تشكيك بقدرة سوريا وإيران وتركيا على المساعدة في العراق
الجمل: على مدى خمسة عشر يوماً، تناولت التقارير والتحليلات تتناول تقرير لجنة بيكر- هاميلتون (مجموعة دراسة العراق)، والذي تم رفعه إلى الإدارة الأمريكية في نهاية الأسبوع الأول من هذا الشهر.
أكثر التوصيات التي تركز حولها الجدل تمثلت في تلك المتعلقة بـ:
- انسحاب القوات الأمريكية من العراق.
- إشراك دور الجوار الإقليمي للعراق في حل الأزمة.
نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، العديد من الأوراق السياسية حول توصيات تقرير اللجنة، وبسبب ارتباط هذا المعهد بالسياسة الإسرائيلية، وبمنظمات اللوبي الإسرائيلي، وبجماعة المحافظين الجد، فقد كان اللافت للنظر أن الأوراق السياسية التي نشرها موقع المعهد، ركزت على الآتي:
• الدول المجاورة للعراق، هي: الكويت، السعودية، الأردن، سوريا، تركيا، وإيران.. ولم تركز أوراق المعهد إلا على ثلاثة منها، هي: تركيا، إيران، وسوريا.
• تضمن تقرير لجنة بيكر- هاميلتون 73 توصية، ركزت أوراق المعهد فقد على توصيتين منها، هي: مسالة انسحاب القوات الأمريكية، ومسألة إشراك دول الجوار.
تناولت ثلاثة أوراق سياسية نشرها معهد واشنطن في الأسبوعين الماضيين، موضع إشراك سوريا، وكانت هذه الورقة على النحو الآتي:
- ورقة سيزويكاز، وحملت عنوان: (إشراك سوريا: البدائل للنظام).
- ورقة سيزويكاز، وحملت عنوان (استجابة سوريا لتقرير بيكر- هاميلتون).
- ورقة دينيس روس، وحملت عنوان (مسائل داخلية).
الورقة الأولى التي قدمها سيزويكاز، كانت تتحدث عن الدور المفترض للمعارضة السورية، وبرغم تحاملها ضد سوريا، إلا أن كاتبها، اعترف في النهاية بعدم فعالية أي دور مفترض لهذه المعارضة، وذلك بسبب عدم وجود أي عمق شعبي مساند لها داخل سوريا، وكانت ورقة دينيس روس تستند على أطروحة موحدة خاصة بسوريا وإيران، تقوم على افتراض الكاتب الذي زعم فيه بأنه من الواقعي بالنسبة له أن يتوقع قيام سوريا وإيران بتقديم المساعدة في عملية إحراز التقدم المطلوب أمريكياً في العراق، كذلك يشدد دينيس روس على أن العامل الحاسم في الملف العراقي هو حصراً العامل الداخلي، ومن ثم يطالب بعدم انسحاب أمريكا من العراق قبل قيام القوات الأمريكية بفرض السيطرة الكاملة على أوضاع العراق الداخلية.
أما الورقة الثانية التي قدمها المعهد وكتبها سيزويكاز، فقد كانت أكثر تفصيلاً في تحليل العلاقة المباشرة بين سوريا وتوصيات لجنة بيكر- هاميلتون.
تمدد الورقة أربعة نقاط، ويمكن استعراضها على النحو الآتي:
• الخلفية: كيف تم النظر إلى العراق وتغطيته:
يبدأ سيزويكاز هذه النقطة باتهام سوريا بأنها قامت برسم وتقديم صورة سلبية للوضع في العراق، إضافة إلى انتقاد الكاتب للصحافة السورية بسبب وصفها للغزو الأمريكي باعتباره إعادة إنتاج لتاريخ السيطرة الغربية الاستعمارية الطويلة في الماضي. ويمضي كاتب الورقة نحو انتقاد آخر، يدعو فيه لعدم الربط بين المصالح الأمريكية والمصالح الإسرائيلية، في الاعتبارات المتعلقة بالملف العراقي!!
• الصحافة السورية ومجموعة دراسة العراق (لجنة بيكر- هاميلتون):
يقول سيزويكاز: إن الصحافة السورية كانت واضحة ومباشرة في تطرقها وتحليلها للجنة بيكر- هاميلتون، ويلخص اتجاهات الرأي في الصحافة السورية بأنها ركزت على مضمون تقرير اللجنة الذي يحمل توصياتها، باعتباره تقريراً يهدف إلى تقديم البدائل الأخرى التي توفر للإدارة الأمريكية المخرج من ورطتها، كذلك يضيف الكاتب منتقداً الصحافة السورية في إكثارها من استخدام كلمة الـ(فشل) في وصف الأداء الأمريكي في العراق على الصعيدين السياسي والعسكري..
• استجابة ورد فعل الحكومة:
وفي هذه النقطة يقول الكاتب (لم تصدر الحكومة السورية أي تصريحات رسمية حول تقرير مجموعة دراسة العراق، لا في الصحافة المحلية ولا في العالمية. والمسؤول السوري الوحيد الذي علّق على مجموعة دراسة العراق هو السفير السوري في واشنطن، عماد مصطفى، والذي سبق وأن نسق لقاءات نيويورك بين أعضاء مجموعة دراسة العراق والسيد وليد المعلم، وزير الخارجية السوري، خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2006م. وقد رحب السفير عماد مصطفى بشكل متكرر باقتراح إجراء المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وسوريا وإيران، مشدداً على الدور البنّاء الذي يمكن أن تقوم به سوريا وإيران في تحقيق استقرار العراق. وخلال فترة السنوات الأربع التي قضاها السفير السوري في عمله، كان يشدد على مزايا وفوائد الحوار في كل اللقاءات والأحاديث. والحكومة السورية على أية حال قد جعلت فرص الحوار صعبة، وذلك بسبب تورطها في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وسماحها لزعيم حركة حماس خالد مشعل بالإقامة في دمشق. وما هو مترادف في ذلك، يتمثل في أن دور السفير السوري مصطفى باعتباره المحامي المدافع عن سوريا من أجل الحوار لا تعكس تصريحاته أي رغبة لدى دمشق في احداث تغييرات في السياسة.
وحول المسألة المتعلقة بمساعدة الولايات المتحدة في إرساء الاستقرار بالعراق، قامت الحكومة السورية بتحديد مواقفها السياسية عن طريق التصريحات والأفعال، واستناداً إلى صحيفة الأيكونومست، فقد أوضح الرئيس السوري بشار الأسد إلى المبعوث البريطاني السير نيغيل شينوالد أربعة شروط للتعاون الإقليمي الواسع:
- وضع حد لتحقيق الأمم المتحدة دور سوريا في اغتيال الحريري.
- ضمان أن واشنطن لن تعمل من أجل استهداف النظام السوري.
- عودة الدور السوري في لبنان.
- إعادة مرتفعات الجولان..
وفي نهاية الورقة، يطرح الكاتب استنتاجاته قائلاً: إن الصحافة السورية قد رحبت بأي تغيير في سياسة الولايات المتحدة في العراق، ولكنها شككت كثيراً بمصداقية بوش في اتباع توصيات اللجنة.
وأخيراً نقول: إن الاتجاه العام في أوراق معهد واشنطن يهدف إلى الآتي:
- التشكيك في جدوى إشراك سوريا وإيران في الملف العراقي.
- قطع الطريق على قيام أي حوار أمريكي يهدف إلى حل الخلافات مع سوريا وإيران.
- نفي أي علاقة لإسرائيل بالسياسة الأمريكية الحالية إزاء العراق.
- وضع المزيد من الشروط التعجيزية أمام الإدارة الأمريكية كي لا تقوم بأي حوار أو تفاهم مع سوريا وإيران.
- استخدام ذريعة دعم ورعاية الإرهاب كوسيلة لتشويه صورة سوريا وإيران أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي.
وعموماً يمكن القول: إن توجهات الصحافة السورية إزاء غزو العراق، ولجنة بيكر، أكدت صحتها الوقائع، فالصورة القاتمة التي رسمتها الصحافة السورية بالعراق هي ما حدث بالفعل في الواقع وقد اعترفت الصحافة الأمريكية بذلك، إضافة إلى أن الشعب الأمريكي نفسه قد أدرك ذلك، وعاقب الرئيس بوش والحزب الجمهوري بإسقاطهم في انتخابات الكونغرس الأخيرة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد