كيري يعود ليناور فلسطينياً: ترسيخ مصالحة إسرائيل وتركيا

04-04-2013

كيري يعود ليناور فلسطينياً: ترسيخ مصالحة إسرائيل وتركيا

مفتاح مقاربة وزير الخارجية الأميركي جون كيري بشأن الشرق الأوسط هذه الأيام، تطبيع العلاقة بين حليفين رئيسيين، هما إسرائيل وتركيا، وتقليص فجوة الخلاف بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية تمهيداً لمسار مفاوضات لم تتبلور ملامحه بعد.
لا يمكن الحديث عن مبادرة تشبه مؤتمر «أنابوليس» العام 2008، لأن الرئيس الأميركي باراك أوباما ليس مهتماً على الارجح بمتابعة شخصية لملف التفاوض الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ويفضّل ترك التفاصيل المعقدة لكيري وفريق الأمن القومي في البيت الأبيض. ولا يمكن الحديث عن توجه يشبه جهود أيلول العام 2010، حين ضغطت إدارة أوباما على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لوقف الأنشطة الاستيطانية كشرط مسبق لاستئناف التفاوض مع الفلسطينيين. والنتيجة كانت حينها تعثّر المفاوضات بعد أسابيع.
الآن، بعد حوالي 30 شهراً من الجمود، تضع إدارة أوباما مسألة التفاوض الفلسطيني ـ الإسرائيلي على رأس أولوياتها في المنطقة. صحيفة «معاريف» تحدثت عن نية كيري زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية مرة كل أسبوعين في محاولة لإعادة إحياء «مبادرة السلام العربية»، لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند نفت في مؤتمر صحافي بالأمس وضع أي جدول لكيري في هذا السياق، واعتبرت تقرير «معاريف» غير دقيق.
مسؤول إسرائيلي صرّح لـ«معاريف» أن هناك احتمالات جديدة لنجاح المبادرة العربية نتيجة التحولات الإقليمية، داعياً واشنطن إلى إجراء تعديلات مطلوبة على المبادرة لضمان نجاحها. لكن الوقائع الأساسية التي تحكم العلاقة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية لم تتغيّر، كما معضلة التعامل مع قطاع غزة وحركة «حماس» لا تزال قائمة. غزة عادت هذا الأسبوع إلى دائرة التوتر الأمني على الحدود مع إسرائيل لأول مرة منذ اتفاق الهدنة في تشرين الثاني الماضي. نولاند تحدثت عن «ديبلوماسية شخصية» يمارسها كيري وأنها لا تتوقع أن يعلن أي مبادرة في المدى المنظور، بل سيكتفي باستكشاف إمكانية حدوث اختراق في المفاوضات وأن هناك الآن سياسة «لنرى ما هو ممكناً».
قرّر كيري مغادرة واشنطن قبل الموعد المحدّد يوم الاثنين المقبل، والتوقف في عطلة نهاية الأسبوع في أنقرة وبعدها في إسرائيل والضفة الغربية قبل التوجه إلى لندن، تمهيداً لجولة آسيوية تشمل كوريا الجنوبية والصين واليابان للتعامل مع تهديدات كوريا الشمالية. لكن مع جولات كيري المتتالية، خلال أول شهرين من ولايته في «فوغي بوتوم»، كشف موقع «فورين بوليسي» أن هناك مناصب رئيسية في وزارة الخارجية لا تزال فارغة، وأن وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون فاوضت البيت الأبيض ليكون لها يد مطلقة في تعيينات الوزارة، لكن كيري يجد نفسه في مسار تعيينات إدارية يديرها البيت الأبيض و«تتحرك ببطء». الدوائر الرئيسية في الوزارة يديرها مسؤولون بالوكالة ينتظرون مصيرهم الإداري، ومن يقود الوزارة فعليا الآن هو الفريق الذي أتى مع كيري، لا سيما كبير موظفيه ديفيد وايد ونائبه بيل دانفيرز.
هذه الزيارة الثالثة لكيري إلى إسرائيل في غضون أسبوعين، ويبدو أنه يستعيد دور الديبلوماسية الأميركية المكوكية التي كانت تمارسها واشنطن قبل عقود، في محاولة لاستعادة التوازن في المنطقة واحتواء النزاع السوري واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
العرض الأميركي هو ضمانات أمنية من قبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مقابل تنازلات من نتنياهو حول بناء المستوطنات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية، في وقت رفضت فيه السلطة الفلسطينية سابقاً أي استئناف للمفاوضات قبل تجميد كامل للاستيطان. التقارير تتحدث عن طلب كيري من الطرفين مؤشرات حسن نية كخطوة أولى، أي الجانب الإسرائيلي يقيّد النشاط الاستيطاني ويطلق عدداً متفقاً عليه من الأسرى مقابل تعهد السلطة الفلسطينية عدم اللجوء إلى الأمم المتحدة لإعلان الدولة. الطرف الفلسطيني يتمسك حتى الساعة بموقف أن تقوم إسرائيل بتجميد الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى والقبول بحل الدولتين استناداً إلى حدود العام 1967.
يسعى كيري في أنقرة إلى البناء على الاعتذار الهاتفي الذي مهّد له أوباما قبل أسبوعين بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكن يبدو أنه لا يزال هناك حاجة إلى متابعة أميركية لهذه المصالحة الأولية. هناك تحفّظ إسرائيلي ـ أميركي على زيارة أردوغان المحتملة إلى قطاع غزة، ويلمّح المسؤولون الأتراك إلى أن هناك حاجة إلى اتفاق تعويضات لضحايا الاعتداء الإسرائيلي على أسطول «مرمرة» وتخفيف الحصار الإسرائيلي على غزة، مقابل تطبيع العلاقات بين الدولتين. الموقف الأميركي مفاده أنه يجب إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر قنوات متفق عليها لضمان وصولها وتلبية الحاجات الأمنية لإسرائيل. ويتوقع أن يزور وفد إسرائيلي تركيا الأسبوع المقبل لبحث ملف التعويضات.
وترى واشنطن في المصالحة التركية ـ الإسرائيلية مفتاحا لمقاربتها تحديات المنطقة، لا سيما مع وجود فيليب غوردون في صلب فريق أوباما للأمن القومي المعني بالشرق الأوسط وتركيزه على علاقة واشنطن مع أنقرة. لكن أبعد من المصالحة وحتى من النزاع السوري، من أبرز تداعيات هذا التطبيع المستجد هو عرض إسرائيلي لتكون تركيا طريق إسرائيل لمد النفط والغاز إلى الأسواق العالمية، في وقت عادت فيه وتيرة السياح الإسرائيليين إلى تركيا، في عدد وصل إلى 678 ألف سائح العام الماضي.

جو معكرون

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...