ما هي أهداف زيارة شاؤول موفاز لواشنطن؟
الجمل: تقول المعلومات القادمة من إسرائيل بأن الجنرال شاؤول موفاز أحد كبار نواب رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت، سوف يغادر تل أبيب هذا الأسبوع إلى واشنطن، وذلك لمناقشة المسؤولين الأمريكيين حول إمكانية استئناف محادثات السلام مع سوريا.
• خلفيات الزيارة:
تتمثل خلفيات الزيارة في الخلاف بين إدارة بوش وحكومة أولمرت حول استئناف مفاوضات السلام مع سوريا، وهي خلفيات تمتد جذورها البعيدة إلى عام 1996م، عندما تبنت مجموعة الليكود الإسرائيلي استراتيجية السلام مقابل السلام بدلاً عن استراتيجية الأرض مقابل السلام، وصفق الإسرائيليون كثيراً لهذه الاستراتيجية، وحاولت حكومة ايهود أولمرت مدفوعة بواسطة الإدارة الأمريكية تحويل هذه الاستراتيجية إلى حقيقة عن طريق محاولة تحقيق النصر الخاطف في حرب الصيف الماضي ضد حزب الله اللبناني، ولكن بعد هذه الحرب تعرضت استراتيجية السلام مقابل السلام إلى نكسة كبيرة، وأصبح الرأي العام الإسرائيلي أكثر انتقاداً لأداء حكومة أولمرت.. وبالمقابل أصبحت حكومته تبحث عن إنجاز حقيقي يضاف إلى رصيدها على النحو الذي يحقق البقاء لتحالف كاديما أمام خصومه السياسيين في الشارع السياسي الإسرائيلي، وبالمقابل ظلت إدارة بوش أكثر تمسكاً بمواقفها الرافضة للسلام مع سوريا وذلك بسبب سيطرة عناصر اللوبي الإسرائيلي المتحالفة مع الليكود مثل ايليوت أبراهام على دوائر صنع القرار في مجلس الأمن القومي الأمريكي والبيت الأبيض.
• أهداف الزيارة:
المعلومات المتاحة تعكس الجوانب الشكلية، والتي تتمثل في توقيت الزيارة، (نهاية الأسبوع) والغرض العام للزيارة (مناقشة الأمريكيين حول إمكانية استئناف مفاوضات السلام مع سوريا).. وغير ذلك.
ولكن التحليل من العمق لمضمون الزيارة يشير إلى أن توقيت الزيارة يرتبط بالضغوط الداخلية التي تتعرض لها حكومة أولمرت، وبالذات من جانب بعض الضباط العسكريين الذين أصبحوا أكثر قناعة بضرورة الدخول في مفاوضات سلام بدلاً عن خوض الحرب التي قد تجلب للحكومة الإسرائيلية كوارثاً أكثر من تلك التي جلبتها حرب الصيف الماضي.
كذلك، على الأغلب أن يقوم الجنرال موفاز بعقد سلسلة من اللقاءات تشمل ديك تشيني، ايليوت ابراهام، كوندوليزا رايس، روبرت غاتز، وجورج بوش.. وعلى الأغلب أن يركز شاؤول موفاز في مشاوراته مع المسؤولين الأمريكيين على (ذريعة) ضرورة التفاوض مع سوريا لأن ذلك في حد ذاته سوف يخفف من دعم سوريا للأطراف المعادية لإسرائيل في المنطقة.
أما من الناحية السياسية فإن زيارة موفاز تعكس محاولة من حكومة أولمرت الهادفة للالتفاف على مركز قوة الليكود الإسرائيلي، وذلك عن طريق استقطاب تأييد ومساندة عناصر الإدارة الأمريكية التي ظل الليكود يعتمد عليها في إبراز قوته أمام الرأي العام الإسرائيلي.
• أبرز التوقعات:
الإدارة الأمريكية تتميز بطبيعتها الذرائعية المتشددة، وذلك على النحو الذي ظلت ترفع فيه سقف شروطها ضمن ما يفوق حد المبالغة والتصور، وبالتالي فعلى الأغلب أن يوافق المسؤولون الأمريكيون لحكومة أولمرت باستئناف مفاوضات السلام، ولكن ضمن شروط أكثر تعقيداً.
أما بالنسبة لشروط التفاوض مع سوريا، فسوف لن تختلف كثيراً عن الشروط التفاوضية التي حددها شيمون بيريز نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي في لقائه مع ديفيد ماكوفيسكي خبير عملية سلام الشرق الأوسط بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
وعموماً، التنسيق الإسرائيلي- الإمريكي في الملفات الشرق أوسطية، يظن الكثيرون أنه يتم بين طرفين مستقلين عن بعضهما، ولكن ما يغيب عن بال الكثيرين يتمثل في أنه تنسيق يدور بين طرفين يمثلان ظاهرياً شيئاً مختلفاً وباطنياً شيئاً واحداً، وذلك لأن الطرف الأمريكي، يمثل الطرف المخترق بواسطة اليهود الأمريكيين ذوي الولاء المزدوج الذين يحملون الهويات الأمريكية جنباً إلى جنب مع مشاعر الانتماء لإسرائيل على النحو الذي يدفعهم في معظم الأحيان إلى تغليب مصلحة إسرائيل على مصلحة أمريكا.. وما حرب الصيف الماضي ضد حزب الله اللبناني إلا دليل واضح على ذلك.
التنسيق مع الإدارة الأمريكية هو في حقيقته تنسيق يهدف إلى الضغط على الليكود الإسرائيلي من أجل (التنسيق) مع حكومة أولمرت.
يتوقع الكثيرون موافقة إسرائيل على استئناف مفاوضات السلام مع سوريا.
ولكن بأي طريقة؟ وبأي شروط؟ فإنه لم تتضح الصورة بعد، ولكن على الأغلب أن تحاول إسرائيل إرضاء أمريكا وطرح المزيد من الشروط التي تتعلق بالملف اللبناني، والفلسطيني، وربما العراقي.. هذا إذا استطاع موفاز إقناع الأمريكيين بذلك في زيارته إلى واشنطن.. كذلك ربما تحاول إسرائيل استخدام قبولها للتفاوض مع سوريا كذريعة لاشتراط إجراء بعض التعديلات على مبادرة السلام العربية، أو ربما تحاول إسرائيل أن تعلن عن مبادرة سلام خاصة بها برعاية أمريكية، بحيث تتبنى أربعة مبادرات: مفاوضات لبنانية- إسرائيلية، مفاوضات فلسطينية- إسرائيلية، مفاوضات- سورية إسرائيلية، ومفاوضات عربية- إسرائيلية، بحيث تقدم التنازلات في المفاوضات مع العرب.. وتتشدد في المسارات التفاوضية الأخرى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد