ماذا تريد الولايات المتحدة من لقاء بغداد المرتقب ؟
الجمل: اللقاء المرتقب في العاشر من آذار الجاري في بغداد، والذي سوف يجمع: سوريا، إيران، والولايات المتحدة، هو لقاء ينظر إليه الكثير من المحللين السياسيين باعتباره سيمثل نقطة التحول الكبرى، والتي سوف يعقبها أحد السيناريوهين:
- سيناريو تهدئة وتنفيس الأزمة.
- سيناريو تصعيد الأزمة.
نشر الباحث ديفيد بولوك التابع لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تحليلاً على موقع المعهد، حمل عنوان (اللقاء مع جيران العراق: بناء الثقة، أم الأبعد من ذلك؟).
تناول الباحث الموضوع ضمن ثلاثة نقاط، يمكن تناولها على النحو الآتي:
• تبديل أم خلط الأوراق:
سيجلس المسؤولون السوريون والإيرانيون والأمريكيون جنباً إلى جنب في بغداد ضمن سياق العمل الدولي المكثف الحالي حول الملف العراقي، وبرغم أن الجهود السابقة لم تكن تتميز بالشفافية اللازمة، ولم تنجح في التوصل إلى شيء، إلا أن مفاجأة إعلان الولايات المتحدة الجديدة عن قيام اللقاء الدولية في بغداد لم تتحدد تداعياتها بعد، هل ستؤدي إلى تيديل الموقف الأمريكي، أم ستؤدي إلى خلط الأوراق في المنطقة، أم إلى شيء غير ذلك.. وأبرز الأسئلة التي تدور حالياً في أذهان المحللين تتمثل في:
ـ ما هي الأجندة الأمريكية؟ ولماذا تم إجراء اللقاء في هذا الوقت بالذات، وما هو التأثير المتوقع للقاء على أزمة العراق، وبقية أزمات المنطقة؟ فالجميع يعرف أن أزمة أمريكا في العراق، تمثل جانباً واحداً، وهناك أزمة أمريكية- إيرانية، وأزمة أمريكية- سورية.. وبالتالي ما هو تأثير الاجتماع على الأزمات الأخرى..
• لماذا الآن:
اللقاءات من هذا النوع تتطلب الكثير من التحضير والإعداد والزيارات الدبلوماسية وتبادل وجهات النظر المبدئية.. واللقاء المرتقب في العراق ظل ضمن أجندة الإدارة الأمريكية منذ لحظة اللقاءات الثنائية المكثفة التي جمعت بين أمريكا والسعودية وإيران، والعراقيين.
كانت مواقف الأطراف الثلاثة متباينة، فالإدارة الأمريكية ظلت ترفض بشدة أي تعامل مع سوريا، وإيران.. وإيران ظلت تتمسك بشدة بعدم قبول أي شروط مسبقة في حوارها مع الإدارة الأمريكية، أما سوريا فالتزمت بسياسة ترك الباب مفتوحاً للحوار أمام الراغبين.
• ما الذي يتوقع أن يخرج به الاجتماع:
يعتبر اجتماع بغداد المرتقب، أول اجتماع دولي معلن يضم الأمريكيين جنباً إلى جنب مع السوريين والإيرانيين، واستناداً إلى ذلك يرى بعض الخبراء بأن هذا الاجتماع سوف يسفر عن بعض النتائج الهامة التي ربما تكون حاسمة في مسار الأزمة العراقية وبقية أزمات المنطقة. كذلك يشير الخبراء إلى أن أبسط ميزة لهذا اللقاء تتمثل في أن مكان انعقاده هو العاصمة العراقية بغداد، ومن ثم، فإن مضي كل شيء على ما يرام حسب الخطة التي قد يتم الاتفاق عليها، والتي سوف تركز بالأساس على تعزيز قدرة الحكومة العراقية – الحالية- في الدفاع عن السيادة العراقية، وتحقيق الاستقرار والأمن.
كذلك هناك آراء تقول بأن اللقاء سوف يطرح فرصة للإدارة الأمريكية لتجاوز إحباطاتها التي عبّرت عنها خلال الفترة السابقة إزاء سوريا وإيران.
وعموماً نقول: تعليقاً على ورقة معهد واشنطن بالملاحظات الآتية:
- إن اللقاء المرتقب يأتي ضمن ما يعرف في إدارة الأزمات السياسية الدولية، بعملية تصعيد الجهود الدبلوماسية، وهي عملية ظلت وفقاً لتقاليد السياسة الدولية ترتبط بالتهدئة العسكرية، أو على الأقل الإبقاء على الوضع الراهن، ولكن في الحالة العراقية الماثلة أمامنا، نجد أن الإدارة الأمريكية قد قبلت بعقد هذا اللقاء ضمن عملية تصعيد الجهود الدبلوماسية، ولكنها في الوقت نفسه تقوم على الصعيد الميداني العسكري بانتهاج إستراتيجية رفع عدد قواتها العاملة في المسرح العراقي بما يقارب 15% من عددها الكلي.. وهو تصعيد كبير نسبياً بالمقاييس العسكرية.
- يبلغ عدد جيران العراق خمس دول، ظلت الإدارة الأمريكية تتعامل معهم وفق الاعتبارات الآتية:
* حلفاء أمريكا: وهو تركيا، السعودية، الأردن، والكويت.
* خصوم أمريكا: وهم سوريا وإيران.
وفي هذا اللقاء بالذات بدا واضحاً أن الإدارة الأمريكية لم تحرص على أن يضم اللقاء حلفاءها الآخرين، فهل يا ترى برزت في المنطقة (ظاهرة حلفاء أمريكا المنسيين: تركيا، السعودية، الأردن، تركيا، الكويت).
أم أن في الأمر شيئاً غير ذلك، وبالتالي سعت الإدارة الأمريكية إلى تغييب هؤلاء الحلفاء المنسيين، حتى لا يتأثروا بآراء سوريا وإيران بما يؤدي إلى دفعهم لتعديل مواقفهم وتشكيل (ضغوط عكسية) تسبب إزعاجاً أكثر فأكثر للإدارة الأمريكية.
سوف يحاول الأمريكيون الحديث مع سوريا وإيران، على أساس اعتبارات أن أمريكا تقبع حالياً في مركز القوة.. ولكن ما يعرفه الأمريكيون جيداً، ويحاولون إخفاءه هو علمهم التام بأن السوريين والإيرانيين يمسكون بالكثير من الأوراق الشرق أوسطية الهامة، وهي أوراق لولا وجودها، لما سعى الأمريكيون بالأساس إلى عقد هذا اللقاء.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد