هآرتس: نصر الله أكثر كرماً من أولمرت
يمكن أن نرى ونفهم المستوى الذي وصلت إليه القيادة السياسية في فهم نتائج الحرب، من الطريقة التي تُجيب فيها عن تلك النتائج المُذلة: عمير بيرتس، مثلاً، يُعد لتأليف لجنة فحص من قبله، ودان حلوتس، يتشاور مع كبار المحامين والمستشارين المعروفين، والناطقة بلسان الجيش تتحدث مع العديد من شركات الإعلان والنشر، وإيهود أولمرت يقوم بجولات لا طائل منها بين مستوطنات الشمال التي كان قد أعلن منها الكثير من الوعود والتعهدات التي ذهبت هباءً.
تحدث أولمرت أربع مرات خلال الأسبوع الماضي عن إعمار الشمال؛ لم يجد وقتاً ضرورياً ليحلل مصادر الإزعاج والغضب التي تعم أوساط سكان الشمال. وبدلاً من أن يكون عملياً، وأميناً، لكي يحدد مدى الأضرار التي شاهدها وقرأ عنها، وأن يعرض الحلول والبرامج الفعلية للإصلاح، حاول أن يستعرض الأمر وكأنه كارثة بسيطة يمكن التغلب عليها بسرعة، وأن الشمال لا ينقصه إلا الدعم السياسي، وأنه سريعاً ما سيتمكن ــ أولمرت ــ من إصلاحه وأن يجعله من جديد جنة على الأرض.
للوهلة الأولى كان يمكن أن يُفهم من كلامه أن الدولة كانت تنتظر مثل هذا الدمار في منطقة حيفا وفي الحدود الشمالية مع لبنان لكي تعود وتبنيها من جديد. ويوم الخميس الماضي تجرأ ونطق بأرقام مالية ستستثمر لهذا الغرض 10 مليارات شيكل. سمعنا بأن نصر الله يدفع لكل عائلة هُدم بيتها 15 ألف دولار في جنوب لبنان، وأولمرت يدفع بالعملة نفسها لكي يُرضي السكان في الشمال، مع الفارق طبعاً.
إن الأموال لن تُلبي كل المطالب «ولا سيما أنها لا يمكن عدها علاجاً كافياً لكل مريض». من الواضح أن حجم الدمار يمكن إصلاحه، ولكن قبل أن يبدأ أولمرت بتوزيع المليارات في الشمال، عليه أن يصغي إلى الرأي العام في إسرائيل وأن يُجيب عن السؤال المؤلم: هل وُجدت الآن الظروف المناسبة لقطع الوعود بشكل جديد للحياة وبتنظيم أفضل لسكان المناطق الشمالية؟ وهل تدفق الأموال الكبيرة من أجل تطوير الشمال لم يخطر بباله إلا الآن؟ وهل لا يمكن تأجيلها إلى المستقبل؟ كل هذا يحصل من دون أن نتمكن من تحقيق نوع من الاستقرار السياسي والأمني في الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان، فهل هذا ممكن؟
الأزمة التي برزت في هذه الحرب هي أنها امتدت إلى أوساط الجمهور والمجتمع بأسره؛ وكما أن الأزمة تطفو الآن على السطح ووصلت في حدودها إلى بيت الرئيس، فإن الحلول غير الجذرية لن تدع المسؤولين ممسكين بأيديهم بأطراف العمل والحلول. بات من حكم المؤكد أن ما حدث في هذه الحرب اللبنانية لا يمكن أن تمر عليه إسرائيل مرور الكرام من دون أن تُبعد عن ساحتها العملية ومصادر الحكم فيها، المسؤولين عن الأحداث، وبعد ذلك يمكن للجميع أن يتحدث من دون أن ينثر الوعود بمليارات الشواكل لكمِّ الأفواه.
عوزي بنزيمان ــ «هآرتس»
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد