ديك تشيني في زيارة سرية للمنطقة
الجمل:نشرت وكالة الاسوشيتيد برس، على لسان محررها توماس واقن، تقريراً اخبارياً يقول: إن ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي، قد وصل صباح اليوم إلى بغداد، وقد رفضت السفارة الأمريكية في بغداد أن تؤكد الخبر، ولكنها أضافت بأن زيارة ديك تشيني –غير المعلنة- من الممكن أن يكون الهدف منها القيام بجولة تفقدية ميدانية للقوات الأمريكية الموجودة في العراق.
كذلك صرح المقدم كريستوفر غرافير الناطق الرسمي العسكري الأمريكي في العراق، بأنه لا يستطيع أن يؤكد أن أن ينفي وجود ديك تشيني حالياً في العراق.
كذلك، وبشكل متزامن مع تقرير وكالة الأسوشيتيد برس، قامت صحيفة الواشنطن بوست الصادرة صباح اليوم 23 تشرين الثاني 2006م، بنشر تقرير أعده المحرر روبين رايت، يتعلق بزيارة ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي إلى السعودية صباح غد الجمعة الموافق 24 تشرين الثاني 2006م.
تأتي خلفية جولة ديك تشيني –غير المتوقعة- ضمن بيئة سياسية أمريكية بدأ يشوبها الكثير من التوتر والتعقيد، ويمكن الإشارة إلى أبرز الملامح العامة لهذه البيئة السياسية التي تجلت بعد فوز الديمقراطيين وهزيمة الجمهوريين في انتخابات الكونغرس الأمريكي.
• التوازنات السياسية الداخلية في أمريكا:
يسيطر الديمقراطيون على مؤسسات السلطة التشريعية، ويسيطر الجمهوريون على البيت الأبيض (مؤسسة الرئاسة)، وأجهزة الدولة التنفيذية.. معسكر الجمهوريين يحاول الإبقاء على أجندة المحافظين الجدد في كافة الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية الأمريكية، وبالذات كل ما يتعلق بملفات الشرقين الأوسط والأدنى.
• استراتيجية المخرج والأداء السلوكي المطلوب:
الحزب الجمهوري يضم مجموعتين من المحافظين: مجموعة المحافظين التقليديين التي كانت ترتبط بالرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، ومجموعة المحافظين الجدد المسيطرة حالياً والمرتبطة بالرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الأب. وبسبب الورطة السياسية والهزيمة الانتخابية، بادر الرئيس الحالي جورج بوش الابن بتشكيل مجموعة دراسة العراق، المعروفة باسم لجنة بيكر- هاملتون، إضافة إلى تعيينه لمجموعة مكونة من 41 خبيراً ومستشاراً خاصاً لهاً، بحيث تساعده في مراجعة الأجهزة التنفيذية، ولما كانت مجموعة دراسة العراق، ومجموعة الـ(41)، تضمان عناصر من مجموعة المحافظين التقليديين، فإن كل المعلومات الصادرة في واشنطن أصبحت تؤكد حدوث عملية تطهير وشيكة تطيح بعناصر جماعة المحافظين الجدد الموجودة حالياً في البيت الأبيض والبنتاغون، ووزارة الخارجية الأمريكية.
بدأت أولى خطوات المخرج، من الورطة، بدعم الرئيس الأمريكي لمطالب الديمقراطيين، والمحافظين التقليديين بضرورة الحوار والتفاهم مع سوريا وإيران، وذلك بما يؤدي لحل الأزمة العراقية.. ومن ثم على هذه الخلفية جاءت زيارة وزير الخارجية السوري السيد وليد المعلم إلى بغداد، والتي أدت إلى استئناف كامل العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وبغداد.
• التوازنات داخل الإدارة الأمريكية إزاء سياسة الشرق الأوسط:
إزاء توجهات الرئيس بوش الجديدة، بدأت جماعة المحافظين الجدد تلتف حل ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي، باعتباره رجل الإدارة الأمريكية القوي، والذي ظل خلال الأيام الماضية يطلق الكثير من التصريحات المعاكسة للاتجاه السياسي العام الذي ساد بعد الانتخابات، ورأى معظم المحليين تقريباً أن تصريحات ديك تشيني هذه تؤكد أن الإدارة الأمريكية سوف تستمر في تطبيق سياساتها المتشددة ذات الطابع التدخلي في سائر أنحاء العالم.
• جولة ديك تشيني الحالية: الدلالة والمغزى
بعد زيارة وزير الخارجية السوري إلى بغداد، والإعلان عن لقاء قمة طهران الثلاثي المرتقب الذي يجمع دمشق، بغداد، وطهران من أجل التشاور والتفاهم حول الملفات العالقة في المنطقة، برزت بعض التحليلات، وبالذات في وسائل الإعلام الامريكية التابعة لجماعة المحافظين الجدد، تشير إلى تزايد الشكوك داخل الإدارة الأمريكية، بأن تؤدي قمة طهران الثلاثية إلى التوافق بين دمشق، بغداد، وطهران بشكل قد ينتج عنه ظهور تحالف جديد في المنطقة، يمكن أن يترتب عليه فقدان أمريكا بالكامل لزمام المبادرة والسيطرة في العراق.
يمكن القول: إنه، وضمن هذا الترتيب بالذات جاءت زيارة ديك تشيني غير المتوقعة للمنطقة:
- مخطط الجولة يشير إلى سعي ديك تشيني إلى تعزيز ارتباط بغداد بالرياض، وعلى الأغلب أن يزور ديك تشيني عمان وإسرائيل، وذلك من أجل لملمة أطراف تحالف المعتدلين.
- أهداف الجولة: تهدف جولة ديك تشيني إلى قطع الطريق أمام قمة دمشق، طهران، بغداد.. كذلك تهدف ضمن ما تهدف إلى ابتزاز أموال المملكة العربية السعودية، وفي هذا الصدد كشفت صحيفة الواشنطن بوست أن ديك تشيني سوف يتحدث مع ملك السعودية حول ضرورة دفع السعودية لمبلغ المليار دولار الذي سبق أن تبرعت به لدعم إعادة إعمار العراق، كذلك سوف يطلب منه أيضاً ضرورة تخصيص مبلغ نصف المليار دولار الذي يمثل تكلفة بناء الجدار العازل بين السعودية والعراق، والذي سبق أن كلفت الإدارة الأمريكية السعوديين ببنائه، وأيضاً سوف يتحدث مع السعوديين حول ضرورة إقناع قبائل المملكة السنية (عدد سكان السعودية 25 مليون نسمة منهم 85% سنة) بعدم دعم المتمردين السنة في العراق.
التحرك المضاد الذي يقوم به حالياً ديك تشيني، لا يمكن أن يكون قد حدث بمعزل عن الرئيس بوش، وجماعة المحافظين الجدد وعلى الأغلب، أن يترتب على هذه الزيارة تطور هام في السياسة الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد