سوريا: تظاهرات مؤيدة وأخرى منددة وكلينتون تتوعد بـ "مقاومة منظمة"
بدأ العد العكسي لجلسة الحوار الوطني السوري في العاشر من تموز الحالي، بعدما اختبرت سوريا تظاهرات الجمعة الأولى بعد مؤتمري الشخصيات والقوى المعارضة في دمشق في الايام الماضية، والتي جاء أكبرها في مدينة حماه حيث أشارت تقديرات إلى تجمع الآلاف في ساحتها الرئيسية، بينما لم تعترضهم قوات الامن، فيما سجلت التقارير سقوط أربعة قتلى في أنحاء متفرقة من البلاد.
وفي هذه الاثناء، كانت المواقف الدولية متضاربة إزاء الموقف من دمشق. وفيما قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن على النظام أن يبدأ عملية الإصلاح وإلا واجه المزيد من «المقاومة المنظمة»، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رفض بلاده نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي منتقدا رفض بعض قوى المعارضة ما يقترحه النظام من إصلاحات، في الوقت الذي كانت باريس تعبر عن استيائها لرفض دول مثل روسيا فكرة تدخل مجلس الامن الدولي في ما يجري. أما وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو فأكد، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني غيدو فسترفيله في اسطنبول، أن «سوريا دولة صديقة لتركيا، ولذلك فإننا نرغب في أن تخرج من العملية الراهنة أكثر قوة واستقراراً». وأضاف أن «الديموقراطية والشفافية ودولة القانون وحرية الصحافة والتعبير هي أهــداف عامـة لتركيـا، ويمكن لألمانيا أن تؤدي دوراً وتقدم إسهامات كبيرة في تحقيق الديموقراطية في الدول العربية». وأشار إلى أن «الأمر المهم هو وقف العنف وبدء عملية إصلاح سياسي في الشرق الأوسط».
وقالت كلينتون، في مؤتمر صحافي مع رئيسة ليتوانيا داليا جريبوسكايتي في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، «يجب أن يبدأوا تحولا حقيقيا إلى الديموقراطية، والسماح باجتماع واحد للمعارضة ليـس كافيا لبلوغ هذا الهدف. لذا أشعر بخيبة أمل من التقارير التي تحدثت عن استمرار العنف مؤخرا على الحدود، وفي حلب حيث تعرض المحتجون للضرب والطعن بالسكاكين من جانب جماعات تابعة للحكومة وقوات الأمن».
وأضافت «من الواضح تماما أن الوقت ينفد أمام الحكومة السورية. إما أن يسمحوا بعملية سياسية حقيقية تتضمن السماح باحتجاجات سلمية في أنحاء سوريا والدخول في حوار بناء مع أعضاء المعارضة والمجتمع المدني، أو مواجهة المزيد من المقاومة المنظمة». وتابعت «نأسف لإزهاق الأرواح وللعنف لكن هذا الخيار يرجع للحكومة السورية. وفي الوقت الحالي نتطلع إلى الأفعال لا الأقوال لكننا لم نر الكثير من الأفعال».
في هذا الوقت، ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن واشنطن تدفع المعارضة السورية باتجاه الحفاظ على الحوار مع النظام بعد ورود تفاصيل عن وثيقة «خريطة طريق» عن الإصلاحات.
ونفى مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية أن «تكون الولايات المتحدة قد تقدمت بخريطة طريق لمعالجة الأوضاع في سوريا تقضي بقيادة الأسد لهذه العملية عن طريق إنشاء مجلس انتقالي تشريعي يمثل المعارضة وحزب البعث». وقال إن «الولايات المتحدة تدعم الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية، وعلى الشعب أن يقرر ما يتعلق بالقرار الذي سيتخذه بالنسبة للرئيس الأسد في المستقبل».
ونقلت الصحيفة عن «مصادر في المعارضة السورية قولها إن المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية يشجعون بشكل سري على مناقشة وثيقة لم تنشر تم توزيعها خلال اجتماع المعارضة الاثنين الماضي في دمشق، ولكن واشنطن تنفي دعمها لها».
وأشارت الصحيفة إلى أن وثيقة «خريطة الطريق»، والتي سيشرف الأسد على تطبيقها، «تدعو إلى انتقال سلمي وآمن لمجتمع ديموقراطي، ومحاسبة المتسببين في الانتهاكات وتعويض المتضررين، والسماح بالتظاهرات السلمية وحرية إعلامية وتعيين مجلس انتقالي. كما تدعو حزب البعث إلى الخضوع لقانون جديد للأحزاب، رغم أنه سيحصل على 30 عضوا في المجلس الجديد المؤلف من 100 عضو في المجلس الانتقالي. ويعين الرئيس الـ70 عضوا الباقين بالتشاور مع مرشحي المعارضة».
وقالت إن خطة «خريطة الطريق» وقع عليها لؤي حسين ومعن عبد السلام، المثقفان في مجموعة تسمى «لجنة العمل الوطني»، واللذان قابلا نائب الرئيس فاروق الشرع قبل الخطاب الأخير للأسد وترأسا اجتماع المعارضة السورية في دمشق الاثنين الماضي. وأضافت أن وائل السواح، العضو الآخر في اللجنة، هو مستشار للسفارة الأميركية في دمشق، لكنه لم يوقع عليها لإبعاد الأنظار عن التدخل الخارجي.
ونسبت إلى المعارض السوري المقيم في الولايات المتحدة رضوان زيادة قوله إن السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد حث الشخصيات المعارضة على إجراء محادثات مع النظام السوري، «لكن هذه الإستراتيجية لن تنجح لأنها تطلب من الأسد قيادة المرحلة الانتقالية وهذا أمر غير مقبول من قبل المتظاهرين وفات أوانه». ونقلت عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية تأكيده أن وزارته «تشجع الحوار الحقيقي بين المعارضة والنظام، وتريد أن ترى سوريا ديموقراطية، ولكن هذا بيد الشعب السوري».
ووصف لافروف، في ختام اجتماعه مع نظيره الفرنسي آلان جوبيه في موسكو، «رفض المعارضة السورية محاورة السلطات بأنه أمر غير جائز». وقال «إذا رأت المعارضة أن مصلحتها في إصلاح المجتمع السوري والدولة فلا يجوز لها أن ترفض هذه الاقتراحات».
وأشار لافروف إلى أن الحكومة السورية تقترح «أشياء مهمة» لا يجوز رفضها، كاقتراح تعديل القانون الانتخابي، وقد نفذت إصلاحات مهمة كإلغاء حالة الطوارئ، وهي الآن بصدد إصلاح الدستور. وقال إنها «أمور في غاية الأهمية، وليست تافهة»، مضيفا أن من يرفضها يضع نفسه في موضع الساعي إلى «تغيير النظام في سوريا» وليس إجراء إصلاحات. وتابع «ونعرف ما قد يؤول إليه ذلك بالنظر إلى الخصوصية المتميزة لنظام هذه الدولة».
وكرر لافروف تأكيده ثبات موقف روسيا الرافض لأي قرار في مجلس الأمن الدولي حول سوريا، مؤكدا أنه ليست هناك بعد ضرورة ملحة في المجلس للتصديق على مشروع قرار حول سوريا. وأضاف أن «روسيا مستعدة للعمل مع شركائها ومع الأسرة الدولية لصياغة موقف موحد يتلخص في تحويل الوضع في سوريا بأسرع وقت ممكن إلى المجرى السياسي». وحذر من المحاولات الجارية لإسقاط نظام الأسد، موضحا أن هذا الأمر سيؤدي إلى عواقب خطيرة.
وكان جوبيه قال، في «مدرسة الاقتصاد العليا» في موسكو، إن «القيادة الفرنسية لا تفهم الحجج والأسباب التي تكمن وراء موقف بعض الدول الرافض، بما فيها روسيا، لتبني مشروع قرار لا ينص على أي تدخل عسكري خارجي في سوريا». واعتبر أن «المجتمع الدولي لا يمكنه أن يتغاضى أكثر عما يجري في هذا البلد، لذا يتوجب على مجلس الأمن أن يتعاطى مع تطورات الأوضاع في سوريا بأسرع ما يمكن من خلال إصدار قرار بهذا الشأن».
في هذا الوقت، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «أربعة من المدنيين وعناصر الشرطة قتلوا، وأصيب آخرون، برصاص عناصر مسلحة استغلت تجمعات للمواطنين عقب صلاة الجمعة، انفض معظمها من تلقاء نفسه بعد أوقات قصيرة».
وأوضحت «أطلق مسلحون النار على عناصر حفظ النظام والشرطة والمواطنين في حي القصور والفاخورة بحمص ما أدى إلى استشهاد شرطي ومدني، وإصابة شرطي واثنين من قوات حفظ النظام». واعتدى «مخربون على الصيدلية العمالية ومقر اتحاد العمال في حمص ما أدى إلى إصابة أحد عناصر حراسته». وفي منطقة القدم في دمشق «قطع مسلحون الطرق وأطلقوا النار باتجاه قوات حفظ النظام والمواطنين ما أدى إلى استشهاد مدني برصاص المسلحين».
وأشار مندوبو «سانا» إلى «تجمعات متفرقة في الميدان وبرزة البلد والقابون في دمشق والوعر وسوق الحشيش والقصور بحمص إضافة إلى تجمعات في بعض مناطق مدينة حماه وبعض مناطق ريف درعا». وأفاد مراسل الوكالة «عن انفضاض تجمعات خرجت في عامودا والدرباسية ورأس العين والقامشلي بالحسكة. وحصلت تجمعات متفرقة في دير الزور ومنطقتي الميادين والبوكمال تفرقت جميعها من تلقاء نفسها».
وقال ناشطون إن «11 شخصا قتلوا، هم تسعة متظاهرين عندما أطلقت قوات الأمن النار عليهم في مدن سورية عدة، إضافة إلى امرأتين جراء قصف الجيش السوري لبلدة البارة في جبل الزاوية» قرب الحدود التركية.
ونقلت رئيسة «اللجنة العربية للدفاع عن حرية الرأي والتعبير» بهية مارديني عن سكان منطقة البارة، الذين اتصلوا بها من هواتف ذات خطوط تركية، ان «التجول في المنطقة الشمالية في البارة بات محظورا» لافتة الى ان «اهالي كفر نبل توجهوا الى البارة لكسر الحصار الا ان الجيش منعهم من الدخول وأقفل المنافذ».
من جهة ثانية، أشار رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي من لندن الى «مقتل شخصين مساء أمس (الاول) احدهما امراة بنار قناص والثاني رجل بنيران رجال الامن في قرية البارة (شمال غرب). وأضاف «كما قتل شخص ثالث في قرية بنين المجاورة».
وذكرت «سانا» أن «بعض أحياء مدينة حلب شهدت تجمعات لعشرات الأفراد الذين صوروا بعضهم بعضا وانفضوا بعد وقت قصير، إلا أن مجموعة من المخربين الغرباء اعتدوا على أصحاب المحلات في حي باب الحديد ودمروا ممتلكاتهم الخاصة ونشروا جوا من الفوضى». وأشار التلفزيون السوري إلى «إصابة عدد من المواطنين جراء تعرضهم للضرب بآلات حادة».
وتحدثت «سانا» عن قيام «مسيرة كبيرة في حلب تعبيرا عن التأييد لبرنامج الإصلاح الوطني وإصرارهم على التصدي للمؤامرة التي تستهدف وطنهم والسير بسوريا إلى بر الأمان». وأشارت إلى أن «الآلاف من أهالي بلدة القريا في محافظة السويداء رفعوا علما للوطن بطول 1700 متر تعبيرا عن دعمهم لبرنامج الإصلاح الشامل بقيادة الأسد وتأكيدا على الوحدة الوطنية ورفضا للتدخل الخارجي».
وأضافت «شهدت منطقة باب توما في دمشق مسيرة ضمت عشرات الآلاف دعما لبرنامج الإصلاح الشامل بقيادة الرئيس بشار الأسد وتأكيدا على الوحدة الوطنية، فيما عبر الآلاف من المواطنين في ساحة الحجاز عن دعمهم لبرنامج الإصلاح ورفضهم للمؤامرة التي تتعرض لها سوريا، ومحاولات بث الفتنة بين أبناء الشعب الواحد».
وكالات
إضافة تعليق جديد