لبنان: خبرة صناعة الموت والمؤامرة
الجمل: نشر موقع غلوبال ريسيرش الاليكتروني الكندي تحليلا من إعداد الكاتب المختص في شؤون الشرق الأوسط رامزي بار وقد حمل التحليل عنوان (لبنان وسورية: سياسات الاغتيال).
يقول التحليل، إن اغتيال السياسي اللبناني انطوان غانم في 19 أيلول 2007 هو اغتيال على الأغلب سيتم استخدامه في تعزيز مصالح إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة وقد سار في هذا الاتجاه العديد من الغربيين وبعض الأطراف العربية التسويق لمزاعم أن سورية هي المستفيد الأكبر من موت انطوان غانم عضو حزب الكتائب المسؤول عن الكثير من عمليات سفك الدماء التي حدثت خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت خلال الفترة من عام 1975 إلى 1990.
• الحقيقة والمهمة الصعبة:
إن الأطراف اللبنانية والخارجية والعربية التي تمارس عملية التسويق التي تتهم سورية بالمسؤولية عن عمليات اغتيال النواب اللبنانيين تركز على الزعم بأن سورية بعد انسحابها من لبنان ظلت تحاول التأثير على التوازنات السياسية البرلمانية اللبنانية على النحو الذي يتيح لسورية القيام بعمليات الضبط والسيطرة السياسية على عملية صنع واتخاذ القرار اللبناني.
إن لغز المسؤولية عن الاغتيالات التي حدثت في لبنان خلال الأعوام الثلاثة الماضية هو لغز لا يمكن حله بهذه الطريقة البسيطة السهلة التي تعتمد على استخدام نظرية تحديد هل المستفيد من عملية الاغتيال باعتباره القاتل المسؤول ونظرية تحديد من المستفيد هذه تجد خلفيتها الملائمة وبيئتها المناسبة في الدور الوظيفي المضلل الذي ظل خلال الفترة الماضية يقوم بصناعة الإعلام اللبناني والذي أدى إلى ترسيخ مضمون الخطاب السياسي الذي يدرج كل الساسة اللبنانيين ضمن فريقين لا ثالث لهما: الأول هو المؤيدون لسورية والثاني هو المعارضين لسورية. الأمر الذي أفسح المجال ومهد المسرح على قبول فرضية (من المستفيد) كوسيلة لتحديد الطرف المسؤول عن كل عملية اغتيال ويظهر خطأ هذه النظرية في أن الإجابة على هذا السؤال باستمرار هي سورية... وبتكرار هذه الإجابة بدأ العالم واللبنانيين نفسهم يدركون حقيقة كيف قادهم التساؤل المتعسف إلى إجابة أكثر تعسفا لم تضللهم عن الحقيقة وحسب، وإنما قادتهم على الاتجاه المضاد تماما.. إلى إسرائيل التي ظلت طوال الفترة السابقة تمارس في لبنان واللبنانيين أبشع عمليات القتل والتدمير والتشريد.. وأيضا إلى أمريكا التي ظلت تزود إسرائيل بالمال اللازم وأسلحة القتل المتطورة التي فتكت باللبنانيين والتي إضافة إلى ذلك استخدمت حق الفيتو لمرات ومرات من أجل حماية إسرائيل من الإدانة إزاء جرائمها في لبنان.
• لبنان وخبرة صناعة الموت:
الصراع الطائفي الـ (مسيس) المندمج مع الصراع السياسي الـ (مطيف) ضمن الساحة اللبنانية الموجودة ضمن البيئة الشرق أوسطية، وعلى وجه الخصوص ضمن فرعها الـ (شرق متوسطي) أدت جميعها إلى جعل لبنان يقوم بدور (مختبر التجارب) لكل صيغ وأشكال ونماذج نظرية المؤامرة:
- فصل لبنان عن سورية كان مؤامرة.
- التعداد السكاني الفرنسي في لبنان كان مؤامرة.
- الدستور الطائفي في لبنان كان مؤامرة.
- الاقتحام الإسرائيلي للبنان كان مؤامرة.
- إخراج الفلسطينيين كان مؤامرة.
- تغيب لبنان عن الصراع العربي – الإسرائيلي كان مؤامرة.
وقد أثبتت معطيات خبرة الأعوام الثلاثة الماضية انكشاف المزيد من المؤامرات الحديثة التي ما زالت فصولها وسيناريوهاتها قيد التنفيذ.
• سيناريو اغتيال الحريري بدأ باتهام سورية وإخراجها من لبنان وانتهى بانكشاف أمر الشهود المزورين وقيام المحقق الدولي (اليهودي) الألماني ديتليف ميليس بمحاولة فبركة الأدلة الجنائية.. وبرغم ذلك ما زالت (مؤامرة) التحقيق الدولي مستمرة.
• سيناريو نزع أسلحة حزب الله وتجريد لبنان ومقاومته الوطنية من كافة وسائل الدفاع عن النفس كان مؤامرة انكشفت عند قيام الجيش الإسرائيلي باقتحام جنوب لبنان وبرغم هزيمة هذا الجيش ما زالت (مؤامرة) تجريد لبنان من أسلحة الدفاع عن النفس مستمرة على النحو الذي أخذ طابعا مؤسسيا دوليا عن طريق الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وعموما حتى الآن ما زال الإعلام اللبناني يمارس هواية تنميط الفئات السياسية اللبنانية بين موالي ومعارض لسورية.. وتأسيسا على ذلك تستمر العلاقة الطردية التي تقول كلما أوغل الإعلام اللبناني في تنميط السياسة والسياسيين اللبنانيين بين موالي ومعارض لسورية فانه كلما تعمق هذا التنميط الثنائي الانقسامي في البيئة السياسية اللبنانية أكثر فأكثر... على النحو الذي يعزز أكثر فأكثر قدرة إسرائيل.. ومن ورائها أمريكا وفرنسا في القيام باستخدام المزيد من بذر بذور نظرية المؤامرة الجديدة، وهي بذور تقوم بتحسينها مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية التابعة لجماعة المحافظين الجدد، وجهاز الموساد الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية لجهة إضفاء التحسينات النوعية الجديدة عليها.. ثم بذرها وزراعتها في التربة اللبنانية بعد التأكد من جدواها ومدى صلاحيتها.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد