وظائف مركز العمليات الاستطلاعية والتجسسية الأمريكي في إيطاليا
الجمل: تم الإعلان رسمياً عن قيام 15 بلداً مشاركاً في عضوية حلف الناتو بالتوقيع على مذكرة تفاهم تتعلق بتعزيز قدرات استخدام وتوظيف برنامج الرادار الاستطلاعي والتجسسي وعلى خلفية تورط قوات حلف الناتو في أفغانستان واحتمالات تورطه المتوقعة في القوقاز والشرق الأوسط فإن للخبر أكثر من دلالة.
* ماذا تقول المعلومات؟
برغم أن حلف الناتو يضم في عضويته العديد من البلدان فإن هناك اتفاقية خاصة بين 15 عضواً في الحلف تتعلق بأنشطة التجسس والاستطلاع والدول الأعضاء في الاتفاقية هي: بلغاريا – تشيكيا – الدنمارك – الولايات المتحدة – كندا – إيطاليا – ألمانيا – إستونيا – لاتفيا – ليتوانيا – لكسمبرج – النروج – رومانيا – سلوفاكيا – سلوفينيا.
ونلاحظ أن عضوية هذه الاتفاقية تتكون من الولايات المتحدة وغالبية دول شرق أوروبا الصغيرة إضافة لإيطاليا وألمانيا والنروج والدنمارك التي ترتبط جميع حكوماتها باتفاقيات وعلاقات مخابراتية خاصة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وتقول التسريبات أن الاتفاقية وإن كانت تهدف في أساسها إلى تزويد الحلف بالمعلومات وتعزيز عملية صنع القرار العسكري والسياسي وتزويد دوائر التخطيط في الحلف بالمعلومات إضافة إلى توسيع معرفة قادة الحلف بالمعومات عن المسارح وتطورات الأوضاع الميدانية الجارية فإن مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها مؤخراً تسعى إلى دفع مفاعيل الاتفاقية في اتجاه تعزيز قدرة الولايات المتحدة في استغلال وتوظيف موارد الحلف المخابراتية والاستطلاعية.
التوقيع على مذكرة التفاهم تم في قاعدة سيفونيللا العسكرية الإيطالية التابعة لحلف الناتو وتقول المعلومات أن هذه القاعدة ستقوم بالدور الرئيس في إدارة عمليات التجسس والاستطلاع وفي الوقت ذاته تنسيق تبادل المعلومات المخابراتية والتحكم في تدفقها بحيث تحصل واشنطن على كل المعلومات وتحصل قيادات الحلف على بعضها أما دول حلف الناتو الأخرى غير الموقعة على التفاهم فلن تحصل على شيء إلا ما تجود عليها به قيادة الحلف من المعلومات المخابراتية القليلة الواردة إليها.
تقول التسريبات أنه لما كانت أمريكا هي البلد الوحيد الذي يتمتع بالقدرات التكنولوجية التجسسية والاستطلاعية المتطورة بالمقارنة مع دول مذكرة التفاهم الأخرى كبلغاريا واستونيا وسلوفينيا وتشيكيا، فإن زمام المبادرة والسيطرة المخابراتية الحقيقية ستكون في يد واشنطن.
* ما هو مستقبل الناتو في ظل الأوضاع الجديدة؟
تم تأسيس حلف الناتو ليقوم بدور الكيان العسكري المسؤول عن الدفاع عن القارة الأوروبية وتحديداً ضد الخطر الشيوعي، ولكن وبعد سلسلة من الخلافات الداخلية التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية بدا واضحاً أن مرحلة الصراع الأولى حول استمرار الحلف قد حسمت لصالح استمراره، ومرحلة الصراع الثانية داخل الحلف ما تزال جارية حول وضع قدرات الحلف في خدمة المشروع الأمريكي وبعد أن نجحت الولايات المتحدة في توريط حلف الناتو في أفغانستان فإنها تقوم حالياً بعملية نوعية للسيطرة على هياكل الحلف ومؤسساته بما يتيح لها تحقيق التفوق الداخلي في مؤسسات الحلف والذي يتضمن الآتي:
• تفوق كمي يركز على زيادة عدد أعضاء الحلف عن طريق ضم حلفاء أمريكا لتكون أغلبية القوة التصويتية فيه لصالح أمريك وقد سعت واشنطن لتطبيق ذلك عن طريق دفع الحليف باتجاه تنفيذ برنامج التوسع شرقاً.
• تفوق نوعي يركز على انفراد واشنطن بمزايا إضافية عن بقية أعضاء الحلف وإضافة للتفوق في مجال العتاد العسكري والتكنولوجي فإن مذكرة التفاهم الأخيرة هذه تعطي لواشنطن ميزة التفوق في مجال المعلومات داخل الحلف.
تشير الكثير من المعلومات والتسريبات إلى أن محور واشنطن – تل أبيب ما زال أكثر سعياً لجهة توريط حلف الناتو في الشرق الأوسط وبكلمات أخرى إذا كانت واشنطن ترتبط باتفاق مع تل أبيب يلزم أمريكا بالدفاع عن أمن إسرائيل فإن وجود ارتباط واشنطن بحلف الناتو هو أمر يشير بوضوح إلى أن أي تورط أمريكي في المواجهات العسكرية الشرق أوسطية سيترتب عليه بالضرورة تورط حلف الناتو في هذه المواجهات على الأقل لصالح أمريكا.
السعي لجلب قوات الناتو إلى الشرق الأوسط ظل لفترة طويلة حلماً يراود الإسرائيليين، أما الملاحظة الأكثر إثارة للانتباه فهي أن تركيا، برغم روابطها التاريخية والعسكرية والمخابراتية مع واشنطن فإنها ليست عضواً في اتفاقية الـ15 ولا في مذكرة التفاهم الأخيرة وتقول المعلومات أن استبعاد أنقرة تم بشكل متعمد لأن توجهاتها الحالية أصبحت مثار شكوك الأمريكيين وعدم قبول الإسرائيليين، وبكلمات أخرى إن وجود مركز العمليات الاستطلاعية والتجسسية في إيطاليا كان يجب أن يترتب عليه إدماج تركيا لأنها تقع ضمن المجال الحيوي الخاص بالقيادة العسكرية الجنوبية لحلف الناتو وبالتالي فإن عمليات الاستطلاع والتجسس المتوقع إدارتها من القاعدة العسكرية في إيطاليا سوف لن تركز وحسب على استهداف دول الشرق الأوسط مثل سوريا وإيران وغيرها، وإنما كذلك ضد تركيا نفسها على أمل توسيع نطاق دائرة العمليات السرية الأمريكية – الإسرائيلية التي ستتم ضد تركيا عبر قنوات ونوافذ حلف الأطلنطي خلال المراحل القادمة التي يتوقع أن تشهد العلاقات التركية – الأمريكية والتركية – الإسرائيلية فيها صراعاً أكبر والعلاقات التركية – السورية والتركية – الإيرانية تعاوناً أكبر.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد