تنصيب أوباما في يوم ذكرى مارتن لوثر كينغ: صواريخ موجهة ورجال مضللين
الجمل ـ نورمان سولومون ـ ترجمة: مالك سلمان:
بالتواءة بسيطة من القدر صادف خطابُ تنصيب الرئيس أوباما الثاني في 21 كانون الثاني/يناير, وهو يوم عطلة مارتن لوثر كينغ القومية.
لم يأتِ أوباما على ذكر كينغ في خطاب التنصيب قبل أربع سنوات, ولكن منذ ذلك الوقت فعلَ الرئيس كل ما بوسعه – من خلال الكلام والعمل – ليميز نفسه عن الرجل الذي قال "عندي حلم".
بعد خطابه في "الزحف إلى واشنطن من أجل الوظائف والحرية" في آب/أغسطس 1963, استمر كينغ في المجازفة بصفته داعية سلام متقدَ العواطف.
وبعد خطاب التنصيب في كانون الثاني/يناير 2009, اتبع أوباما سياساتٍ تجسد تحذيرَ كينغ السوداوي في سنة 1967: "عندما تتغلب القوة العلمية على القوة الأخلاقية, ينتهي بنا المطاف إلى صواريخ موجهة ورجال مضللين."
لكن أوباما لم يتجاهل إرثَ كينغ المناهض للحرب. فعلى العكس من ذلك, فعل الرئيس كلَ ما في وسعه لتشويهه والتقليل من شأنه.
ففي الشهر الحادي عشر من فترته الرئاسية – وأثناء تصعيده للجهد العسكري في أفغانستان, وهي عملية ضاعفت مستوى القوات الأمريكية هناك ثلاث مرات – سافر أوباما إلى أوسلو ليقبلَ جائزة نوبل للسلام. وفي خطابه, طعنَ بالرسالة السلمية لحائز آخر على جائزة نوبل للسلام: مارتن لوثر كينغ الابن.
تكلم الرئيس بلهجة تشي بالاحترام وهو يشحذ سكينَ البلاغة قبل أن يلويها. "أعرف أنه ليس هناك شيء ضعيف, أو سلبي, أو ساذج في عقيدة أو حياة كلٍ من غاندي وكينغ," قال أوباما, قبل أن يشيرَ بشكل ضمني إلى أن الداعيتين إلى العمل المباشر السلمي كانا, في واقع الأمر, سلبيين وساذجين. حيث أضاف: "أنا أواجه العالمَ كما هو, ولا يمكنني أن أقفَ مكتوفَ اليدين في وجه المخاطر التي تهدد الشعبَ الأمريكي."
وبعد ذلك بلحظات قليلة, كان يحاول تبريرَ الحروب الأمريكية: في الماضي, والحاضر, والمستقبل. قال أوباما: "القول إن استخدام القوة ضروري أحياناً ليس دعوة إلى السخرية, بل إدراكاً للتاريخ وقصورات الإنسان ومحدودية المنطق. أثير هذه النقطة, أبدأ بهذه النقطة لأن هناك شكوكاً عميقة في العديد من البلدان اليوم حول العمل العسكري, بغض النظر عن الأسباب. وفي بعض الأحيان, يترافق ذلك مع شكوك حول أمريكا, القوة العسكرية العظمى الوحيدة في العالم."
ومن ثم برزت اللهجة الشوفينية: "بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبناها, تبقى هذه الحقيقة الواضحة: ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في تدعيم الأمن الكوني لأكثرَ من ستة عقود بدماء مواطنينا وقوة سواعدنا."
يمكن للنعيق حول الفضائل الأخلاقية للحرب أثناء استلام جائزة للسلام أن يبدو غريباً بعض الشيء, لكن بلاغة أوباما كانت متناغمة مع قول مأثور رئيسي من أورويل: "من يسيطر على الماضي, يسيطر على المستقبل؛ ومن يسيطر على الحاضر, يسيطر على الماضي."
في محاولته تسفيه ماضي كينغ المناهض للحرب, مع التبجح بماضي "العم سام" (على الرغم من الاعتراف ﺑ "الأخطاء", وهي إشارة تلطيفية تأملية كلاسيكية إلى المذابح الوحشية من وجهة نظر مرتكبيها), قام أوباما بحشد قدراته البلاغية لتغطية وتبرير عمليات القتل التي سوف تحصل تحت سلطته.
قبل أسبوعين من بدء ولاية أوباما الثانية, أشارت صحيفة "الغارديان" اليومية البريطانية إلى أن "استخدام الولايات المتحدة للطائرات بلا طيارين قد تزايد بشكل كبير في عهد أوباما, حيث فوضَ البيت الأبيض الهجومَ على أربعة بلدان على الأقل: أفغانستان, وباكستان, واليمن, والصومال. ويقدر عدد الغارات الجوية التي قامت بها ‘وكالة الاستخبارات المركزية’ والجيش الأمريكي, بواسطة هذه الطائرات, ﺑ 30 غارة أودت بحياة أكثر من 2,500 شخصاً."
ذكرت الصحيفة أن عضواً سابقاً في "مجموعة مكافحة الإرهاب" التابعة لأوباما خلال حملة 2008 الانتخابية, مايكل بويل" قال إن البيت الأبيض يكذب بشأن عدد القتلى المدنيين الذين يذهبون ضحية الغارات التي تقوم بها الطائرات بلا طيارين, مع وجود معايير مرنة بخصوص توقيت ومواقع الضربات:
"يمكن رؤية النتائج في استهداف المساجد أو الجنازات, مما يؤدي إلى مقتل المدنيين وتمزيق النسيج الاجتماعي للمناطق التي تحدث فيها هذه الغارات. لا يعرف أحد فعلاً عدد القتلى الذين يذهبون ضحية هذه الهجمات في هذه الأراضي النائية والمنفلتة أحياناً."
على الرغم من أن أوباما انتقدَ "الحرب على الإرهاب" في عهد بوش قبل عدة سنوات, كما يشير بويل, إلا أن أوباما "كان قاسياً وغيرَ مبالٍ بالقانون مثل سلفه."
استنتج تقييم بويل – المتناغم مع نتائج العديد من محللي السياسات – أن استخدام إدارة أوباما للطائرات بلا طيارين "يشجع على سباق تسلح جديد سوف يقوي الخصومَ الحاليين والمستقبليين ويؤسس لنظام دولي أكثرَ عنفاً."
في الأسابيع الأخيرة, وقعَ أكثر من 50,000 أمريكي عريضة ﻠ "حظر الطائرات بلا طيارين المسلحة من العالم". وتقول العريضة إن "الطائرات بلا طيارين المسلحة ليست مقبولة مثلها مثل الألغام الأرضية, أو القنابل العنقودية, أو الأسلحة الكيماوية." كما تدعو الرئيس أوباما "إلى الإقلاع عن استخدام الطائرات بلا طيارين المسلحة, وإلغاء برنامج ‘لائحة الاغتيالات’ بغض النظر عن التكنولوجيا المستخدمة."
اعتمدوا على البلاغة المتغطرسة من على منصة التنصيب. أما روح الدكتور كينغ فسوف تكون في مكان آخر.
تُرجم عن: ("غلوبل ريسيرتش", 19 كانون الثاني 2013)
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد