في خضم مناوراتها العسكرية إسرائيل تبعث برسائل سلام إلى سورية
افتتح رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت أمس، مناورة الطوارئ الداخلية الأكبر في تاريخ إسرائيل والمسماة «نقطة التحول الثانية»، بالاعلان «ان الحرب نشبت»، لكنه سرعان ما ارفقها برسالة تهدئة الى سوريا ولبنان مفادها: «لا شأن لنا بإشعال الجبهة الشمالية»، فيما قال وزير الدفاع إيهود باراك لمجلة «در شبيغل» الألمانية ان إسرائيل مستعدة للتفاوض مع سوريا وهي تفهم جيدا المطالب السورية.
وقال أولمرت في مستهل جلسة الحكومة التي اطلقت خمسة ايام من التدريبات الخاصة بالجبهة الداخلية ان «هذه مناورة. السوريون يعرفون ذلك. قلنا مرارا بأننا معنيون بالتفاوض مع سوريا». وأضاف ان إسرائيل غير معنية بمهاجمة سوريا أو لبنان. وسعى الى تخفيف القلق الذي أثاره بدء المناورة بالإعلان عن «ان لا شأن لنا بإشعال الشمال ونحن نتطلع للسلام مع دمشق». وشدد على «أنني أوضح ان الأمر يتعلق بمناورة ولا شيء غير المناورة. السوريون يعرفون ذلك، فوجهة إسرائيل ليست الصدامات أو العنف في الشمال».
وركز أولمرت على «أننا لا نملك خططا سرية، والمناورة ليست جزءا من أي شيء آخر». وأبدى اهتمام إسرائيل بإجراء اتصالات سلمية مع دمشق. وقال «لقد قلنا مرارا ان لنا مصلحة في إجراء مفاوضات مع السوريين، وهم يعرفون ما هي توقعاتنا ونحن نعرف توقعاتهم».
من جهته، أوضح ايهود باراك في مقابلة ستنشر في «در شبيغل» الألمانية، ونشرت مقاطع منها في «معاريف» امس، انه «يمكن لاسرائيل ان تنتصر على سوريا وحزب الله وهي لا تزال الدولة الاقوى في محيط 1500 كيلومتر من القدس، لكن لدينا مصلحة في انهاء المواجهة مع كل واحد من جيراننا. نحن مستعدون للبحث في السلام مع سوريا. ونحن نفهم جيداً المطالب السورية وعلينا ان نكون حساسين. الشروط الاساس للاتفاق بين اسرائيل وسوريا واضحة، ولكن للأسف لا أرى ان السوريين مستعدون».
وأشار المراسل السياسي لـ«معاريف» بن كاسبيت، إلى أنه كان يفترض بباراك ان يسافر في زيارة عمل الى المانيا هذا الاسبوع لكنه اجل سفره في ضوء التوتر على الحدود الشمالية. وقال باراك «الوضع في الشمال متوتر بعض الشيء، وفي مثل هذا الوضع يتعين على وزير الدفاع ان يبقى في الجبهة. حزب الله، حليف سوريا، يمتلك الآن ضعفي او ثلاثة اضعاف الصواريخ او القاذفات الصاروخية التي كانت لديه قبل حرب ,2006 وللسوريين ايضا توجد صواريخ اثقل».
وتعتبر المناورة التي بدأت أمس في إسرائيل أوسع مناورة منظوماتية في تاريخ إسرائيل تشارك فيها الحكومة ومؤسسات الدولة والجيش في كل ما يتعلق بالجبهة الداخلية واستعداداتها لمواجهة الحرب والكوارث. وقد بدأت المناورة الإسرائيلية بأن أعلن أولمرت أثناء جلسة الحكومة الإسرائيلية ان «الحرب قد نشبت» وأعطى اشارة افتتاح غرف الحرب المختلفة في رئاسة الحكومة وفي سلطة الطوارئ القومية وفي وزارة الدفاع ودائرة الطوارئ.
وأعدت المناورة لتحديث عموم الهيئات السلطوية في إسرائيل في إطار العبر المستخلصة من حرب لبنان الثانية والتي تبين فيها أن الهيئات المختلفة لم تكن معدة لساعات الطوارئ والتنسيق بينها كان مختلا. وقد أمرت الحكومة الإسرائيلية بتشكيل سلطة الطوارئ القومية كإحدى العبر المستخلصة من الحرب. وتقود هذه السلطة المناورة التي تستمر خمسة أيــام والتــي تبلغ ذروتها يوم الثلاثاء بإطــلاق الصافرات في جميع أرجاء إســرائيل.
وبحسب الصحف الإسرائيلية، فإن السيناريوهات التي رسمت لهذه المناورة تستند إلى تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية وقيادة الجبهة الداخلية ووزارة المالية وأجهزة الدفاع المدني وهيئة مواجهة الزلازل. ومن المقرر أن تنفذ اليوم الاثنين الوزارات الحكومية المختلفة سيناريوهات فعل محددة، وبينها تجري وزارة الدفاع عملية تقييم موقف وتعمل شركة الكهرباء القطرية بوضع طوارئ.
غير ان المناورة ستصل غدا إلى ذروتها بإطلاق صافرات الإنذار في العاشرة صباحا حيث تشارك السلطات المحلية في المناورة. وسيتم اختبار سيناريوهات كوارث حربية وطبيعية في المؤسسات التعليمية وبعض المؤسسات الصحية. وتستمر المناورة يومي الأربعاء والخميس بمشاركة الجيش ووحدات الدفاع المدني ومختلف الوزارات الحكومية وهيئات الطوارئ.
وفي سياق التوتر مع سوريا، كتب مراسل الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس»، تسفي بارئيل، ان الموقف الإسرائيلي من ذلك متناقض. وأشار إلى أن سبب ذلك يعود الى «الاعتقاد الخاطئ بأنه لا ينبغي التفاوض مع سوريا طالما كانت ضعيفة وغير مهددة، فما هو جوهر الفزع من امكان اندلاع الحرب لحسابات خاطئة وسوء في الفهم؟ الجانب الآخر من ذلك التناقض يقول ان من الاجدر منع السلام فقط مع سوريا القوية والمهددة».
وأوضح أن «المشكلة الاساسية هي ان هذا التناقض ينظر لعلاقات سوريا واسرائيل فقط من خلال المنظور القتالي ويمتنع عن الرؤية السياسية. السلام مع سوريا يعتبر خطوة تكتيكية تكمن اهميتها في منع وقوع خطأ في الحسابات. لو وجدت هناك وسيلة بديلة مثل خط هاتفي أحمر بين دمشق والقدس فلن تكون هناك حاجة للسلام حينئذ، الانسحاب من هضبة الجولان من اجل هاتف احمر ثمن باهظ جداً بلا شك».
أما رافي مان في «معاريف» فكتب انه «بعد حرب يوم الغفران (تشرين 1973) فهم اسحق رابين المعنى الاستراتيجي العميق لإبعاد مصر عن التحالف مع سوريا، في اللحظة التي اخافنا فيها رجال اليمين من ان التنازل عن معبري المتلة والجدي في سيناء سيقرب خراب اسرائيل. رابين كان محقـــا. والآن الوضع مشابه بالنسبة لسوريا. الســـلام مع دمشق هو نقطة ارشمـــيدس الوحيدة التي يمكنها بضـــربة واحـدة ان تغير الميزان الشرق اوسطي».
وأوضح مان ان «لذلك ثمنا: التنازل عن هضبة الجولان، تلك التي كانت تسمى في اسرائيل الهضبة السورية، حتى حزيران ,1967 حتى آخر سنتمتر، بحسب السابقة المصرية الناجحة. القيمة العسكرية للهضبة لاغية في عصر الصواريخ والقاذفات الصاروخية».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد