مستقبل محافظة الأنبار في المنظور الأمريكي
الجمل: تنظر الأجهزة الأمريكية وسلطات الاحتلال الأمريكي بقدر كبير من الأهمية لمحافظة الأنبار العراقية، وعلى وجه الخصوص لجهة مستقبل هذه المحافظة ومدى إمكانية توظيف قدراتها في التأثير على معطيات الوقائع الجارية في منطقة شرق المتوسط. فما أهمية محافظة الأنبار؟ وما هي السيناريوهات الأمريكية قيد الدراسة إز اء مستقبل الأنبار؟
* التدقيق الأمريكي الجاري إزاء الأنبار: ماذا تقول المعلومات؟
أعد الباحثان الأمريكيان «جيمس بروس» و«جيفري مارتيني» ورقة بحثية حول مستقبل محافظة الأنبار العراقية وذلك لصالح البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) وتحديداً لصالح جهاز مخابرات قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز). هذا، وقد تم إعداد هذه الورقة البحثية بعد جهود مضنية تضمنت الآتي:
- عقد سلسلة من ورش العمل التي استمرت ثلاثة أيام كاملة.
- مشاركة فريق عمل يتكون من 30 محللاً سياسياً – اجتماعياً – اقتصادياً – عسكرياً وأمنياً.
- قيام الخبراء بسلسلة من الزيارات المبدئية لمحافظة الأنبار.
تقول المعلومات بأن الورقة البحثية، وإن كان قد تم إعدادها بشكلٍ مختصَر في حدود 28 صفحة – فإن قيمتها المعرفية والعلمية تتعدى ذلك بقدر كبير، وعلى وجه الخوص فيما يتعلق بالتصورات الخاصة بمستقبل الأنبار.
* مقاربة الأنبار: السؤال الحرج والإجابة الحائرة
تصدت الورقة البحثية إلى معالجة السؤال الآتي: ما الذي يتوجب على الأمريكيين توقعه إزاء مستقبل محافظة الأنبار العراقية خلال الفترة الممتدة إلى حين إكمال القوات الأمريكية انسحابها من العراق؟ وفي معرض التوصل للإجابة المحددة على هذا السؤال، فقد سعت الورقة البحثية إلى مقاربة العلاقات بين الآتي:
- العلاقة بين متغير محافظة الأنبار ومتغير بقية أجزاء العراق.
- العلاقة بين متغير سلطة محافظة الأنبار ومتغير سلطة الدولة في بغداد.
- العلاقة بين متغير مجتمع الأنبار ومتغير المجتمع العراقي.
- العلاقة بين متغير محافظة الأنبار ومتغير مناطق الجوار العراقية الأخرى.
- العلاقة بين متغير محافظة الأنبار ومتغير دول الجوار الإقليمي: سوريا، الأردن والسعودية.
- العلاقة بين متغير الزعامات الدينية – السنية ومتغير الزاعامات القبلية – العشائرية.
- العلاقة بين متغير الكيانات السياسية في الأنبار ومتغير الكيانات السياسية العراقية الأخرى.
تحليل العلاقة بين كل هذه المتغيرات تم وفقاً لافتراضات تقوم على أساس الاعتبارات الآتية:
- تحديد الأوضاع الواقعية التي يمكن الاستناد عليها كأساس من أجل بناء مستقبل الأنبار بما ينسجم مع النموذج المطلوب أمريكياً.
- تحديد الأوضاع الوا قعية الموجودة، والتي يتوجب القضاء عليها إذا تبين أنها سوف تعرقل بناء النموذج المستقبلي الأمريكي.
- إجراء المزيد من الفحص والتدقيق في العوامل الواقعية التي تبدو حيادية التأثير، وذلك لحسم مدى إمكانية الاستفادة منها وتوظيفها بما يدعم بناء النموذج الأمريكي.
ناقشت ورشة العمل كل هذه التحديات بما أتاح التوصل إلى المعطيات التي يمكن للأمريكيين استخدامها وتوظيفها كمحفزات لدعم إسقاط النموذج لمطلوب أمريكياً لمستقبل محافظة الأنبار.
أشار الخبراء الأمريكيون إلى أن الاحتمالات الأكثر إمكانية للحدوث تتمثل في خمسة سيناريوهات أنبارية وهي:
- السيناريو الأفضل: أن تنعم محافظة الأنبار بالاستقرار.
- السيناريو الأسوأ: أن يتكتل المجتمع الأنباري السني ويشن الحرب ضد الأطراف الأخرى.
- السيناريو الوسط: أن تبرز شخصية أنبارية قوية تمارس القيادة والسطرة القوية على المجتمع الأنباري.
- السيناريو المتأرجح بين الوسط والأسوأ: أن تتكتل كل عشيرة أنبارية ضمن نطاقها.
- السيناريو المتأرجح بين الوسط والأفضل: أن تبرز شخصية أنبارية غير قوية تستند إما على الحكومة المركزية في السيطرة على الأنبار أو على المجتمع الأنباري في الضغط على الحكومة.
اشارت الورقة البحثية إلى ضرورة أن يسعى الخبراء إلى الأخذ بعين الاعتبار النظر إلى كل واحد من هذه السيناريوهات الخمسة باعتباره مؤشراً للإنذار المبكر والذي يتوجب من خلال رصد ملامحه تحديد ما هو مطلوب لجهة إعداد الترتيبات الأمريكية الكافية لاحتواء السيناريو الجاري. ولتحديد المبكر لكيفية السيطرة على مجريات السيناريو حتى لا يفلت ويؤدي إلى المزيد من النتائج العكسية التي لا تعمل في مصلحة تحقيق النموذج المطلوب أمريكياً.
* ما هو النموذج الأنباري المطلوب أمريكياً؟
تقع محافظة الأنبار في غرب العراق وهي تجاور العديد من الكيانات ذات الأهمية الفائقة بالنسبة لمستقبل الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط:
- إقليمياً: تجاور محافظة الأنبار سوريا، السعودية والأردن.
- محلياً: تجاور محافظة الأنبار مناطق شمال العراق وتحديداً إقليم كردستان العراق الذي تسعى واشنطن لاستخدامه كحصان طروادة في المنطقة، وأيضاً تجاور مناطق وسط العراق وعلى وجه الخصوصمنطقة العاصمة بغداد.
أما على اساس الاعتبارات السكانية – الديموغرافية، فيتميز سكان محافظة الأنبار بأن معظمهم من العرب المسلمين السنة، ويتميزون بميزتين هما:
- التقارب القبلي – العشائري – المذهبي مع سكان جنوب سوريا وشرقي الأردن.
- التناحر القبلي – العشائري – المذهبي مع سكان شمال العراق (الأكراد) وسكان جنوب ووسط العراق (المسلمين الشيعة).
تشير النوايا الأمريكية إلى وجود طموحات أمريكية تهدف إلى التوظيف السلبي لكافة المزايا التي تتمتع بها محافظة الأنبار، وذلك بما يتيح لمحور واشنطن – تل أبيب تحويل الساحة الأنبارية إلى ساحة لبنانية جديدة تهدد استقرار المنطقة، إضافةً إلى توفير المزايا للسكان الأنباريين بما يتيح تحويل المجتمع الأنباري إلى بيئة حاضنة أمريكية – إسرائيلية جديدة بما يمكن أن يؤدي إلى ظهور المزيد من نموذج «سمير جعجع» اللبناني وهو النموذج الذي ستحاول الأجهزة الأمريكية السعي من أجل الحصول عليه مستقبلاً من خلال تطوير نموذج أبو ريشة و غيره من المتعاملين الأنباريين الناشطين حالياً في جهود مكافحة المقاومة المسلحة الوطنية العراقية !!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
الله يحفظ العراق من كل طائفية
إضافة تعليق جديد