تل أبيب وإدارة الصراع اللبناني عبر الوكيل الأمريكي
الجمل: شهدت العاصمة اللبنانية بيروت يوم أمس الجمعة زيارة يوم واحد قام بها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن التي سبقتها زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية. هذا وبرغم أن الطرفين قد أكدا حرص إدارة اوباما على عدم التدخل لجهة التأثير على الانتخابات فإن تصريحات بايدن وكلينتون كشفت عن المزيد من التوجهات التدخلية الأمريكية في هذه الانتخابات.
* ماذا تقول المعلومات؟
جاء جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي إلى بيروت مساء أمس الجمعة وتضمنت تصريحاته الآتي:
• التأكيد على التزام الولايات المتحدة بجهود إحلال السلام الشامل في الشرق الأوسط بما في ذلك لبنان.
• التأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم سيادة واستقلال لبنان.
• مطالبة اللبنانيين بضرورة عدم الوقوف إلى جانب المعسكر المعادي لتحقيق السلام.
وأشارت المعلومات إلى أن بايدن عقد اللقاءات الآتية:
• الأطراف الرسمية: التقى بايدن مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الدفاع الياس المر.
• الأطراف غير الرسمية: التقى بايدن مع زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري وبعض زعماء وقادة تحالف 14 آذار.
يعتبر نائب الرئيس الأمريكي بمثابة أكبر مسؤول أمريكي يقوم بزيارة لبنان خلال الـ26 عاماً الماضية، وهو ما يعكس في حد ذاته مدى الاهتمام الأمريكي بالتطورات السياسية اللبنانية الحالية.
* القراءة في جدول أعمال بايدن:
جاء بايدن إلى بيروت وقبلها كان في جولة في منطقة البلقان وتقول المعلومات والتقارير أن نائب الرئيس الأمريكي سعى إلى القيام بدبلوماسية وقائية تهدف إلى الآتي:
• دعم حلفاء أمريكا في البلقان وتحديداً زعماء إقليم كوسوفا وتطمينهم إلى أن واشنطن ما تزال إلى جانب استقلال الإقليم.
• دعم حلفاء أمريكا اللبنانيين وتحديداً زعماء 14 آذار وبأن واشنطن ستتمسك بالوقوف إلى جانبهم.
ما يمكن ملاحظته في خلفيات جولة بايدن وتحديداً إلى لبنان يتمثل في الآتي:
• تهديد اللبنانيين بأن واشنطن سوف لن تقوم بتقديم المساعدات لهم إذا صوت الناخبون إلى جانب تحالف 8 آذار.
• التأكيد لزعماء 14 آذار بأن واشنطن ستتمسك بالوقوف إلى جانبهم طالما ما زالوا قادرين على الفوز بالانتخابات والاحتفاظ بالأغلبية البرلمانية.
• إطلاق الإشارات الخاطئة للرأي العام عن طريق وصف تحالف 8 آذار بأنهم يسعون إلى إفساد مسيرة السلام بما يفيد بوضوح أن واشنطن ستنظر إلى مجلس النواب القادم والحكومة اللبنانية القادمة في حالة فوز 8 آذار على أساس اعتبارات أنهم معادون للسلام.
هذا، ويعتبر جو بايدن من أكثر العناصر تشدداً في الإدارة الأمريكية الجديدة وبرغم انتمائه للحزب الديمقراطي فقد ظل أكثر اهتماماً خلال إدارة بوش بالوقوف إلى جانب الجمهوريين في الكونغرس، ومن أكثر المواقف التي أكسبت جو بايدن الشهرة ما تمثل في استمراره بتقديم طلب للكونغرس الأمريكي السابق لجهة حث الإدارة الأمريكية الجمهورية السابقة بضرورة التحرك الفوري من أجل تقسيم العراق إلى ثلاث دول.
* تل أبيب وإشكالية إدارة الصراع اللبناني عبر الوكيل الأمريكي:
لا توجد مصالح أمريكية في لبنان وإنما توجد المصالح الأمريكية في الخليج العربي والسعودية وما يوجد في لبنان حالياً هو مصلحة إسرائيلية تتضمن استخدام وتوظيف قدرات الدولة اللبنانية في إدارة الصراع الإسرائيلي – السوري والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، والصراع الإسرائيلي – الإيراني، وما يمكن ملاحظته بوضوح أن الرئيس الإسرائيلي أو رئيس الوزراء الإسرائيلي وغيرهم، لن يستطيعوا مخاطبة الرأي العام اللبناني أو إطلاق التصريحات التي تحاول التأثير على خيارات اللبنانيين الانتخابية وذلك لأن الزعماء الإسرائيلي يعرفون سلفاً رد الفعل اللبناني المتوقع.
فإن تواجد نائب الرئيس الأمريكي في زيارة يمكن وصفها بأنها تمت بـ"الوكالة" عن الإسرائيليين عارضاً للبنانيين المفاضلة بين خيار العصا والجزرة. وبكلمات أخرى فقد أوضح جو بايدن أن واشنطن سوف تستخدم المعونات الأمريكية كآلية لمعاقبة اللبنانيين إذا تجرؤا على إسقاط قوى 14 آذار.
تقول سردية المعونات الأمريكية أن واشنطن سبق أن خصصت مساعدات بمبلغ 400 مليون دولار أمريكي –ليس لدعم الاقتصاد اللبناني- وإنما لدعم القدرات العسكرية اللبنانية وتقول المعلومات والتسريبات أن الجزء القليل من هذا المبلغ سيتم تقديمه على شكل مركبات عسكرية وأسلحة وأما الجزء الأكبر منه فسيتم إنفاقه على برامج التدريب التي ستشرف عليها واشنطن.
* الانتخابات اللبنانية ولعبة الطرف الثالث:
برغم استطلاعات الرأي التي أشارت بوضوح إلى أن قوى 8 آذار ستحصل على الأغلبية في مجلس النواب اللبناني الجديد وبرغم استسلام زعماء قوى 14 آذار لمعطيات هزيمة الأمر الواقع فإن الأطراف الخارجية وتحديداً حلفاء قوى 14 آذار في الساحتين الإقليمية والدولية أصبحوا هذه الأيام أكثر نشاطاً وجهداً إزاء القيام بحث زعماء 14 آذار على التمنع والحيوية والاستمرار في خوض المنافسة في حملاتهم الانتخابية.
تقول المعلومات والتقارير أن المال السياسي سيلعب دوره المعهود في الانتخابات اللبنانية القادمة وتشير التوقعات إلى أن أموال الدعم التي وصلت لزعماء قوى 14 آذار سوف لن يقوموا بإنفاقها في الحملات الانتخابية، وبكلمات أخرى سوف لن يفِ زعماء 14 آذار بالوعود التي قدموها للمانحين باستغلال هذه الأموال وفي الحملات الانتخابية وتشير التوقعات إلى أن زعماء 14 آذار سيحتفظون بالأموال لمواجهة السنوات العجاف القادمة بعد الانتخابات القادمة خاصة وأن هؤلاء الزعماء أصبحوا أكثر وعياً وإدراكاً بأن المانحين سوف لن يكونوا كرماء معهم في حالة خسارة الانتخابات كما كانوا من قبل!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد