سوريا بين مكافحة الإرهاب والحرب على الإرهاب
الجمل: تعمل سوريا على قدم وساق وجنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي من أجل القضاء على خطر الإرهاب، وتساهم بفعالية في الجهود الدولية المتعددة الأطراف لمكافحة الإرهاب، كل دول العالم تقريباً، وليس الأمر حكراً على الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أصبحت تمارس الكثير من الضغوط على كيانات المجتمع الدولي من أجل الانفراج بتوجيه عملية الحرب ضد الإرهاب.
• الخلفية العامة الحالية:
تتميز الخلفية العامة لموضوع القضاء على خطر الإرهاب بالثنائية والازدواج، فأمريكا وبريطانيا وإسرائيل، ولاحقاً فرنسا، تحاول السير في طريق (الحرب) ضد خطر الإرهاب باعتبارها الوسيلة الناجعة لاستئصال خطر الإرهاب، إضافة إلى أن هذه الأطراف تركز على الانفراد بقيادة هذه الحرب والاشتراط على الآخرين أن يسيروا بلا قيد أو شرط أو حتى أدنى تحفظات في دعم هذه الحرب. وعلى الصعيد الموازي يقوم المجتمع الدولي بالسير في طريق الـ(مكافحة) ضد خطر الإرهاب، وذلك لجملة من الأسباب المتعلقة بطبيعة ظاهرة الإرهاب، والتي تشير بوضوح إلى أن الإرهاب ينتمي إلى نوع الجريمة المرتفعة الشدة.. ويحاول المجتمع الدولي وضع الأسس المعرفية الابستومولوجية، والقانونية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، العامة التي يمكن أن تعزز قدرة المجتمع الدولي في مكافحة خطر الإرهاب.
• سوريا بين (مكافحة) الإرهاب و(الحرب) ضد الإرهاب:
برغم الحملة الإسرائيلية- الأمريكية ضد سوريا فيما يتعلق بـ(دورها المزعوم) في دعم ورعاية الإرهاب، إلا أنها ظلت تشارك بفعالية مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، ولما كانت جهود المجتمع الدولي لا تستثني أحداً من المساهمة في الأنشطة والفعاليات الخاصة بمكافحة الإرهاب، فقد اتخذت أساليب أمريكا وإسرائيل وحلفائهما شكلاً نوعياً جديداً في عملية استهداف سوريا.
تم تكوين كيان دولي يحمل اسم مجموعة ايغمونت، وهو منظمة دولية تضم ممثلين لأكثر من 100 دولة، وتختص باستخدام الأساليب المالية في مكافحة خطر الإرهاب، وذلك بتركيز خاص على عمليات غسل وتبييض الأموال، وغيرها من الأساليب التي تستخدم في تمويل المنظمات والعمليات الإرهابية.
عقدت مجموعة إيغمونت عدداً من جلسات العمل خلال الأسبوع الأخير من شهر أيار الماضي، في جزيرة برمودا الكاريبية، وكانت عضوية سوريا من المواضيع الساخنة التي تم طرحها للنقاش وكانت مثاراً للخلاف والجدل، وذلك بسبب اعتراضات الأمريكيين والإسرائيليين وحلفائهم، التي استندت إلى أن سوريا بلداً راعياً للإرهاب، وبالتالي لا يمكن قبول عضويتها في المنظمات التي تعمل في مكافحة الإرهاب، أما المؤيدون لقبول عضوية سوريا فتمسكوا بأن انضمام سوريا ضروري، إضافة إلى أنه حق مشروع وفقاً لميثاق المنظمة:
• اللوبي الإسرائيلي والالتفاف على نظام عمل مجموعة إيغمونت:
جهود عناصر اللوبي الإسرائيلي اتخذت بعداً إضافياً، وذلك عن طريق قيام ماثيو ليفيت الخبير بشؤون الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للوبي الإسرائيلي، بإجراء دراسة تحليلية تهدف إلى استخدام نظرية المؤامرة من أجل تحقيق عدة أهداف، أبرزها:
- إثبات عدم كفاءة وفعالية سباقات عمل القانون السوري.
- إثبات عدم كفاءة وفعالية البنك التجاري السوري.
يقول ماثيو ليفيت:
لقد قامت سوريا بالمصادقة على العديد من التشريعات القانونية التي تؤهلها لنيل عضوية مجموعة إيغمونت، منها القانون رقم 28 (2000) الذي يسمح بإنشاء البنوك الخاصة، القانون رقم 29 (2001) الذي يسمح بتطبيق السرية المصرفية، القانون 59 (2003) الذي يحرم عمليات غسيل الأموال، إضافة إلى إقامة لجنة مكافحة غسيل (تبييض) الأموال وإصدار المرسوم رقم 33 الذي عزز قدرات هذه اللجنة.
وفي تحليله لجدوى التشريعات والمراسيم والقوانين السورية يقول ماثيو ليفيت بأن هذه التشريعات والمراسيم والقوانين لا تلبي المعايير الدولية المطلوبة لمكافحة الإرهاب، وللتدليل على وجهة نظره قال ماثيو ليفيت بأن عام 2005م لم يشهد أي عملية اعتقال أو إدانة أو توجيه الاتهام بالقيام بعملية غسيل وتبييض الأموال.
كذلك أشار ماثيو ليفيت إلى أن المرسوم رقم 33، برغم قيامه بتجريم عمليات غسيل الأموال، إلا إنه لم يقم بإدراج تمويل الإرهاب باعتباره عمل إجرامي.
وبالنسبة للبنك التجاري السوري، فقد أشار ماثيو ليفيت إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية قد أشارت بوضوح في إحدى مذكراتها إلى أن البنك التجاري السوري المملوك للدولة هو مؤسسة مالية ذات علاقة بعمليات غسل وتبييض الأموال.
وعموماً، الفكرة التي يحاول ماثيو ليفيت التسويق لها تتمثل في أن سوريا الراعية للإرهاب، تملك مؤسسات رسمية مالية ضالعة في علميات غسل وتبييض الأموال، وهي تقوم بهذه الأنشطة تحت الغطاء الرسمي، إضافة إلى عدم دقة وكفاية القوانين والتشريعات الخاصة بمكافحة الإرهاب.. وذلك وصولاً إلى دفع أعضاء منظمون باتجاه قناعة تتمثل في أن قبول عضوية سورية لن يقدم شيئاً مجدياً لأنشطة المجموعة، وذلك لأن سوريا لن تقوم بتقديم المعلومات المطلوبة بالشفافية المطلوبة.
إن استهداف خبراء اللوبي الإسرائيلي لسوريا والسوريين ليس بالأمر الجديد، وما هو أكثر خطورة يتمثل في عدم قيام الخبراء -بما في ذلك الخبراء السوريين نفسهم- بالرد على أطروحاتهم وفضحها، ونشرها وتعريف العالم بها، وانها اطروحات ضعيفة هشة غير متماسكة في براهينها العلمية والفرضيات المساندة لها.
إن تقديم البراهين حول كفاءة وفعالية المؤسسات المالية والمصرفية السورية، ليس أمراً صعباً، ولا يتطلب جهداً كبيراً، بل تكفي عملية المقارنة، مجرد المقارنة بين المخالفات المصرفية والمالية ليس في البلدان الغربية، بل وفي جزر الكاريبي والتي تضم جزيرة برمودا نفسها –الدولة المضيفة- وتشير معلومات شرطة اسكوتلانديار البريطانية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي إف.بي.آي إلى إن عمليات غسل الأموال التي تمت في جزر الكاريبي من التهرب الضريبي في بريطانيا خلال عام واحد فقط بلغت أكثر من 10 مليارات دولار.. وبرغم ذلك، لم يتحدث أحد من أعضاء مجموعة إيغمونت عن عدم كفاية أو عدم فعالية القوانين والتشريعات والمراسيم البريطانية في مكافحة أموال الإرهاب.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد