بيرلسكوني في دور المسيح اليهودي أمام الكنيست الإسرائيلي
الجمل: جاء رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني قبل يومين زائرا لإسرائيل, وقد بادر الزعماء الإسرائيليون إلى استقباله بحفاوة بالغة, لم يحدث أن استقبلت إسرائيل أي زعيم إيطالي بها من قبل: فما هي معطيات وتداعيات هذه الزيارة؟
جدول أعمال زيارة بيرلسكوني لإسرائيل:
من المعروف, أن الزيارات الدبلوماسية التي يقوم بها قادة وزعماء الدول, تتضمن بشكل دائم التركيز على عامل المصالح السياسية والاقتصادية, ولكن ما هو لافت للنظر أن زيارة بيرلسكوني لإسرائيل كانت خالية من أي وجود لهذه العوامل.
تضمن جدول أعمال زيارة بيرلسكوني لإسرائيل النقاط الآتية:
• زيارة المناطق الأثرية والدينية اليهودية.
• عقد اللقاءات الرمزية مع القادة والزعماء الإسرائيليين.
• زيارة متحف هولوكوست ياد فاشيم.
• إطلاق التصريحات التي تنطوي على تعظيم مكانة اليهود والإسرائيليين. إضافة إلى التنديد بخصوم إسرائيل.
• إلقاء خطاب في الكنيست الإسرائيلي.
ونلاحظ من خلال هذه النقاط أن زيارة بيرلسكوني لم تركز على عامل المصالح الإيطالية-الإسرائيلية, وإنما ركزت فقط على العامل الرمزي المعنوي.
أين تكمن مفاعيل زيارة بيرلسكوني لإسرائيل؟
يعاني رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني من أزمة سياسية خطيرة, إضافة إلى تزايد ملفات فضائحه الجنسية, وملفات فضائح الفساد المالي, وذلك على النحو الذي جعل من بيرلسكوني منبوذا في أوساط بلدان الاتحاد الأوروبي, حيث لم يعد أي رئيس أوروبي يقبل "على الأقل في الوقت الحالي" بزيارة أو عقد اللقاءات مع بيرلسكوني, وذلك لأن جميع الرؤساء والزعماء الأوروبيون يدركون تماما, بأن أجهزة الإعلام سوف تجعلهم يدفعون الثمن فادحا باهظ الخسارة إذا تجرؤوا واستقبلوا بيرلسكوني.
أما الإسرائيليين, فيعانون أيضا من عزله مشابه, وذلك بسبب مواقف الاتحاد الأوروبي الواضحة إزاء ضرورة تنفيذ حل الدولتين, والاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين, إضافة إلى تداعيات تقرير غولدستون, وما ترتب عليه من جهود منظمات حقوق الإنسان الأوروبية والتي بدأت بشكل حثيث مسيرة اللجوء لاستخدام المحاكم الأوروبية في ملاحقة الزعماء الإسرائيليين.
وتأسيسا على ذلك, فإن زيارة بيرلسكوني لإسرائيل تمثل تجسيدا واضحا لطرف مأزوم يلتقي بطرف مأزوم آخر, وبالتالي, فإن القضية واحدة, والعدو واحد وهو الفضاء الأوروبي, والذي بدأ في إيطاليا بملاحقة بيرلسكوني, وبدأ في بريطانيا بملاحقة تسيبي ليفني.
تشير معطيات خبرة الأحداث والوقائع الجارية, إلى أن بيرلسكوني, يرتبط بروابط صداقة وثيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو, وبدرجة أكبر مع وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان, وتقول المعلومات والتسريبات بأن بيرلسكوني كان هو الزعيم الأوروبي الوحيد الذي رفض الاعتراض على توسيع الاستيطان, وأكد على أن إيطاليا, وإن كانت تؤيد اتفاقيات أوسلو, فإنها لن تعترض على قيام أو عدم قيام الدولة الفلسطينية, وذلك, لأن المفاوضات مع الفلسطينيين-بحسب رأي بيرلسكوني- هي شأن إسرائيلي داخلي.
صعد بيرلسكوني إلى منصب رئيس الوزراء الإيطالي بدعم أصوات الناخبين الإيطاليين, ولكنه, وخلال زيارته الحالية لإسرائيل اختيار تحت ضغط الفضائح, أن يكافئ الإيطاليين ليس بإدارة ظهره لهم وحسب, وإنما بالحط من قدر الكرامة الوطنية الإيطالية, وتقول سخرية القدر, في هذا الخصوص أن بيرلسكوني, قد وصف نضال وكفاح الإيطاليين ضد الفاشية والنازية خلال الحرب العالمية الثانية, بأنه كفاح ونضال كان الشعب الإيطالي يهدف من ورائه إلى تطهير نفسه من ذنب اضطهاد اليهودية والصهيونية.
وأكد بيرلسكوني, بأنه سوف يواصل في عملية تطهير النفس الإيطالية من هذا الإثم والذنب العظيم, من خلال مساندته للمزيد من الضغوط والإجراءات المتشددة ضد إيران, وحلفائها, وعلى وجه الخصوص منظمات المقاومة الفلسطينية, والتي وصفها بيرلسكوني بأنها منظمات إرهابية, تسعى إلى قتل الروح المشتركة الإيطالية-الإسرائيلية, وهي الروح التي تجسدت في ثنائية روما-أورشليم التي أهدت العالم الإنساني الثقافة والفلسفة على مدى آلاف السنوات!!!.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد