تنامي الإرهاب اليهودي: محاولة اغتيال زائيف شتيرن مثالاً
الجمل: تعمدت وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية عدم تسليط الضوء على حادثة استهداف البروفيسور الإسرائيلي زائيف شتيرن هيل، هذا وكالعادة، لم يتصدى أي محلل سياسي عربي أو حتى فلسطيني لهذه الحادثة التي تمثل نقطة تحول جديدة بارزة في مسار العملية السياسية الإسرائيلية والتفاعلات البينية اليهودية – اليهودية والإسرائيلية – الإسرائيلية والأمريكية – الإسرائيلية.
* ماذا تقول سردية البروفيسور الإسرائيلي زائيف هيل:
تعرض البروفيسور هيل لهجوم بقنبلة استهدفته في منزله وقد نجا البروفيسور منها، وتقول المعلومات والتسريبات بأن التفسيرات ما تزال متضاربة حول هوية من قام بتخطيط وتنفيذ الهجوم ولماذا التكتم ومحاولة تضليل الرأي العام إضافةً إلى العديد من التساؤلات الأخرى:
• يقول أحد التفسيرات بأن الاستهداف تم بواسطة إحدى الجماعات اليهودية اليمينية المتطرفة.
• يقول تفسير آخر بأن أجهزة الأمن الإسرائيلية هي المسؤولة عن الاستهداف.
• يقول تفسير ثالث بأن جماعة المحافظين الجدد هي المسؤولة عن الاستهداف.
• يقول تفسير رابع أن جماعات المافيا الروسية – الإسرائيلية هي المسؤولة عن الاستهداف.
برغم أن تعدد النظريات التفسيرية يساعد من جهة في إلقاء الضوء على أكبر قدر من الاحتمالات الممكنة فإنه من الجهة الأخرى يساعد كثيراً في ضياع الحقيقة بسبب التعقيدات والتشعبات التي يمكن أن تنطوي عليها كثرة الاحتمالات ولكن برغم ذلك ففي حادثة استهداف البروفيسور هيل ثمة توافق وانسجام إزاء خيط معين يبرز بوضوح من بين ثنايا النظريات التفسيرية ويتمثل في طبيعة الأطراف المشتبه في تورطها وبكلمات أخرى فإن ما يربط بين الجماعات اليمينية اليهودية المتطرفة وأجهزة الأمن الإسرائيلية وجماعة المحافظين الجدد وجماعات المافيا الروسية – الإسرائيلية هو في نهاية الأمر شيء واحد أو بالأحرى خيط واحد يتمثل في التقيد حرفياً بتنفيذ بنود خطة التجاوز والتخلص التام كأساس للدفع باتجاه إنجاز المشروع الإسرائيلي الذي يهدف لا إلى السيطرة على الشرقين الأدنى والأوسط فحسب بل والسيطرة على أمريكا نفسها كذلك.
* من هو البروفيسور شتيرن هيل؟
يعتبر البروفيسور شتيرن هيل من أبرز المؤرخين العالميين المختصين في مجال الفاشية ويتولى البروفيسور شتيرن منصب رئيس شعبة العلوم السياسية في الجامعة العبرية ويكتب بانتظام في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، إضافةً إلى انه يعتبر من أبرز الناشطين في حركة "السلام الآن" الإسرائيلية.
ولد البروفيسور شتيرن هيل في العام 1935م في مدينة بيرزميل البولندية وهو ينتمي إلى عائلة علمانية يهودية وكان جده وأبوه يعملان في مجال تجارة المنسوجات وعندما نجحت القوات الروسية في احتلال شرق بولندا توفي أبيه، ولكن بعد ذلك بعدة أشهر وتحديداً عندما تم تنفيذ عملية "بارباروسا" تم إرساله مع عائلته إلى معسكر التجميع المعروف بـ"الغيتو" اليهودي وقتل النازيون أمه وأخته الكبيرة عندما كان عمره سبع سنوات واستطاع عمه أن يقوم بتهريبه إلى الخارج وعاش بقية حياته مع عمه وأسرته وكانوا طوال فترة الحرب العالمية الثانية يتنكرون بالأوراق الثبوتية والهويات التي تزعم بأنهم من الكاثوليك وكانوا يداومون على أداء الطقوس الكاثوليكية كأي كاثوليكي متطرف.
استطاع البروفيسور شتيرن هيل –الصبي آنذاك- أن يعمد نفسه في الكاتدرائية الكاثوليكية وأعطته الكاتدرائية البولندية اسم رييغنيو أورولوسكي وبعدها أصبح يعمل في وظيفة خادم المذبح بالكتدرائية في مدينة كراكوف البولندية.
في العام 1946م وتحديداً عندما كان عمره 11 عاماً غادر إلى فرنسا ضمن قافلة أطفال الصليب الأحمر حيث عاش هناك مع عمته وتعلم الفرنسية والتحق بالمدرسة في أفيغنون الفرنسية.
في العام 1951م عندما بلغ السادسة عشرة من عمره هاجر إلى إسرائيل تحت رعاية وإشراف منظمة شباب عالياه، حيث تم إرساله إلى قرية شباب مجدل، وخلال حقبة الخمسينات من القرن الماضي عمل شتيرن هيل كقائد في مشاة لواء جولاني وشارك في حرب 1967م و1973م وفي لبنان عام 1982م.
درس شتيرن هيل التاريخ والعلوم السياسية في الفترة من 1957م حتى 1960م بالجامعة العبرية وحصل على الدكتوراه في العام 1969م من معهد الدراسات السياسية في باريس وكانت أطروحته بعنوان: "الأفكار الاجتماعية والسياسية لموريس باري".
* ماذا وراء محاولة الاغتيال؟
من المعروف أن حركة السلام الآن لا تجد الكثير من الدعم والمساندة داخل إسرائيل بسبب الطبيعة المتطرفة والتوجهات الاجتماعية العنصرية للمجتمع الإسرائيلي الذي أصبح يمر بمرحلة التحول باتجاه التبني الشامل للمفاهيم الليكودية كأساس للانتماء وبلورة الهوية الإسرائيلية ولكن خطورة حركة السلام الآن تتمثل في الآتي:
• وجود عناصرها داخل إسرائيل.
• قيام الحركة بكشف خفايا والآراء الإسرائيلية.
• نجاح الحركة برغم صغر حجمها داخل إسرائيل من التحول إلى حركة عابرة للحدود.
• تزايد نشاط الحركة في أوساط اليهود الأوروبيين والأمريكيين.
• ظهور المزيد من الفروع العالمية للحركة وبالذات في الولايات المتحدة وكندا وغرب أوروبا.
• التفاف المزيد من اليهود المتعلمين حول الحركة.
• بدأت الحركة في تشكيل لوبي إسرائيلي جديد داخل أمريكا بحيث يعمل كمنافس لمنظمة الإيباك.
تقول التسريبات بأن نشوء اللوبي الإسرائيلي الجديد سيؤدي إلى إرباك الرأي العام الأمريكي إضافة إلى إحداث انقسام داخل اليهود الأمريكيين على النحو الذي يمكن أن يترتب عليه رأي عام يهودي جديد داخل أمريكا.
وتقول التسريبات بأن جماعة المحافظين الجدد ومنظمة إيباك طالبت الإسرائيليين مراراً وتكراراً بضرورة القضاء على حركة السلام الآن وعدم الاستهانة بقدراتها بسبب حجمها الصغير وتأثيرها الهامشي داخل إسرائيل وذلك لأن تأثيرات أطروحة حركة السلام الآن وعلى وجه الخصوص زعماؤها الأكاديميين ستؤدي إلى إلحاق الأضرار الفادحة بأنشطة اللوبيات الإسرائيلية وبكلمات أخرى لن تستطيع هذه اللوبيات الاستمرار في سيناريو مسلسل تضليل الرأي العام الأمريكي والأوروبي الغربي طالما أن حركة السلام الآن تقوم بكشف وتوضيح الحقائق الأصلية.
محاولة الاغتيال لن تكون الوحيدة وعلينا أن نتوقع بأن يتم اغتيال المزيد من زعماء حركة السلام الآن وتشير التوقعات إلى أن الاغتيالات والاستهدافات القادمة لن يتم تحميل مسؤوليتها للجماعات اليمينية اليهودية المتطرفة وإنما للحركات الإسلامية السنية والشيعية المتطرفة بما يؤدي إلى إضعاف حركة السلام الآن ودفع عناصرها باتجاه المزيد من الإحباط والإحساس بالفشل واللاجدوى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد