سلميَّة .. أم .. مسلَّحة؟

02-08-2011

سلميَّة .. أم .. مسلَّحة؟

الجمل- عبدالله علي: هل الثورة "سلمية" أم "مسلحة"؟ الإجابة عن هذا السؤال دخلت في حيِّز المواقف السياسية المسبقة، وتجاوزت كونها نتيجة يمكن الاستدلال عليها بالبراهين والأدلة. فالقائلون بـ"السلمية" ينطلقون من موقف أزلي معارض لنظام الحكم، ويرون في كل حركة احتجاج ضده، تعبيراً عن قناعتهم السياسية ووسيلةً لتحقيق أغراضهم في التخلص منه، ثم يسبغون على هذه الاحتجاجات ما يتلاءم مع مصالحهم من صفات. متغاضين، عن وعي أو غير وعي، عمَّا يمكن أن يفرزه الواقع من أدلة أو قرائن تتناقض مع تلك الصفات، أو يحاولون تفسير تلك الأدلة والقرائن بطريقة تعسفية وذلك في محاولة منهم لتحييدها وإبقاء الغموض مسيطراً على تفاصيل المشهد. وهو ما يمنع من تشكيل صورة ذهنية واضحة لدى المواطن عن مجريات الأمور من شأنها أن تتنافر مع بناء الوعي الجديد الذي يحاولون تشييده كي يكون منبعاً ثرَّاً للدوافع الثورية المطلوبة لشحن حركة الاحتجاج.
كذلك القائلون بأنها "مسلحة" ينطلقون من موقف أزلي مؤيد لنظام الحكم، ويتعاملون مع الموضوع بنفس الطريقة السابقة لكن بشكل عكسي.
وهكذا نلاحظ أن السؤال المطروح أعلاه، قد استحال إلى نوع من التجريد، وأنَّ "السلمية" أو "المسلحة" أصبحت بمثابة مترادفات لغوية لمصطلح "الحق" و"الباطل" المجردين، فمن يقول بـ"السلمية" كأنه يقول أنا "الحق" وغيري "الباطل" وكذلك الأمر بالنسبة لمن يقول بأنها "مسلحة" يعتقد بأنه الحق وغيره الباطل.
ومن شأن إضفاء التجريد على موضوع السؤال السابق وربطه بالحق والباطل، أن تترتب عليه نتائج في غاية الأهمية:
الأولى، وتتمثل في أن الإجابة عن السؤال تصبح بمثابة المسلمات البديهية التي لا يمكن إخضاعها لمعايير الإثبات أوالنفي بالأدلة والبراهين. وبالتالي سوف يبقى كل طرف متمسكاً بقناعته "السلمية" أو "المسلحة" مهما كانت الأدلة التي تثبت العكس.
الثانية، أنَّ كل طرف ينظر إلى أحداث اليوم، على أنها مجرد احتمال ممكن يساعده على تبرير قناعاته المسبقة، ولا يمكن أن يجذب انتباهه في تلك الأحداث إلا ما يتوافق مع مصالحه وأهدافه، وبالتالي من العبث أن ننتظر وقوع حدثٍ ما ونتوقع منه تغيير قناعة أحد الطرفين. وعلى سبيل المثال فإن لعبة "الفيديوهات" و"الفيديوهات المضادة" لمشاهد العنف المتبادل، ليست الغاية منها إقناع الطرف الآخر، بقدر ما هي توفير التبريرات من قبل كل طرف لنفسه للتمسك أكثر بقناعته المسبقة ذاتها.
الثالثة، يغدو الحوار في ظل النتيجتين السابقتين، أمراً عبثياً ولا فائدة منه، طالما أن كل طرف مؤمن بأنه هو الحق وغيره الباطل.
رابعاً، في ظل إضفاء التجريد على السؤال السابق، فإنه من المؤسف والمؤلم القول بأن الإجابة عليه لن تكون إلا بالقوة، وأن الطرف الأقوى هو من سيحدد الإجابة المناسبة ويقول ما هو الحق وما هو الباطل، بغض النظر عن القيمة الأخلاقية لمفهومي الحق والباطل. وذلك لأن انعدام إمكانية تخلِّي أي طرف عن قناعاته المسبقة وتمسكه بها وإيمانه بأحقيتها، ينقل الموضوع من إطار التفاعل الايجابي بين طرفين مختلفين، الأمر الذي كان يمكن أن يتوافر في الحوار لو أن الموضوع لم يجرَّد، إلى إطار محاولة كل طرف إقصاء الطرف الآخر وإسكات صوته سواء مادياً أو معنوياً أي بالقتل أو الإكراه، وهذا ما يفسر لنا العدد الكبير من الضحايا الذين يسقطون يومياً من الطرفين.
خامساً، الاحتكام إلى القوة وإلغاء دور العقل والحوار، من شأنه أن يهدد الوطن السوري بمخاطر جمة قد يكون أولها الاقتتال المحلي بين الفئات المختلفة، ولا يكون آخرها خطر التدخل العسكري الخارجي الذي ما تزال ظلاله ترفُّ فوق ترابنا. إضافةً إلى إنَّ حسم الموضوع بالقوة لا يمكن أن يعني انتصار طرف وخسارة طرف، لأن القوة لا تولد إلا القهر والقهر لا يولد إلا الكبت والكبت لا يمكن أن يعقبه إلا انفجار جديد، وبالتالي سوف نبقى مهددين بسؤال جديد يدخلنا في متاهة أخرى قد لا نجد السبيل للخروج منها.


التعليقات

يقول قائل: الحق موزَّع في الناس، كلٌ يرى الحق إلى جانبهِ.. ويقول معلمنا: الحق ماسنَّ القوي بسيفهِ ....................... ويقول عبد الله علي:(الاحتكام إلى القوة وإلغاء دور العقل والحوار، من شأنه أن يهدد الوطن السوري بمخاطر جمة قد يكون أولها الاقتتال المحلي بين الفئات المختلفة، ولا يكون آخرها خطر التدخل العسكري الخارجي الذي ما تزال ظلاله ترفُّ فوق ترابنا. إضافةً إلى إنَّ حسم الموضوع بالقوة لا يمكن أن يعني انتصار طرف وخسارة طرف، لأن القوة لا تولد إلا القهر والقهر لا يولد إلا الكبت والكبت لا يمكن أن يعقبه إلا انفجار جديد، وبالتالي سوف نبقى مهددين بسؤال جديد يدخلنا في متاهة أخرى قد لا نجد السبيل للخروج منها.).. أحسنتَ ياعبدالله.. حفظ الله بلدنا الحبيب من كل مكروه..

سيدي المحترم. بغض النظر عن موقفي السياسي، إن كان مؤيداً أم معارضاً. فقد أثبت التاريخ بما لا يدع مجالاً للشك، أن الحركات الشعبية المسلحة والتي تعتمد في أغلب حالاتها على مجرمين سابقين وزعماء عصابات، لم ولن تستطيع الوقوف في وجه جهاز عسكري كبير، ومدرب ومحترف، لذلك فإن رفع السلاح في وجه الجهاز العسكري هو من قبيل الحركات اليائسة والبائسة. وبالرغم من الانجراف الشديد لبعض المؤيدين تجاه تجريم المظاهرات كلها، عن آخرها، فلم أر جهة رسمية واحدة أو جهة إعلامية واحدة تتهم جميع من تظاهروا بأنهم مسلحون، ودائماً ما يجري الحديث عن "جهات مسلحة" تستغل "المظاهرات السلمية" لتحدث حالات من الفلتان الأمني. وفي ظل عدم تمكن المتظاهرين "السلميين" من احتواء الحالات المسلحة، ورفضهم للتعاون مع أجهزة الأمن والأجهزة العسكرية في إلقاء القبض على المسلحين، تصبح بذلك المظاهرات "السلمية" تغطية على "المظاهر المسلحة"، وبالتالي تشاركها إجرامها، وهذا وارد في كل القوانين في العالم "مساعدة المجرمين والتغطية عليهم جريمة تعاقب عليها كل قوانين الدنيا". هذا طبعاً إن اتفقنا على وجود مظاهر مسلحة (أرجو أن لا يتحفنا البعض بمقولة أنها للدفاع عن أنفسهم، فعدا عن أن الدفاع عن النفس ضد الجهاز العسكري السوري المدرب والكبير والمحترف غير ممكن، فإن مجرد وجود مصدر لهذه الأسلحة التي ليس من المعتاد أن يمتلكها مواطن عادي "مثل الآر بي جي وغيره" يشكل نقطة استفهام كبيرة). أما إذا كان هناك من يشكك حتى الآن بوجود "مظاهر مسلحة"، فننصحه بالتوجه مباشرةً إلى حماة لاستئجار منزل فيها ومراقبة الأوضاع عن كثب، وقد تكون بعض أحياء حمص أقرب مسافةً لمن يقيمون في دمشق، وأسهل وصولاً لمن يعتقد أن الجيش سيمنعه من دخول حماة. وأتمنى على من يذهب إلى تلك المناطق أن يدعي مجرد ادعاء أنه من ********، حتى يرى بأم عينه (إن بقي حياً ليعود ويشهد)، نوعية العمليات الإجرامية التي تحدث. نعود لنؤكد، أنه ليست كل المظاهرات مسلحة، وليس كل من تظاهر مجرماً، لكن التغطية على المظاهر المسلحة بالمظاهرات السلمية لا تقدم ولا تؤخر في نفي ما أصبح مؤكداً من وجود مظاهر مسلحة إجرامية تصل إلى مراحل الإرهاب، وعليه فإن الجميع ينتظر الجيش العربي السوري للقيام بواجبه في الدفاع عن أمن هذه البلاد من كافة الأخطار التي تتهددها، سواءً كانت من الداخل أو من الخارج. ودمتم

بس يكون عندك أخ أو أب أو قريب أو جار ويأتيك مقطعا بكيس عندها لن تبقى محتار . بيكفي تنظير كرمال الله

غريب طرح هذا السؤلال الان والاغرب تفسير مايحدث الان على الارض بانه جدلية بين طرفين يراقبون الوضع من على كوكب المريخ ليقرروا مااذا كانت سلمية او مسلحة واعطاء المسلحين ومن يدعمهم منبرا او مكانا على طاولة مستديرة وبالتساوي ليفرضوا شروط التفاوض متزنرين بالشنتيانات والسواطير هذا التبسيط هو بالظبط المنطق الذي يكرس المؤامرةويغذيها انا لا انتمي لا الى معارضة ولا الى موالاة انا انتمي الى وطن جميل احبه اتمنى له كل الخير وهل علينا ان ننتظر حتى يخرب البلد لاسمح الله وتنهال علينا الافلام الوثائقية والمحللون بعد خراب البصرة لياكدوا لنا مانؤكد عليه الان ان هناك مؤامرة كما حدث في لبنان والعراق والامثلة كثيرة ومعظمنا عاش فصولهااذا امنا ان الوطن للجميع علينا ان نتصرف بحضارة وان لا يكون الدافع الا الخير لهذا الوطن المواطن السوري لم يعتد الخيام عاش فاتحا قلبه للجميع متسلحا بعزة نفسه وحضارته وصموده ارجوكم لا تدمروا هذا الوطن الجميل

من يزرع بذور العنف سوف يجني ثماره, آجلاً أم عاجلاً. والعنف لن يولد سوى العنف. على الجميع التفكر بما يقولون ويفعلون في هذه المرحلة/الامتحان؛ فالقول موقف أخلاقي,والفعل كذلك. يجب على كل من يدعي الوطنية والرغبة في التعايش والاختلاف والتعددية نبذ العنف بجميع أشكاله, سواء صدر عن السلطة أو المعارضة. أنا أتفق مع الأستاذ علي في كل ماطرحه. انتبهوا جيداً: نحن نصنع اليوم شكل الوطن القادم.

اكيد سلمية وبدون نقاش واللي بناقش بهالموضوع بكون شبيح أو بوق نظام

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...