتوقف أيضاً عن تنفيذ عمليات الاغتيال التي تستهدف قادة الفصائل الفلسطينية وطواقم إطلاق النار.
• أن تقوم مصر بدعوة قوة عسكرية أمريكية، من بينها وحدات هندسية للانتشار على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة، لتنفيذ عملية عسكرية مشتركة أمريكية – مصرية لوقف وإنهاء عمليات التهريب الذي يتم على جانب سيناء المصرية.
• إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جيلعاد شاليث الذي وقع في قبضة حماس العام الماضي، وذلك مقابل المعتقلين الفلسطينيين وما يزال العدد الذي سوف يطلقه الإسرائيليون قيد النظر والمشاورات.
• إذا استمرت الصفقة سارية المفعول لمدة ثلاثة أشهر، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل سوف لن تعترضان على قيام محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بفتح الحوار والتفاوض مع حركة حماس من أجل التوصل إلى حكومة وحدة وطنية فلسطينية.
عموماً، تشير بعض التسريبات الإسرائيلية إلى واشنطن وتل أبيب ما تزالان بعيدتين عن الاتفاق حول هذه الصفقة، فإسرائيل تعترض بشدة من حيث المبدأ على السماح بالتسوية بين حركة فتح وحركة حماس، وذلك لأن هذه التسوية سوف تتيح –بنظر الإسرائيليين- لحركة حماس بالخروج منتصرة بعد انقلابها الذي سيطرت فيه على قطاع غزة، وبالتالي الخروج من حالة الحصار الحالي دون أن تعترف بحق إسرائيل في الوجود ودون أن تعلن التخلي عن العنف أو تدين محاولات الدولة اليهودية أو تقبل بالاتفاقيات الفلسطينية – الإسرائيلية السابقة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد