واشنطن تضخ المليارات في المصارف ... والبورصات لا تستجيب
ساد الحذر في الأسواق العالمية، أمس، بعد ساعات من بدء التعاملات، عندما تراجعت أسهم بورصة »وول ستريت« مجدداً، رغم البدء بتنفيذ المرحلة الأولى من خطة الإنقاذ الأميركية، في وقت قللت مراكز القرار الاقتصادي من توقعاتها بشأن الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً في محاولة للحد من آثار الأزمة، وآخرها خطة إنقاذ القطاع المالي المتداعي عبر ضخ ٢٥٠ مليار دولار في رؤوس أموال المصارف وتقديم ضمانات جديدة للقروض.
وعادت بورصة »وول ستريت« إلى التراجع لتخسر المكاسب التي حققتها، أمس الأول. وبعدما افتتحت التداولات على ارتفاع تراجع مؤشر »داو جونز« بـ٠,١٢ في المئة، ومؤشر »ناسداك« بـ٢,١٤ في المئة، فيما خسر مؤشر »ستاندرد اند بورز« حوالي ٠,٨١ في المئة.
وقال الرئيس الأميركي جورج بوش، في مداخلة متلفزة من البيت الأبيض، ان »هذه الإجراءات لا تهدف إلى السيطرة على اقتصاد السوق وإنما للحفاظ عليه«، موضحاً أن إدارته ستستخدم قسما من أموال خطة الإنقاذ البالغة قيمتها ٧٠٠ مليار دولار »لضخ أموال في المصارف عبر شراء أسهم«.
من جهته، لفت وزير المالية الأميركي هنري بولسون الى ان مبلغ الـ٢٥٠ مليار دولار سيخصص لهذه الغاية، مضيفاً ان تسع مؤسسات مالية كبرى وافقت على ان تساهم الدولة في رؤوس أموالها في إطار هذا البرنامج، بتكلفة تصل إلى ١٢٥ مليار دولار، أي نصف المبلغ الذي أعلن عنه.
وأضاف بولسون »اليوم نتخذ اجراءات حاسمة لحماية الاقتصاد الاميركي«، معرباً عن أسفه »لاضطرارنا للقيام بمثل هذه التحركات، اجراءات ليست ما كنا نتمناه لكن علينا القيام بها لاستعادة الثقة في نظامنا المالي«.
كذلك، أعلنت الهيئة الفدرالية الأميركية لضمان الودائع المصرفية أنها ستضمن الديون الجديدة التي تحظى بأولوية للمصارف لمدة ثلاث سنوات، موضحة أن هذه الضمانة تتعلق بالسندات المالية الجديدة التي تصدرها المصارف حتى ٣٠ حزيران المقبل، على أن تبقى سارية حتى ٣٠ حزيران العام .٢٠١٢
وأشارت رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي إلى ان الكونغرس قد يعقد دورة بعد الانتخابات الرئاسية في الرابع من تشرين الثاني لدرس خطة جديدة لإنعاش الاقتصاد من اجل »إعادة بناء أميركا«.
وفيما يتوقع أن يلتقي بوش بنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو السبت المقبل في كامب ديفيد، قال متحدث باسم وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس إنها ألغت زيارة كانت مقررة إلى الإمارات، مفضلة البقاء في الولايات المتحدة للمساعدة في معالجة الأزمة المالية.
وفي أوروبا، صعدت الأسهم مدعومة بمكاسب لأسهم البنوك وشركات النفط، لكنها أغلقت دون أعلى مستوياتها للجلسة بعدما تخلت الأسهم الأميركية عن مكاسبها الأولية. وأغلق مؤشر »يوروفرست ٣٠٠« لأسهم الشركات الكبرى في أوروبا مرتفعا ٢,٧٦ في المئة إلى ٩٦٣,٢٨ نقطة بعدما بلغت مكاسبه في وقت سابق من الجلسة حوالي ٦,٥ في المئة.
أمّا في ايسلندا، فسجلت بورصة ريكيافيك عند افتتاحها للمرة الأولى منذ الخميس الماضي، انهيارا بنسبة ٧٦ في المئة، فيما بقي التداول في أسهم المؤسسات المالية فيها معلقاً.
ومع استمرار الحذر في الأسواق أكد رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون أن هناك مخاطر أكثر مما كان متوقعا في الأزمة، مشيرا إلى أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للنظام المالي العالمي.
وأوضح انّ »الإجراءات التي تقوم بها الدول في الوقت الراهن هي المرحلة الأولى من التدابير المطلوب اتخاذها، لكن هناك حاجة إلى اجراءات أخرى في المرحلة الثانية والتي تتضمن تأكيدات للمواطنين بأن المشكلات التي وضعتنا في هذا الوضع لا يمكن أن تحدث ثانية«.
من جهته، اعتبر رئيس المجموعة الأوروبية جان كلود يونكر ان »ما من سبب يدعو إلى إعلان انتهاء الأزمة المالية والمبالغة في التفاؤل«، وذلك رغم تجاوب الأسواق المالية مع خطة مساعدة المصارف في منطقة اليورو.
وتوقع المصرف المركزي الفرنسي ان يتراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة ٠,١ في المئة في الفصل الثالث من العام ،٢٠٠٨ الأمر الذي سيؤكد دخول ثاني اكبر اقتصاد في منطقة اليورو فترة انكماش.
إلى ذلك، ارتفعت مؤشرات أسواق المال الخليجية بقوة لليوم الثاني على التوالي بعد سلسلة خطوات اتخذتها الحكومات ساهمت على ما يبدو في ترميم ثقة المستثمرين. وعدا الكويت التي تراجعت بورصتها بنسبة ٠,٢٦ في المئة، سجلت جميع الأسواق الخليجية ارتفاعات كبيرة وعلى رأسها سوق الدوحة وسوق دبي اللتان كسب مؤشراهما حوالي ١٠ في المئة. أما مؤشر السوق السعودية، الأكبر في العالم العربي لجهة القيمة السوقية، فقد ارتفع بنسبة ٧,٢٩ في المئة، كذلك مؤشرات البورصة في مسقط (٨,٤ في المئة) والبحرين (١,٤ في المئة).
وكانت حكومة الإمارات قررت تخصيص ١٩ مليار دولار إضافية لدعم السيولة في القطاع المصرفي، وذلك في تدبير جديد لمعالجة المشاكل الناتجة عن الأزمة المالية العالمية.
وقال وزير الاقتصاد السعودي إن اقتصاد بلاده سيواصل النمو بمــعدلات تدعو للطــمأنينة رغم الأزمة المــالية العالمية التي توقع أن تخــفف من حدة التضخم.
من جهته، قال المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي ان المنظمة شكلت فريقا لمتابعة تطور الأزمة، مشيراً إلى احتمال توجيه الدعوة لأعضاء المنظمة لعقد اجتماع جديد بغية درس التدابير الواجب اتخاذها »في حال وصلتنا معطيات تشير إلى ان الأوضاع المالية قد يكون لها عواقب أكثر جدية على النظام التجاري«.
من جهة ثانية، ارتفع سعر اليورو على نطاق واسع تاركا الين في الظل بعدما أيد المستثمرون خطط الحكومات الأوروبية لدعم القطاع المصرفي المتهاوي. وارتفع سعر العملة الأوروبية بنحو ٢ في المئة أمام الين (١٤١,٣٠ ين) وبأكثر من واحد في المئة أمام الدولار (١,٣٧٤٠).
في المقابل، هبطت أسعار العقود الآجلة للنفط الأميركي أكثر من دولارين للبرميل، في تعاملات متقلبة بفعل مخاوف من ان الاقتصاد ينزلق إلى الركود، حيث سجل الخام الأميركي الخفيف للعقود تسليم تشرين الثاني المقبل ٧٩,١١ دولارا للبرميل، متراوحا في نطاق حده الأدنى ٧٩,٠٠ دولارا والأعلى ٨٤,٨٣ دولارا، فيما ارتفع سعر الذهب أكثر من اثنين في المئة والبلاتين بنسبة أربعة في المئة بما يعكس ارتفاعا عاما في أسعار السلع.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد