توافق فرنسي- سوري على حل أزمة لبنان
قالت مصادر متطابقة في دمشق ان جان كلود كوسران مبعوث وزير الخارجية الفرنسي «اتفق» مع المسؤولين السوريين على ان تكون «الخطوة الأولى التي يجب البدء بها لحل الأزمة اللبنانية هي تشكيل حكومة وحدة وطنية» وأن دمشق وعدت كوسران بـ «التشاور» مع حلفائها في بيروت و «ليس الضغط عليهم» وأن يكون الحل على أساس نصوص الدستور اللبناني بما لا يتناقض مع المصالح الوطنية السورية. وكان كوسران أجرى الأسبوع الماضي جلستين من المحادثات مع نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم، ولاحظت المصادر ان اللقاء مع الشرع «اتسم بالمرونة».
وبحسب المصادر نفسها، شرح كوسران، انه وبحكم كونه سفيراً سابقاً في دمشق في بداية التسعينات، من «دعاة الحوار» معها وانه بعد التغيير في قصر الاليزيه هناك «نافذة فرصة» لتطوير العلاقات مع سورية، لكن ذلك «لن يتم من دون دور بناء في لبنان» مشيراً إلى ان عدم اتباع سورية سياسات بناءة في لبنان سيؤدي إلى «إغلاق نافذة الفرصة» وسط اعتقاد فرنسي بأن ذلك ربما يستمر إلى نهاية عهد ساركوزي مع دعوة سورية إلى ضرورة «ألا تكون العلاقة مع دمشق من البوابة اللبنانية».
في المقابل، حرص الجانب السوري على تأكيد وجود «مصالح استراتيجية لسورية في لبنان وانه لا يجوز ان يطلب من دمشق ان تعمل ضد مصالحها»، وفق ما قاله الرئيس بشار الأسد بعد أدائه القسم الأسبوع الماضي. ولاحظت المصادر السورية فرقاً بين «المقاربة» الفرنسية والسياسة الأميركية باعتبار ان واشنطن تريد استخدام لبنان «أداة» في سياساتها في الشرق الأوسط مقابل اهتمام فرنسي بـ «مصير لبنان» ما يدفع إلى الاعتقاد بأن هناك اطرافاً دولية مثل أميركا «لا تريد الحل في لبنان بل الإيحاء بأن سورية هي العقبة»، ولاحظت المصادر ان كوسران حرص على عدم اتباع الأسلوب الأميركي في التعاطي مع دمشق، إذ انه لم يقدم «قائمة مطالب» إليها بل قدم «مقاربة حساسة» آخذاً في الحسبان المصالح السورية. وبحسب هذه المصادر فإن دمشق أكدت لكوسران انها «حريصة على استغلال الموقف الإيجابي الفرنسي وعلى استعداد للتعاون وبذل الجهود الممكنة مع الأطراف المعنية للوصول إلى توافق بين الأطراف اللبنانية بما يساعد على إيجاد حل للمسائل العالقة وفي رأسها الحكومة والانتخابات الرئاسية»، مشيرة إلى ان الأطراف اللبنانية «لن تتنازل عن مصالحها».
وفي مقابل توجيه دمشق «بعض العتب» إلى كوسران بسبب إلغائه زيارته السابقة قبل اجتماعات سان كلو لأطراف النزاع اللبناني ما أعطى الانطباع وكأن فرنسا «مقتنعة بالادعاءات» الموجهة إلى سورية في شأن زعزعة الأمن في لبنان واغتيال النائب وليد عيدو «مثلها مثل غيرها من الدول، التي توجه الاتهامات فور حصول أي جريمة»، فإن المبعوث الفرنسي وجه «الشكر» إلى سورية في شأن عدم عرقلة حصول اجتماعات الحوار اللبناني قرب باريس.
وأوضحت المصادر ان كوسران شرح ما حصل في تلك الاجتماعات و «ما تحقق من إيجابيات وسلبيات» ومنها ان الجانب الفرنسي «توصل الى خلاصة مفادها ان التوصل إلى حل للمشكلة اللبنانية يتطلب التوافق بين جميع القوى وان هذا التوافق لا يمكن ان يتم من دون تأثير أطراف إقليمية وفي مقدمها سورية»، طالباً دعماً سورياً للجلسات الحوارية المقبلة بعد فشل الجلسات السابقة في التوصل إلى «إعلان نيات» على خلفية الخلاف بين قوى 14 آذار والمعارضة في شأن العلاقة بين الحكومة والرئاسة.
وإذ أشارت المصادر إلى ان المعارضة تريد البدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية ثم الانتقال إلى موضوع رئاسة الجمهورية مقابل رغبة الأكثرية في «التزامن» بين المسألتين، قالت ان باريس تريد «دعماً» سورياً لحل الأزمة وان الطرفين توصلا إلى «ان الخطوة الأولى تكمن في تشكيل حكومة وحدة» وان دمشق ستبذل «الجهود الممكنة» لحل الأزمة اللبنانية والوصول إلى «توافق على أساس الدستور» ما يعني ضرورة انتخاب الرئيس اللبناني على أساس غالبية الثلثين في البرلمان.
وكان كوسران اطلع الجانب السوري على اتصالاته مع كل من السعودية وإيران والجامعة العربية، وعلم ان دمشق اطلعت الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد على نتائج زيارة كوسران.
إبراهيم حميدي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد