تقرير بتراوس سيقرر مستقبل العراق
الجمل: سوف يقوم الجنرال بتراوس، قائد القوات الأمريكية الموجودة في العراق حالياً بتقديم تقريره أمام الكونغرس الأمريكي، حول التطورات الجارية حالياً في العراق، وتقديره للأوضاع المستقبلية المحتملة.
• تقرير بتراوس.. الأهمية والدور الوظيفي:
اكتسب التقرير الذي سوف يقدمه بتراوس أهمية كبيرة، وذلك عندما تم استخدامه بواسطة الرئيس بوش وأعضاء الكونغرس من الجمهوريين كـ(مخرج) خلال المواجهة السياسية التي جرت في الكونغرس الأمريكي بين الجمهوريين المؤيدين للحرب، والديمقراطيين الرافضين للحرب، والمطالبين بسحب القوات. وقد تم التوصل في جلسة الكونغرس إلى حسم أمر موضوع الانسحاب والاستمرار في حرب العراق إلى حين قيام الجنرال بتراوس بتقديم تقريره حول الموقف العسكري الميداني، ومدى التقدم أو الإخفاق في استراتيجية زيادة القوات التي تم البدء بتطبيقها فوراً عقب إعلان الرئيس بوش عنها في خطابه عن حالة الاتحاد الذي قدمه للشعب الأمريكي في مطلع كانون الثاني الماضي.
• تقرير بتراوس.. الحقيقة الواضحة أم (المناورة) والخداع:
استخدام التضليل هو أمر درجت عليه كل الإدارات الامريكية، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة، ففي مطلع تشرين الثاني 1967م، قام الرئيس الأمريكي ليندون جونسون بتصعيد حملة إعلامية هدفت إلى إقناع الشعب الأمريكي بأن النصر في فيتنام أصبح ممكناً ووشيكاً، وذلك عن طريق تقديم ونشر التسريبات الإعلامية التي تؤثر على الرأي العام الامريكي، في الاتجاه القائل بأن الأداء السلوكي الأمريكي الميداني في حرب فيتنام في تقدم مضطرد، ويحرز المزيد من التطورات والانتصارات يوماً بعد يوم.
ما حدث خلال تشرين الثاني 1967م بواسطة إدارة ليندون جونسون، أصبح يحدث الآن بواسطة إدارة بوش، ووفقاً لسيناريو أكثر تطوراً، ومن الملامح البارزة لسيناريو الإدارة الامريكية القديم- الجديد، نجد:
- نشر المعلومات حول انخفاض أعمال العنف والتمرد في منطقة بغداد.
- نشر المعلومات حول عدم النجاح في بناء القوات العراقية وذلك بسبب عدم توافر الظروف المناسبة، والخوف من اختراق الميليشيات العراقية لهذه القوات.
- نشر المعلومات حول تزايد الدور الإيراني، وأنشطة النظام الإيراني الهادفة إلى السيطرة على العراق بعد الانسحاب الأمريكي.
- نشر المعلومات حول عدم تعاون السعوديين في توفير الدعم والمساعدة لأمريكا من أجل استقرار العراق، وبالتالي لن تستطيع أمريكا التخلي عن العراق طالما أن سورية وإيران تهددان العراق، والسعودية حليفة أمريكا غير قادرة على القيام بشيء إضافة إلى أنها تقوم بدعم التمرد السني.
- منع الأتراك من القيام بأي عملية اقتحام عسكري لشمال العراق، وفي الوقت نفسه دعم الجهود التركية الهادفة إلى إبقاء الجيش التركي على الشريط الحدودي التركي- العراقي، وذلك بحيث تظل حالة التوتر مستمرة، على النحو الذي يخلق شعوراً متزايداً لدى الأمريكيين بضرورة بقاء أمريكا في العراق من أجل منع الاقتحام التركي وحماية أرواح المدنيين الأكراد الموجودين في شمال العراق.
- نشر المزيد من المعلومات حول الأسلحة الإيرانية التي يتم إدخالها.
• ماكينة إعلان المحافظين الجدد وتمهيد المسرح لتقرير بتراوس:
تحدث الصحفي الأمريكي جورغي ماريسكال، المختص بالشؤون العسكرية والذي اشترك في حرب فيتنام، بأن ماكينة إعلام المحافظين الجدد تقوم حالياً بتنفيذ واحدة من أكبر عملياتها النفسية منذ فترة غزو واحتلال العراق في مطلع عام 2003م، وتحاول هذه الماكينة نقل الرسائل الآتية إلى الرأي العام الأمريكي.
- ان الجنرال بتراوس شخص موثوق به ويتمتع بالمصداقية العالية في أداء واجباته العسكرية والوطنية.
- ان تقرير بتراوس سوف يكون نهائياً بالنسبة لإدارة بوش في تحديد موقفها الحاسم إزاء استمرار الوجود العسكري الأمريكي في العراق.
- أدت زيادة أعداد القوات الأمريكية تحت قيادة الجنرال بتراوس إلى تسخن مضطرد في الأوضاع الأمنية الميدانية داخل العراق.
- التغيير المطلوب بواسطة الأمريكيين، يمضي ببطء ويحتاج إلى المزيد من الوقت، والقوات، والمال.
- الأهداف التي تم تحديدها استطاعت القوات الأمريكية تحت قيادة الجنرال بتراوس تنفيذ معظمها، ولكن ظهرت المزيد من الأهداف الفرعية والجديدة، والتي يتطلب تنفيذها المزيد من التركيز والوقت والقوات والمال.
- المعارضون العراقيون الذين كانوا يشكلون مصدر الخطر أصبحوا أكثر تعاوناً مع القوات الأمريكية، ودخلت بعض الأطراف السنية العراقية في (شراكة) مع القوات الأمريكية في محاربة الإرهاب في العراق، ويتوجب على القوات الأمريكية البقاء لفترة أطول داخل العراق من أجل تطوير هذه الشراكة على النحو الذي يتيح لأمريكا بناء المزيد من الحلفاء في الحرب المفتوحة ضد الإرهاب في المنطقة.
- لابد من استبدال حكومة نوري المالكي، والقيام بتشكيل حكومة عراقية جديدة تتميز بالقوة والفعالية، وذلك لأن حكومة نوري المالكي كانت ضعيفة، وقد أدى ضعفها إلى تأخير تنفيذ الكثير من المهام والواجبات، إضافة إلى أنها كانت غير قادرة على الاعتماد على نفسها، وقد أدى ذلك إلى انشغال القوات الأمريكية بعملية دعم وتعزيز حكومة المالكي، وهو أمر ترتب عليه تأخير وتأجيل القوات الأمريكية لتنفيذ الكثير من الأهداف والتي كان يمكن تنفيذها لولا ضعف حكومة المالكي، وبالتالي فإن القوات الأمريكية يجب أن تبقى في العراق لفترة أطول، إلى حين يتم تعيين الحكومة العراقية الجديدة، وتتولى مهامها، ويقوم الأمريكيون بتقديم المساعدات لها من أجل الاعتماد على نفسها.
• تقرير الجنرال بتراوس.. طلقة بوش الأخيرة:
عندما تم تعيين الجنرال بتراوس قائداً للقوات الأمريكية الموجودة في العراق، كتب توماس دونيللي أحد زعماء جماعة المحافظين الجدد تحليلاً نشره موقع معهد المسعى الأمريكي بتاريخ 16 كانون الثاني 2007م، (بعد سبعة أيام من خطاب بوش الذي أعلن فيه استراتيجية العراق الجديدة)، وكان عنوان التحليل (المحاولة الأخيرة، وبالنتيجة استراتيجية أفضل) وقد كان التحليل يركز بالكامل على الجنرال بتراوس باعتباره رجل المهمة، وإذا كان مونتيغومري قد استطاع إحراز الانتصار الذي غيّر مجرى الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء، فإن بتراوس سوف يكون مونتيغومري الذي سوف يقوم بتغيير مسار حرب العراق لصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
والآن على ما يبدو، فإن الجنرال بتراوس، أصبح مطلوباً منه القيام بمهمة بديلة لمهمته العسكرية الميدانية التي فشل فيها.. وبكلمات أخرى فإن على بتراوس أن يكتب تقريراً على النحو الذي تستخدمه إدارة بوش كقارب للنجاة.. من مواجهة الكونغرس.. وتقول المعلومات بأن الجنرال بتراوس برغم ارتباطه وتأييده الشديد لإدارة بوش، فإنه بعد مسلسل فضائح رموز جماعة المحافظين الجدد فضيحة سكوتر ليبي، فضيحة ولفوفيتز، فضيحة كارل روف، وغير ذلك من الفضائح التي كان آخرها فضيحة غونزاليس وزير العدل الأمريكي، وهي جميعاً جعلت الجنرال بتراوس أكثر تردداً في المعاملة بتاريخه العسكري ومنصبه العسكري الرفيع. وتقول بعض المعلومات ان الجنرال بتراوس برغم كل شيء، فقد يضطر إلى التراجع عن دعم بوش الذي أصبح كل من في داخل وخارج الإدارة الأمريكية يعرف تماماً أن الرهان على بوش في هذه الأيام وتحت هذه الظروف هو بكل تأكيد رهان خاسر لا محالة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد