خارطة طريق التدخل العسكري السعودي الخليجي في الحرب اليمنية
الجمل: شهدت الساحة السياسية اليمنية خلال الستة أيام الماضية تزايداً غير مسبوقاً في حدة المواجهات السياسية والعسكرية، وفي هذا الخصوص تقول المعلومات والتسريبات بأن الأيادي الخفية السعودية ـ الخليجية هي المسؤولة عن موجة العنف السياسي الدامي الجاري حالياً في اليمن: فما هي طبيعة التصعيدات اليمنية الجديدة وإلى أين تمضي وما هي أبعاد قدرة ونوايا الأطراف الثالثة الساعية حالياً لإدارة الصراع اليمني وتوجيهه نحو تحقيق الأهداف والغايات التي تدعم مصالحها؟
* جولة العنف السياسي اليمني المرتفع الشدة: توصيف المعلومات الجارية
تقول المعلومات والتقارير بأن المواجهات السياسية والعسكرية اليمنية، وإن كانت قد أخذت طابعاً منخفض الشدة بعد مغادرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح اليمن للسعودية، فإن هذه المواجهات عادت من جديد لتأخذ طابعاً مرتفع الشدة، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
• قيام قوات الجيش الموالية للرئيس علي عبد الله صالح بعمليات قصف مدفعي مرتفع الشدة ضد مناطق تمركز قوات وعناصر الشيخ صادق الأحمر، زعيم قبيلة حاشد كبرى القبائل اليمنية.
• حدوث اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة بين قوات الجيش اليمني الموالية للرئيس علي عبد الله صالح، والقوات المنشقة عن هذا الجيش والموالية للمعارضة اليمنية والزعيم صادق الأحمر.
• حدوث ثلاثة انفجارات كبيرة، اثنين منها استهدفا مقرات الشرطة في مدينة عدن، والثالث استهدف مبنى رئاسة المخابرات اليمنية.
• قيام القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح بعملية عسكرية واسعة النطاق ضد محافظة أبين اليمنية، بالتركيز على استهداف مدينة مدينة زنزبار الواقعة تحت سيطرة المسلحين التابعين لتنظيم القاعدة، وبعض الحركات السلفية المسلحة.
• قيام قوات الجيش اليمني وقوات الحرس الجمهوري المواليتان للرئيس علي عبد الله صالح بعمليات انتشار عسكري في مناطق العاصمة صنعاء بالتركيز على تطويق مناطق تمركز المعارضة السياسية والعسكرية اليمنية.
• قيام الشيخ صادق الأحمر زعيم قبيلة حاشد، بنشر الوحدات العسكرية المدرعة التابعة له في مناطق العاصمة الواقعة تحت سيطرته، إضافة إلى نشر المزيد من المسلحين والقناصة التابعين له في معظم شوارع وبنايات العاصمة صنعاء.
تحدثت التقارير عن الأداء السلوكي العسكري الجاري حالياً في مسرح الصراع اليمني، وفي هذا الخصوص أشارت التقارير إلى أن القوات اليمنية الموالية للرئيس علي عبد الله صالح، قد شنت عملية عسكرية مرتفعة الشدة ضد محافظة أبين، وذلك عندما قامت قوات قوامها فرقة ضمت اللواء 119 المدرع ـ اللواء 201 المدرع ـ واللواء الآلي 25 باقتحام مدينة زنزبار وضواحيها، الأمر الذي أدى إلى إلحاق الخسائر الفادحة بعناصر تنظيم القاعدة، والجماعات السلفية المسلحة، وأيضاً بقوات الجيش، وبرغم نجاح قوات الجيش في التمركز داخل المدينة والسيطرة على ضواحيها، فإن قوات تنظيم القاعدة، والجماعات السلفية المسلحة، توجهت إلى المناطق الجبلية، وأصبحت تقوم بعمليات عسكرية متقطعة ضد قوات الجيش، الأمر الذي يؤكد بوضوح أن قوات الجيش لن تستطيع البقاء طويلاً في محافظة أبين، وذلك بسبب عدم القدرة على تأمين الإمدادات الكافية، إضافة إلى تمتع قوات تنظيم القاعدة والحركات السلفية المسلحة بدعم وتأييد السكان المحليين، وتشير التحليلات والتوقعات إلى أن قوات الجيش قد تحولت من حالة الهجوم إلى حالة الدفاع، وفي نفس الوقت تحولت عناصر تنظيم القاعدة والجماعات السلفية المسلحة من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، وذلك على النحو الذي يؤكد أن زمام المبادرة قد تحولت من يد الجيش اليمني إلى تنظيم القاعدة والجماعات السلفية المسلحة.
المعركة الكبيرة الثانية اندلعت داخل العاصمة عدن، وذلك عندما قامت وحدات القوات المدرعة والمشاة المؤيدة للمعارضة والزعيم صادق الأحمر، بعملية هجوم مضاد واسع النطاق ضد قوات الجيش اليمني وقوات الحرس الجمهوري المواليتان للرئيس علي عبد الله صالح، الأمر الذي أدى إلى انسحابها إلى خارج مناطق المدينة المؤيدة للمعارضة، وأعقب ذلك قيام الزعيم المعارض صادق الأحمر بتعزيز قبضته العسكرية على معظم المناطق الاستراتيجية العامة داخل العاصمة عن طريق نشر المسلحين إضافة إلى نشر وحدات الفرقة المدرعة الأولى (أربعة ألوية مدرعة كاملة) التي انقسمت عن الجيش اليمني وأعلنت ولاءها للزعيم القبلي صادق الأحمر.
* خارطة طريق التدخل العسكري السعودي ـ الأمريكي: السيناريو اليمني إلى أين؟
سعت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لجهة دعم نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في مواجهة المعارضة الداخلية المتصاعدة، وعلى خلفية تزايد الضغوط السياسية الداخلية، وتعرض الرئيس صالح لمحاولة الاغتيال، فقد سارعت الرياض إلى سحبه وتوفير الإقامة له في أحد المشافي السعودية، وبرغم انتهاء فترة العلاج خلال بضعة أسابيع، فقد ظلت الرياض وواشنطن أكثر حرصاً على بقاء الرئيس صالح في السعودية إلى حين تحقق التهدئة، ويتم إنفاذ سيناريو تمديد فترة بقاء واستمرار الرئيس صالح في السلطة، وفي هذا الخصوص تقول المعلومات والتسريبات، بأن محور واشنطن ـ الرياض قد سعى خلال الثلاثة أشهر الماضية (التي انقضت على بقاء الرئيس صالح) لجهة ترتيب المسرح الداخلي اليمني وفقاً للآتي:
• قيام الرياض بإرسال المزيد من الدبابات والآليات المدرعة بما يتيح رفع قدرات القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح، والتي تضررت بسبب انشقاق الفرقة المدرعة الأولى (تمثل قوام القوات المدرعة في الجيش اليمني) وانضمامها إلى جانب المعارضة والشيخ صادق الأحمر.
• قيام واشنطن بالمزيد من عمليات الرصد وتوفير المعلومات الاستخبارية عن قدرات خصوم الرئيس علي عبد الله صالح، ومناطق تمركز القوات والعناصر المسلحة.
• قيام الرياض بالمزيد من عمليات التفاهم مع زعماء القبائل والعشائر اليمنية بما يؤدي إما إلى خيار دعمهم لاستمرار بقاء الرئيس علي عبد الله صالح، أو لخيار الحياد في الصراع الدائر بين قوات الرئيس علي عبد الله صالح، وقوات المعارضة اليمنية.
• قيام الرياض بالضغط على زعماء عشائر قبيلة حاشد اليمنية، بما يؤدي إلى إحداث الانشقاقات بين أطراف هذه القبيلة ويمنع الزعيم صادق الأحمر من الحصول على دعم قبيلة حاشد التي تمثل أكبر القبائل اليمنية حجماً ونفوذاً.
هذا، وأشارت التسريبات إلى أن خارطة طريق محور واشنطن ـ الرياض الخاصة بإدارة الصراع اليمني سوف تركز على النقاط الآتية:
• استخدام الوسائل العسكرية: التركيز على تزويد قوات الرئيس علي عبد الله صالح بالقدرات العسكرية التي تشمل العتاد والسلاح إضافة إلى المعلومات الاستخبارية الجارية، إضافة إلى قيام الطائرات الأمريكية بتنفيذ الطلعات الجوية السرية، وقصف مناطق تمركز قوات المعارضة.
• استخدام الوسائل الدبلوماسية: التركيز على إعادة إحياء المبادرة الخليجية والتي سبق أن تم تقديمها، وانهارت جهودها في اللحظات الأخيرة، وفي هذا الخصوص سوف يركز محور واشنطن ـ الرياض على رهان أن إضعاف المعارضة عن طريق تكثيف الضربات العسكرية سوف يؤدي إلى إرغام المعارضة على القبول بالمبادرة الخليجية تحت ضغوط الضعف والإنهاك الشديد. وإضافة لذلك القيام بمنع مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي من إصدار أي قرارات أو اتخاذ أي مواقف تضر بموقف الرئيس علي عبد الله صالح.
• استخدام الوسائل السياسية: التركيز على تكثيف التصريحات الأمريكية والسعودية والخليجية التي تطالب أطراف الصراع اليمني بالتهدئة واللجوء للحوار والتفاهم، إضافة إلى استخدام المؤثرات الإعلامية الداعمة لهذه التوجهات.
تشير المعطيات الجارية إلى أن خيار الحرب الأهلية اليمني، أصبح هو الخيار الأكثر احتمالاً، وذلك بفعل تدخل الأطراف الثالثة، وتحديداً السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، واللتان أدارتا دفة الأزمة خلال الثلاثة أشهر الماضية على النحو الذي أدى إلى إفشال جهود التفاهم اليمني ـ اليمني التي حاولت انتهاز فرصة وجود الرئيس علي عبد الله صالح في السعودية، لجهة إعلان إعفائه بشكل رسمي والقيام بتشكيل حكومة انتقالية تضم رموز المعارضة جنباً إلى جنب مع بعض حلفاء الرئيس علي عبد الله صالح. ولكن الأمر لم يكتمل.
والآن، تصاعدت المواجهات باتجاه الخيار الأكثر سوءاً. وهو التصعيد المدمر، باتجاه الحرب الأهلية والتي قد تستمر لبضعة سنوات ولن تنتهي إلا بتقسيم اليمن، على النحو الذي تريده واشنطن، سواء وافقت الرياض وحلفاءها الخليجيين على ذلك أم لم توافق.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد