موسكو وبكين تتوّجان تقاربهما: عقد للغاز بـ400 مليار دولار

22-05-2014

موسكو وبكين تتوّجان تقاربهما: عقد للغاز بـ400 مليار دولار

فشل الرهان الغربي أمس، على معوقات تخرق العلاقات الروسية الصينية، حيث توجت الدولتان تقاربهما بالتوقيع على اتفاق تاريخي لتصدير الغاز الروسي إلى بكين بقيمة 400 مليار دولار على مدى 30 عاماً، قبيل اختتام القمة الرابعة لـ"مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا" (سيكا) في مدينة شنغهاي الصينية، التي شهدت على هامشها أيضاً، اجتماعاً بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني.
شي وبوتين يقفان خلف مدير "غازبروم" ألكسي ميلر" (يسار) ومدير "سي أن بي سي" زو جي بينغ خلال توقيع الاتفاقية في شنغهاي أمس (أ ب أ)
وبعد فشل التوصل إلى اتفاق أمس الأول، وقعت شركة "غازبروم" الروسية مع شركة البترول الوطنية الصينية "سي أن بي سي" أمس، اتفاقاً طال انتظاره لتزويد الصين بالغاز الطبيعي، يضمن لأكبر دولة مستهلكة للطاقة في العالم مصدراً جديداً مهماً للوقود النظيف، ويفتح لموسكو سوقاً في ظل بحث أوروبا عن مصادر أخرى للطاقة.

وبموجب الصفقة، تورّد روسيا 38 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى الصين لمدة 30 عاماً. وتقدر قيمة الصفقة بما يزيد عن 400 مليار دولار.

وشهد بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ توقيع الصفقة في شنغهاي، حيث أكد الرئيس الروسي أن بلاده سوف تستثمر 55 مليار دولار في التنقيب عن الغاز ومد خط أنابيب إلى الصين.

وقالت مصادر في "غازبروم" إن الصين عرضت دفع أكثر مما تدفعه في مقابل إمدادات الغاز من تركمانستان، والذي يبلغ نحو تسعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بينما بلغ أقل عرض من روسيا حوالي 9,67 دولار. وكانت هناك نقطة شائكة أخرى تمثلت في ما إذا كانت الصين ستدفع مبلغاً كبيراً مقدماً للمساهمة في تمويل تكلفة البنية التحتية.

وفي سياق آخر، خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "سيكا"، ألقى بوتين كلمة اعتبر فيها أن إقليم آسيا والمحيط الهادئ بحاجة إلى "هيكلية أمنية تضمن تعاوناً حقيقياً متوازناً ومتكافئاً وتناغماً في المصالح بين دوله".

وقال الرئيس الروسي إن "المنظومة المستقبلية للأمن الحقيقي والمتكافئ ينبغي أن ترتكز على آليات ديبلوماسية ثنائية ومتعددة الأطراف تستثني أي منظومات أو تحالفات منغلقة أو ضيقة"، مشيراً إلى أنه "ينبغي على أعضاء المؤتمر أن يعملوا معاً على حل المشاكل الحادة في إقليم آسيا والمحيط الهادئ، حيث البؤر الكبرى للتناقضات مازالت تحتفظ بوجودها، إلى جانب مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب والتطرف الديني والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والقرصنة، وهي مخاطر تشكل تهديداً للإقليم برمته".

وسمّى بوتين النزاع السوري وعدم تسوية قضية الشرق الأوسط من بين أخطر العوامل التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، داعياً إلى توحيد الجهود لمواجهة هذه التحديات.

وفي سياق آخر، أشار الرئيس الروسي إلى أنه تمّ في إطار مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة إنشاء مجلس أعمال مهمته تفعيل التعاون في إطار قطاعَي الأعمال الصغيرة والمتوسطة. واقترح كخطوة أولى في هذا المجال إشراك ممثلي قطاع الأعمال الصغيرة في تنفيذ المشاريع الابتكارية، كما دعا إلى زيادة التعاون بين الدول الأعضاء في المؤتمر في المجالات الإنسانية، وفي مقدمتها تبادل الخبرات الشبابية، مقترحاً في هذه السياق عقد لقاء مشترك للمجالس الشبابية التابعة للمؤتمر ولـ"منظمة شنغهاي للتعاون".

بدوره، أكد الرئيس الإيراني أن تعزيز الروابط الاقتصادية بين الدول الأعضاء في المؤتمر والقيام باستثمارات مشتركة، "من أكثر الطرق فاعلية لتشجيع التقارب بين دول المنطقة".

وشدد روحاني على أهمية التفاعلات الإقليمية، موضحاً وجهة النظر الإيرانية حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية كقضايا الأمن والإرهاب وحقوق الإنسان والتعاون بين دول المنطقة، ومؤكداً ضرورة نشر الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة عبر التعاون بين "سيكا" والمنظمات الإقليمية الأخرى. كما أكد ضرورة تعاون الدول الأعضاء "لبلوغ عالم منزوع من السلاح النووي".

وقال الرئيس الإيراني إن "إيران وانطلاقاً من عقيدتها ومبادئها ترفض السلاح النووي، فيما تؤكد حقها وجميع الدول الأخرى في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وتعتقد أن المباحثات النووية الجارية (مع المجموعة السداسية) يمكن أن تفضي إلى اتفاق نووي قائم على قاعدة "ربح - ربح"، يضمن حقوقها النووية ويبدد القلق الذي يساور الجهات المفاوضة بشأن برنامجها النووي.

وتطرق روحاني إلى الكارثة الإنسانية في سوريا، قائلاً إن "الأزمة لو استمرت في سوريا فقد تتجاوز حدود هذا البلد لتمتد إلى سائر الدول"، مضيفاً أن "السلام والاستقرار في سوريا مرهون بتوفير الظروف اللازمة من أجل التوصل إلى حوار وطني يجمع الحكومة والمجموعات والفصائل المختلفة التي لا تلجأ إلى العنف وتطالب بالأمن والاستقرار في بلادها".

وأشار الرئيس الإيراني إلى القضية الفلسطينية "وما يعانيه الشعب الفلسطيني من جراء العنف والتشريد والقمع والاضطهاد الذي يمارسه الكيان المحتل ضده". وقال إن "عدم اكتراث المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية أدى إلى تمادي الكيان الصهيوني في ممارساته التوسعية، ما وسّع أبعاد الكارثة الإنسانية للشعب الفلسطيني".

وعلى هامش المؤتمر، اجتمع الرئيسان الروسي والإيراني، معتبرَين أن التقارب والتعاون بين إيران وروسيا يرسيان دعائم الاستقرار والأمن في المنطقة. وأكد الرئيسان دفء العلاقات وتنامي الصداقة والثقة بينهما.

وأوضح بوتين خلال اللقاء أن "إيران وروسيا تنفذان مشاريع مشتركة، إلا أن لديهما إمكانيات وطاقات كثيرة أخرى، تنبغي الاستفادة منها في سياق تنمية العلاقات بينهما".

وفي ختام المؤتمر، أعرب زعماء الدول الأعضاء، في بيان ختامي، تأييدهم لتسوية النزاع في الشرق الأوسط من خلال تطبيق حل الدولتين، ودعوا إلى ضرورة تنفيذ جميع القرارات الدولية ذات الصلة بهدف التوصل إلى سلام وطيد وعادل في الشرق الأوسط واستئناف المفاوضات الهادفة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وتحقيق حل الدولتين اللتين تعيشان بسلام وأمن. كما أيدوا مجدداً فكرة إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، ومنطقة خالية من السلاح النووي في آسيا الوسطى.

وشدد البيان على "ضرورة التصدي للإرهاب والمخاطر المعاصرة والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات"، مضيفاً أن "النزعات الانفصالية والتطرف تشكلان تهديداً للسيادة والوحدة الوطنية وسلامة أراضي الدول وأمنها واستقرارها".

وأكد البيان الختامي أيضاً "أهمية تنويع مصادر الطاقة وسبل إيصالها إلى المستهلكين وزيادة كفاءة الأسواق العالمية للطاقة"، معترفاً في الوقت نفسه "بحق جميع الدول بتطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية واستثمارها مع مراعاة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية".

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...