نقص وعجز وتحديـات في موازنة 2008
ثمة ما يستأهل الوقوف والتوقف ملياً بعد إصدار قانون الموازنة العامة للدولة لعام 2008، لأن في إصدار قانون الموازنة في موعده الدستوري وضع العديد من الاستحقاقات و«المشاكل» أمام أصحابها، فإن تتناقص ايرادات النفط وتتناقص فوائض المؤسسات الاقتصادية في آن، فقد لايكون من حل أمام الحكومة، سوى البحث عن آليات قابلة للتطبيق على الأرض، لتخفيض عجز الموازنة وأيضاً البحث عن زيادة الإيرادات العامة وشد الأحزمة لترشيد وضغط الانفاق العام، عسى أن تحقق الموازنة بشقيها -الجاري والاستثماري -الأهداف التنموية ويسير الأداء الحكومي بالتوازي مع الأداء الخاص بالتطوير والتنمية.
لإصدار الموازنة هنا وجهان، الأول أن قانون الموازنة صدر في موعده الدستوري بعد أن أصدر رئيس مجلس الوزراء تعميماً لتحضير مشروعاتها الاستثمارية لعام 2008، وليس هذا فقط، بل جاء قانون قطع الحسابات لعام 2006 في عام 2007 ليساهم في الوقوف على نسب التنفيذ ويدلل على نسب العجز أيضاً وليزيد من وضوح وشفافية موازنة عام 2008.
كما ما يمكن أن يكون على درجة من الأهمية هو الانتهاء من التعليمات التنفيذية لقانون الموازنة مايتيح تنفيذ الموازنة مع مطلع العام، وهو ما كان في خانة الأماني في السنوات الماضية، وطبعاً خفض الدين الخارجي الى 10.6 مليارات ليرة سورية.
أما الوجه الآخر والذي يمكن اعتباره موجعاً في موازنة عام 2008 هو تدني نسبة مساهمة النفط بعد أن انخفض حجم الايرادات من 246 مليار ليرة عام 2007 الى نحو 100 مليار عام 2008، أي، وفي منتهى البساطة انخفض حجم الايرادات النفطية دفعة واحدة بنحو 143 مليار ليرة سورية.
وكذا نقص فوائض المؤسسات الاقتصادية من نحو 227 مليار ليرة العام الجاري الى نحو 90 مليار ليرة في موازنة عام 2008.
إن أخذنا بالاعتبار موارد الخزينة العامة «نفط، ضرائب، فوائض المؤسسات الاقتصادية» فلا شك أننا أمام أزمة مالية متصاعدة، فحال موارد النفط في تراجع وكذا فوائض المؤسسات الاقتصادية العامة لتبقى لنا الضرائب، وهي الأخرى مجال بحث يطول وخاصة إن أخذنا بالاعتبار حجم التهرب الضريبي الذي يقال إنه نحو 200 مليار ليرة سورية.
إذاً، عجز الموازنة العامة للدولة لعام 2008 يقدر بنحو 192 مليار ليرة سورية، أو ما نسبته 9،8٪ من حجم الناتج المحلي الاجمالي، ولما كانت موارد الخزينة في تناقص يصعب ايجاد الأجوبة لتلك الأسئلة المعلقة والتي قد يكون أبسطها «من أين، أو وماذا بعد؟».
هنا قد يكون من الأهمية بمكان الاشارة -ولو اشارة -إلى شقي الموازنة العامة للدولة، فالاعتمادات الجارية في موازنة عام 2008 بلغت 370 مليار ليرة أي ما نسبته 62٪ من حجم الموازنة العامة والاستثمارية 230 مليار ليرة أي مانسبته 38٪ من حجم الموازنة، ما أثار بعض الأسئلة وخاصة بالنسبة لاعتمادات العمليات الاستثمارية، إلا أن المؤشر -على ما أعتقد -لايدلل على تراجع دور الدولة بقدر ما يؤشر على الاضطرار لخفض كتلة العمليات الاستثمارية نتيجة تراجع موارد النفط وفوائض المؤسسات الاقتصادية.
أخيراً، قد يكون السؤال الأهم هنا، من أين سيحول عجز الموازنة العامة للدولة، هل -كما كان -عبر الاقتراض من المصرف المركزي، رغم أن ماتفعله وزارة المالية يبعد هذا الاحتمال لأنه يولد الترهل وعدم السعي جدياً لايجاد موارد.
أم أن سندات الخزينة التي وعدت بها وزارة المالية ستصدر قريباً ليتم التحويل عبر الدين الداخلي كما تفعل أكثر الدول تطوراً في العالم.
أعتقد أن شفافية الموازنة طرحت أسئلة كثيرة لابد من البحث عن إجابات لها، وأعتقد أن لاجدوى من أي جواب نظري.
عدنان عبد الرزاق
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد